د. ناجح إبراهيم يكتب: “رضا عبدالسلام.. أسطورة العزيمة”
كتب د.ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان “رضا عبدالسلام..أسطورة العزيمة”، وتم نشره في جريدة الوطن الثلاثاء، ويسرد د.ناجح فى المقال حكاية رضا عبد السلام”إمام ذوي الهمم”لإذاعة القرآن الكريم.
• طفل بلا ذراعين يخرج من بطن الأم يصعق الجميع فتلجمهم المفاجأة , ولولا ثبات الأب وحكمته ما انتهى هذا اليوم بسلام , فقد حمل الصبي وقبل رأسه وصلى ركعتين مناشداً ربه ” يا رب أنت الذي خلقته هكذا وأنت الذي تسيره في الحياة , يا رب أنا تركته لك ” .
• كان الدعاء والركعات هما الطريق إلى النجاح الكبير الذي حققه هذا الطفل في حياته حتى وصل إلى منصب رئيس إذاعة القرآن الكريم في سابقة فريدة في تاريخ مصر , ولولا اهتمام مصر الآن حكومة وشعباً بذوي الهمم ما وصل مثله إلى هذا المنصب الرفيع.
• علمه والده الإرادة وبث فيه العزيمة وجعله منذ صغره يصنع كل شيء بنفسه,عندما جاء أوان دخوله الابتدائية رفضته كل المدارس فأخذه والده إلى وكيل الوزارة قائلاً ” لو أن لك ابناً مثله هل ستعلمه أم لا” , فدهش الرجل وحمل الأب ابنه وأجلسه على المكتب وأمره أن يكتب اسمه واسم مدرسته التي يريدها وقال له الوالد:إن رفضت سأذهب إلي جمال عبد الناصر به,فما كان من الرجل أن وافق وهو في حالة ذهول من طريقة كتابته الجميلة بقدمه,في المدرسة تدرب علي الكتابة بأسنانه.
• كان لعبد الوهاب مطاوع رائد الصحافة الاجتماعية المصرية فضل عليه إذ زكاه للعمل مذيعاً لدى فهمي عمر وكان صعيدياً شهماً ورائداً إذاعياً مرموقاً.
• رفض مرات كمذيع هواء فذهب بنفسه إلي حلمي البلك وأخذ يشرح له علمياً صلاحيته كمذيع هواء,وطلب منه أن يمتحن,وأخيراً امتحنته اللجنة ليصبح أول مذيع هواء في العالم بلا ذراعين.
• وهو المذيع الثالث في تاريخ الإذاعة الذي يحصل علي امتياز في اللغة العربية من العلامة كمال بشر”بعد العباقرة أمين بسيوني وفاروق شوشة وأهداه يومها هدية ما زال يفخر بها حتى اليوم ضمن المئات من شهادات تفوقه ونبوغه وعلو هامته وفكره.
• يقول عنه صديق عمره أ/محمد لطفي مهندس الصوت في إذاعة القرآن الكريم”همته من فولاذ تلهم كل من حوله,حاول الكثيرون إسقاطه وإهالة التراب عليه ففشلوا وارتفع هو دون حقد أو ضغينة أو رغبات انتقام,صديق متمرد بقلب من ذهب,طيب الشمائل والصفات,يحترم الصغير والكبير,ويبدأ بأفقرهم وأبسطهم,يهتم بمظهره رغم صعوبة ذلك,دمث الخلق إلي أبعد حد,نقي القلب لا يحمل غلاً ولا حقداً لأحد,عفويته وعدم تكلفه تخترق قلوب الآخرين.
• هكذا قال عن الرئيس الرابع العشر لإذاعة القرآن الكريم التي تحظي بالمكانة الأولي في معدل الاستماع رغم ضعف إمكانياتها المادية,ولكن هذه الإذاعة العريقة تكتسب بركتها وعظمتها وريادتها من عظمة القرآن وسنة النبي الكريم,ويكفي أنها الأقل في النفقات والأعلى في الاستماع بلا منازع,إنها جوهرة البيوت وسلوى المصريين ورسول الهداية إليهم.
• أما صاحبنا فلم يكن مجرد مذيع تقليدي ولكنه مبدع في كل شيء,ومن تأمل برنامجاً واحداً مثل”سيرة ومسيرة”فسيجد فيه تأريخاً لأهم علماء مصر عبر التاريخ,هذا فضلاً عن عشرات البرامج الأخرى.
• لم يكتف بذلك بل دخل ميدان التأليف فأنتج أربعة كتب رائعة كتبها بالقلم الذي يضعه بين أسنانه,تصور كيف كتب بهذه الطريقة آلاف الصفحات وأشهر كتبه”نقوش علي الحجر”وهو الذي سطر فيه سيرته الذاتية,وأهداني بخط يده نسخة منه.
• لخص حياته في سطور في أخره”هذه حياتي آية لمن ظن إلا تحيا فعاشت تنقش النقوش علي أحجار الحياة,هذه حياتي روحاً ونفساً سكنت في مهدها أمي وأبي قلباً وعطفاً وصدراً وثيراً وحدباً ودفئاً,هذه حياتي طفلاً بلا جناحين مجهول الطالع,يطرق علي أبواب قدر الله الذي يفتح للسالكين إليه الدرب,فيحبو ويقف ويسند الظهر المتعب علي جناب فضل الله,فتستحيل الوهدة سلماً للصعود والترقي,هذه حياتي تلميذاً مطروداً من رحمة البشر الناقمين عليه نعمة الحياة,يمسك بين فكيه القلم ليكتب درساً لمن عجزوا عن رؤية العدل الإلهي في خلقته,هذه حياتي مذيعاً يسبح صوته فوق موجات الهواء,يعلن أن صاحبه خاصم العجز وصادق في الطريق وجه السلامة وبث للمستحيل لحن التوافق والقبول,هذه حياتي زوجاً يحمل طوقاً من الفضل لمن سهرت عمراً علي بابه تنتظر النداء”.
• ترأس رضا عبد السلام”إمام ذوي الهمم”لإذاعة القرآن الكريم يعد رسالة من الدولة المصرية إنها لن تتخلي عنهم,والحقيقة أن الاهتمام الحقيقي بهم لم يبدأ علميا إلا في عهد الرئيس السيسي.
• تحية لأهل العزمات في الصلاح,الذين يؤمنون بأن الإعاقة الحقيقية في الفكر والقلب لا في الجسد”ومن يعيشون مع حكمة السلف”من قرع الباب يوشك أن يفتح له,وباب الله لا يغلق أبداً.