أمل محمد أمين تكتب: الانتقال من الحسد إلى الغبطة وتقبل الذات في خطوات بسيطة
بيان
كانت أول معصية في التاريخ سببها الغيرة والمقارنة بين الفضائل عندما شعر الشيطان بالغيرة من المكانة الكبيرة التي أعطاها الله لأدم والعلم الذي وهبه له فرفض أن يسجد لمخلوق خلقه الله من طين وهو مخلوق من نار.
يقول الله تعالى: “قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين” ومن هنا بدأت قصة المعركة الأبدية بين الخير والشر، بين الإنسان والشيطان وهي المعركة التي أساسها المقارنة الداخلية في قرارة النفس مما يجعلها تشعر بالعُجب والغرور أو تجعلها تشعر بالدنو والنقص وفي كلا الحالتين النتيجة واحدة هي الشعور بالألم الذي يؤدي إلى الحسد والغيرة و الضغينة بين أفراد المجتمع وهذا يصل بنا إلى الهدم وليس البناء !.
وهذا يطرح سؤالا كيف يمكن التعامل مع مشاعر الغيرة وكره الخير للآخرين؟، وكيف يمكن الانتقال من الحسد إلى الغبطة؟.
في البداية سأوضح تعريف الغيرة فالغيرة موجودة عند معظم الناس وتتفاوت بين شخص وآخر، وهي تتضمن العديد من المشاعر المتداخلة، فهي عبارة عن شعور الفرد بالخوف من الفقدان والشعور بانعدام الأمان، بسبب الخوف من خسارة شخص معين، وممكن أن تحدث نتيجة دخول شخص ثالث في العلاقة، حيث إن الغيرة عاطفة معقدة نوعاً ما.
ومن الممكن أن تؤثر الغيرة بشكل سلبي على حياة الشخص فهي تتراوح بين الغضب والشك، فعندما تكون الغيرة شديدة من الممكن أن تؤدي إلى عدم وجود الثقة في العلاقات وتؤدي إلى حدوث العنف الجسدي والإساءة، فقد يتصرف الشخص بطريقة غير عقلانية وذلك عن طريق الصراخ أو اتهام الطرف الأخر بشيء لم يحدث وإلقاء اللوم عليه.
ويجب على الفرد عدم مقارنة نفسه بالآخرين أي بمعنى مقارنة الشخص حياته بحياة الآخرين وذلك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعية، فيجب على الشخص التفكير في بذل الجهد في تطوير نفسه، وأن ينظر الفرد إلى الصورة الكبيرة حيث أن لا أحد لديه حياة مثالية، فقد يرى الشخص اللقطة الصغيرة تبدو أكثر روعة مما هي عليه بالفعل، ففي حالة كان أحد من زملائك في العمل يأخذ راتبًا كبيرًا لا يعني أنه يتمتع بحياة مثالية.
وتعد أكبر التحديات التي يواجهها الأفراد عند معالجة موضوع حساس كالغيرة المهنية، أن ذلك العرض يظل حبيس الأنفس ولا يُجهر به، حيث لا يسهل الاعتراف بالغيرة من زميل ما بسبب إنجاز أحرزه أو علاوة استحقها. ولذلك تستمر تلك المشاعر بالتفاقم، ويتزايد أثرها السلبي على صحة الفرد النفسية وأدائه الوظيفي.
ولا يعني ما سبق أن يستسلم المرء لها؛ فإليك بعض النصائح التي يجب اتباعها للتحكم بالغيرة المهنية وإبقائها في إطار التنافس الودي الحميد الذي يشجع على النمو:
قم بإنشاء تعريف للنجاح لديه فلا يجب على الشخص التقليل من إنجازاته فكل شخص يقوم بتحقيق إنجازاته الخاصة به، لذا يجب أن يسلك الطريق الذي يؤدي إلى النجاح والمحاولة في التطور والتقدم إلى الأمام.
يجب على الشخص مشاهدة ما لديه من المميزات والنعم، فالتفكير فيها يمكن أن يعزز الثقة بالذات ويذكر الشخص نفسه أن لديه الأفضل. يستطيع الفرد استخدام الحسد في تحسين الذات، فيجب على الفرد النظر إلى الحياة على أنها فرصة للتعاون وليس للمنافسة.
تصالح مع مشاعرك: إن اعترافك لنفسك بأنك تشعر بالغيرة المهنية هو أول خطوة للتعامل معها. لا تحاول إنكار هذه المشاعر أو قمعها، فذلك لا يفيد إلا في مفاقمتها. تقبل بدلًا من ذلك أنه من الطبيعي أن تشعر بالغيرة أحيانًا، وأن هذه المشاعر تراود الجميع في مرحلة أو أخرى من مسيراتهم المهنية.
حدد منابع غيرتك: حاول أن تعرف الأسباب الصريحة لمشاعرك هذه: هل هي بسبب حصول زميل لك على ترقية كنت تعمل لأجلها؟ أم لأنك تشعر أنك لا تحرز تقدمًا مهنيًا يتناسب مع طموحاتك؟ يمكن أن يساعدك تحديد الأهداف الحقيقية وراء مشاعرك السلبية على فهم السبب الجذري ورائها، وبالتالي التعامل معه بالشكل الصحيح والفعال.
أعد توجيه أفكارك السلبية: لا تركز على ما تفتقد إليه ويمتلكه آخرون غيرك، بل حاول أن تجد زاويةً إيجابيةً لما تشعر به من إحباط. فإذا نال زميلٌ لك ترقيةً كنت تريدها، استعض عن التفكير بأنك خسرت الترقية بأن تركز على ما يجب أن تطوره وتتعلمه من مهارات ومعارف لتنال الترقية المقبلة مثلًا.
احتفل بنجاحات الآخرين وإن كنت تشعر بالغيرة المهنية: عندما يحقق شخصٌ آخر نجاحًا ما حاول الاحتفال معه بصدق. قدم له التهاني وعبر عن حماسك لإنجازاته وشاركه فرحته، فقد يساعدك ذلك على تطوير علاقات مهنية إيجابية مع زملائك تعزز ودية بيئة العمل، ما يجعلها أكثر دعمًا لنموك ونمو زملائك!
اعتن بنفسك واحرص على صحتك النفسية والجسدية: إن الاعتناء بالنفس خطوةٌ بالغة الأهمية في الحفاظ على الصحة النفسية وفي التحكم بالآثار السلبية للغيرة المهنية. مارس الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء، وحاول الحد من الإجهاد في مكان العمل وتحسين مزاجك في بيئة العمل.