فادي عيد يكتب: لماذا تنتفض مصر في القرن الأفريقي

بيان

باتت عقارب ساعة القرن الأفريقي تتحرك حسب توقيت العاصمة الصومالية مقديشو، وذلك بعد أن أصبحت محور الأحداث مؤخرًا جراء التحرك العسكري المصري التركي تجاه الصومال، بعد التقارب بين مصر وتركيا اللذين شكلا محوراً جديداً في المنطقة بعد تلاقي مصالح القاهرة وأنقرة في أكثر من ملف وفي مقدمتها معضلات القرن الأفريقي.

ونجاح مصر وتركيا في تقاسم الأدوار والمصالح الاقتصادية في ليبيا، وحل ملف ترسيم الحدود البحرية بشرق المتوسط، وكذلك الملف السوري، ومن قبلها التطبيع التركي الخليجي (الإمارات والسعودية)، وكل ذلك بعد أن استطاعت المصالح الاقتصادية التغلب على المشاكل السياسية بين البلدين، وبعد أن فرضت العربدة الإسرائيلية التقارب بين أكبر قوتين إسلاميتين.

وبعد أن أصبح هناك تواجد عسكري لكلا البلدين في الصومال وبالتنسيق فيما بينهما، أصبح واضحًا أمام الجميع أن التحرك المصري لم يأتي لمواجهة أي مخاطر محتملة من الملء الخامس لسد النهضة فقط، بل لمواجهة أدوات إسرائيل في أفريقيا وفي مقدمتها رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، الذي جعل من بلاده أداة لإسرائيل في القارة السمراء.

فإن كان المستعمر الغربي زرع الكيان الصهيوني في قلب العالم العربي ليفصل ما بين الساعد والذراع (الشام ومصر)، كذلك باتت إثيوبيا دولة مارقة لا دور لها سوى تهديد أمن واستقرار أفريقيا، فهي تهدد أمن مصر والسودان المائي، وتصدر الإرهاب للصومال، وتعمل دومًا على زعزعة أمن إريتريا وجيبوتي. وإن كانت إسرائيل تسعى للاحتلال وما هو أبعد من فلسطين، وتصفية أي قوة عسكرية في المنطقة، فإن إثيوبيا لا تكتفي بالتواجد في صوماليلاند، بل تسعى لتكون القوة الوحيدة في شرق أفريقيا، وكاتب أجندتها واحد.

وإن استمر تواجد القوات الإثيوبية في الصومال إلى ما بعد نهاية مدتها التابعة لحفظ السلام والمقررة في نهاية العام الجاري، فسيعني ذلك باختصار نشوب حرب لن تكون أطرافها الصومال والاحتلال الإثيوبي فقط، وحينها سيكون القرن الأفريقي أشد دموية من الشام، ولما لا ونفس الأطراف التي صنعت الفوضى في الشام عام 2011 هم أنفسهم متورطون فيما يدور في القرن الأفريقي.

لذلك عند التمعن في الخريطة، نرى أنه لم تعد أمامنا “إسرائيل” واحدة بالمنطقة، وأن التحرك المصري في أفريقيا جاء قبل الخطوة الأخيرة من خنقها تمامًا، وإن كان الحضور المصري بداية التاريخ في بلاد بنط (الصومال) للنفوذ، فاليوم حضورها في الصومال للوجود.

[email protected]

……………………………………………………………………………………………..

كاتب المقال: محلل سياسي متخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

طالع المزيد:

زر الذهاب إلى الأعلى