انتبه.. المشاكل النفسية وعلاجها لدى “طفلك”
كتبت- أسماء خليل
كثيرًا ما يُصاب أبناؤنا بمشاكل نفسية وسلوكية تؤثرعلى حياتهم ودراستهم.. وهنا يقف الآباء مكتوفي الأيدي متعجبين مما يحدث وكأنهم ليسوا طرفًا متأصلًا في الوصول لتلك النتائج.
يهمك.. الصحة العالمية: تأخر كبير فى تقديم خدمات الطب النفسي بأوروبا
لقد استوقفني – منذ سنوات – طرحًا فلسفسيًا قدَّمهُ أحد علماء النفس الغربيين يثبت به عدم وجود “حب حقيقي” بتلك الحياة ويُرجع كل العلاقات للمصالح المشتركة، مرورًا بالحب الزوجي واصفَا إياه بعلاقة المصالح الاجتماعية، إذ أن كل من الطرفين يريد أشياءًا ومُتطلباتٍ من الآخر.. وصولًا إلى حب الأبوين لأبنائهم.
كم أدهشني ما قام به من تفسير؛ إذ أرجع حب الوالدين لأولادهم لما سيؤول إليه وضعهم بالمُستقبل، وكان يؤكد على أنَّ كل من الأبوين يُقوم بإعياء نفسه في تربية أبنائه ليقول غدَا “ابني طبيب”.. “ابنتي مهندسة”.. فيرجع هذا النوع من الحب – أيضا- للمصالح والفخر بالأبناء؛ لأنهم يُعيِّرونهم إن أصبحوا غير ذلك.
وعليه لابد من تحديد هدفك بالحياة.. هل أنت أب أو أنتِ أم لمجرد التباهي؟!. أم أنك تحب ابنك حقًّا وتتمنى له السعادة والهناء تحت طائلة أي ظروف؟! .. قد تكون أنت السبب في سوء الحالة النفسية والسلوكية التي يصل إليها ولدك أو ابنتك؛ لذا لابد من دق ناقوس الخطر.
تطرح الدكتورة“ إيمان عبدالله” أستاذ علم النفس والعلاج الأسرى، تلك القضية وتصف ل“بيان” خطورة ذلك الموضوع وأهمية مناقشته وتقديم العلاج والحلول، فتؤكد على ضرورة وصول مشاعر الحب إلى الأبناء، لابد أن ندعمهم فمن حق الطفل التعبير عن مشاعره، ولكن كيف نجعل ذلك الطفل يعبر عن تلك المشاعر الداخلية؟!
توضح أستاذ علم النفس، ضرورة سؤال الطفل بشكل مُختلف عن المعتاد عليه في الثوابت التربوية، إذ أنها تطلب من الأم – بشكل دائم – طرح ذلك السؤال على ابنها في بداية نقاشهما وهو “بماذا تشعر؟!”، فلابد أن تقوم الأم بالتركيز على الإحساس.. فتكون تلك نماذج الأسئلة التي يتم طرحها على الطفل “ماذا يُحزنك؟!”.. “ماذا يُفرحك؟!”، فلابد من منح الطفل الأحقية في التعبير عن انفعالاته وعلينا احترام تلك المكنونات.
وتستكمل عبد الله كل تلك الأسئلة ليتثنَّى لنا تعليم الطفل “الذكاء الوجداني”، الذي يكتسبه من خلال البيئة التي يعيش بها عبر ما يسمع وما يرى، فلغة التعبير عن المشاعر تتجلَّى من خلال المفردات التي تقولها الأم لابنها، ومن أمثلة ذلك قولها “أنا بحبك”.. “أنا فرحانة أو حزينة” من ذلك السلوك.. “النهاردا يوم كان سعيد” أو “النهاردا يوم كان فيه بهجة واحنا سوا”.. “إحساسي وانا معاك جميل جدًا”.. “الدقايق دي ليك انت لوحدك”.
ترتكز الدكتورة إيمان على مخاطبة الطفل بلغة المشاعر وتحريك الأحاسيس التي تكون دافعًا للحب وتعديل السلوك لصنع أبناءًا أسوياء بالمجتمع، فتستطرد موضحة ضرورة شعور الابن أن أحد أبويه أو كليهما يؤكد له أنه يريد الجلوس معه من أجله فقط، أو أن تلعب الام معه اللعبة المُفضلة أو تقترح عليه انتقاء القصة التي يريد أن تقصها له.
الحب والقدوة والقواعد.. تساوي التربية على حد تعبير أخصائية الإرشاد الأسرى، فالتعبير عن المشاعر أهم شيء بالحياة حتى لدى الكبار، كما تؤكد على شيء في غاية الخطورة وكأنه استكمالًا لما قرأْتَهُ لعالم النفس الغربي؛ وهو الرفض التَّام لتلك القاعدة التربوية الشهيرة، ألا وهي“الوصول للكمال”، إن التعامل مع الأبناء بتلك القاعدة من شأنه خلق المشكلات والتباعد الدائم بين الوالدين وأولادهم؛ إذ أنه ليس هناك عملًا سيكون على أكمل وجه ليرضى الأبوان، فلا أحد كامل.. لا سعي للكمال.
وتقول الدكتورة إيمان، إن الأم التي لا تُعلِّم ابنها التعاطف والرحمة؛ يحدث له كبت واختناق للمشاعر ورفضها من الآخرين، فهناك أمور يقوم بها البعض تطرح بالعاطفة أرضًا، مما يؤثر بالسلب على تكوين مشاعر الفرد في مواجهة المجتمع، وكذلك إجبار الطفل على الالتزام بما لا يستطيع والتركيز على فقدانه الثقة بمحاولة التنمر على شكله أو مظهره أو سلوكه، مما يؤدي بدوره إلى عدم التعبير عن المشاعر، فلا ينبغي بأى شكل إهمال المشاعر لدى الأطفال، لابد من نجاح العلاقة بين الابن والأبوين خصوصًا في تكليف الطفل بالأوامر فلا نعطي دائمًا أوامرًا مباشرة، ولكن – دائمًا – نجعل هناك خيارًا.
وتؤكد أستاذ علم النفس، على ضرورة التعبير عن“ الحب” فهو في القائمة الأولى للزج بكل المشاكل النفسية والسلوكية لدى الطفل والتحكم في التوتر من خلال المعاملة الطيبة بين الأم وأبنائها، وتشير إلى أن معظم المشكلات النفسية والسلوكية لدى الطفل – غالبَا – ما يتم اكتشافها منذ بداية دخول المدرسة، مثل السرقة وصعوبات التعلم والعنف الموجه لأصحاب الدراسة أو تشتيت الانتباه وفرط الحركة.
وتفجر الدكتورة إيمان مفاجأة، وهي أن أهم سبب كل تلك المشكلات النفسية للطفل، هي التوترات التي تكون لدى الأم وخاصةً في فترة الحمل، فتقول أنَّ ٢٥٠ألف “خلية” تتكون في الدقيقة الواحدة من الأسبوع الثامن حتى الأسبوع ال١٦ للجنين في بطن أمـِّه، فعقله يتأثر بتوتر الأم ومدى عصبيتها، فيعمل ذلك الأمر على إعاقة الخلايا المتكونة له.
و تُبيِّن خبيرة الإرشاد الأسرى، أن التنمر يؤدي إلى صعوبات التعلم والتوحيد وفرط الحركة، ويجعل الطفل يبرر تبريرات غير موجودة لأنه يخشى العقاب لأن الأم لم تحتويه قبل سن المدرسة، فيريد ذلك الطفل عدم التقييد بالأوامر، لأنه يتم إهمال خياراته إما بنهره أو بالإماءة له أن يسكت فإنها بذلك تكبت سلوكه وتفقده بوصلة الشعور الموجه لدى أي شخص.
وفي الأخير، توجه الدكتورة إيمان الأم بألَّا تكون معول هدم لشخصية ابنها الاجتماعية وتفقده الذكاء الوجداني ونماء المهارات مما يسلبه وجود العلاقة الحميمية في التعامل مع الآخرين، ويجعله يريد فقط إرضاء كل الناس بالطاعة بشكل أعمى فيصبح شخصية اعتمادية، ويرى نفسه شيئَا ضئيلَا، وعلي الأم أيضَا – ألَّا تترك ابنها للسوشيال ميديا توجه مشاعره فيُحاكي الآلة التي لا تعترف بالأحاسيس.