طارق متولي يكتب: مسلم بالبطاقة
في البداية، أتوجه بخالص الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية على إثارة موضوع مسلم بالبطاقة، وعلى ضرورة أن يعرف الإنسان عقيدته ودينه ولا يكون دينه مجرد إرث ورثه من أباءه وأجداده، وعادات وتقاليد، تنتقل من جيل إلى جيل، مثله مثل أنواع الطعام والشراب، والزى واللغة.
فالدين صبغة كما وصفه الله سبحانه وتعالى، فى قوله: “صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (البقرة 138)”. والصبغة هى التى تتغلغل فى جميع أجزاء النسيج فتصبغه كله بلونها.
والدين أيضا صبغة الله عز وجل، يجب أن يتغلغل فى جميع أجزاء الإنسان فى داخله وخارجه وفى حياته وسلوكه وتعاملاته.
وهناك فرق بين الإسلام باللسان والإيمان بالقلب فالدين لا يقوم على الإسلام باللسان
ولكن يقوم على الإيمان بالقلب كما فى قوله سبحانه وتعالى: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة 285)”
فلم يقل الله سبحانه وتعالى: “أسلم الرسول”، ولم يقل: “والمسلمون كل آمن”، بل قال جل فى علاه آمن الرسول والمؤمنون كل آمن .
فالعقيدة تقوم أساسا على الإيمان وليس على الإسلام باللسان فالعقيدة من الإعتقاد هى التصديق والجزم دون شك أى الإيمان.
الإيمان بكل ماجاء به الإسلام، الذى ينتمى له المسلم، من توحيد وعبادة لله وحده لا شريك له.
ولما كان الإيمان بالقلب، والقلب لا يطلع عليه أحد إلا الله، أمر الله سبحانه عباده المؤمنين ونهاهم ليعرف حقيقة إيمانهم، فمن أطاع وانتهى دل ذلك على إيمانه ومن عصى واعترض وخاض فيما نهى الله عنه دل ذلك على شكه وعدم إيمانه.
فالذى يسرق، ويرتشى، ويكذب، ويزنى، ويقتل، ويرتكب المحرمات، وهو مسلم ينتفى عنه فى حال قيامه بهذه المحرمات صفة الإيمان، وصحة الاعتقاد، فصحة الاعتقاد تؤدى إلى صحة العمل، ويصبح مسلم باللسان فقط، أو بالبطاقة، كما تعبر عنه الآية الكريمة “قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (الحجرات 14)”.
فالدين صبغة كما ذكرنا، إسلام وتسليم باللسان، وإيمان بالقلب، وتصديق بالعمل، وبكل الجوارح، وفى كل مناحى الحياة والسلوك.. وليس لقب أو شهادة يحملها الإنسان ثم يفعل ما يخالف هذه الشهادة أو هذا اللقب.