«تاريخ أغفله التاريخ»: كارثة الميج السورية فى سماء لبنان.. كيف وقعت.. ولماذا ؟ (ج2) كمائن إسرائيل الجوية فوق البقاع

أحمد أبو بيبرس

سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس

فى الجزء السابق من هذه الدراسة تحدثنا عن الأحداث السياسية التى كانت مدخل للعدوان الإسرائيلى على لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية وشرحنا التكتيكات التى اتبعها العدو الإسرائيلى للقضاء على بطاريات الدفاع الجوى السورى قبل تنفيذ العدوان الجوى الشامل على سلاح الطيران السورى.

قوات الطرفين المتصارعين قبل المواجهة الجوية

سوريا 500 طائرة منتظمة فى 12 سرب مقابل 700 طائرة إسرائيلية من أحدث الطائرات الحربية فى العالم بنسبة تفوق 1:1.4 فى لصالح العدو

إندلاع القتال الجوى فى سماء سهل البقاع

كمين اليوم الأول 9 يونيو 1982:
نجح العدو فى نشر مقاتلاته الحربية المتفوقة من طراز الفانتوم إف / 4 و إف / 15 و 16 فوق سماء البقاع وجبل القلمون بأعداد ضخمة إنتظارا لتدخل المقاتلات السورية وتتميز طائرات العدو بأنها من طائرات الجيل الرابع وقتها حيث تتفوق على مقاتلات الجيش العربى السورى فى الحمولة والمدى وإمكانيات الحرب الإليكترونية وهذا هو الأهم.
وضعت القوات الجوية السورية فى حالة تأهب كامل وأقلعت حوالى 70 طائرة سورية لتوفير المعاونة الجوية لقوتها الأرضية .. الطائرات السورية من طراز ميج 21 وهى مقاتلات بدائية سوفيتية الصنع من مقاتلات الجيل الثانى تتسلح بها أغلب الجيوش العربية وخاضت حروب 1967 و 1973 وكذلك طائرات الميج 23 المتوسطة التى أنتجت فى أواخر الستينيات وهى تعتبر أفضل قليلا من الميج 21 لكنها مع ذلك لا ترقى بأى حال من الأحوال للطائرات الأمريكية التى تستخدمها إسرائيل من الطرازات المشار إليها.

  المقاتلة السورية الميج 21 تحملت عبء القتال الأكبر ضد الطيران الإسرائيلى
المقاتلة السورية الميج 21 تحملت عبء القتال الأكبر ضد الطيران الإسرائيلى

وطبعا لم يؤخذ الإسرائيليون على غرة قد اتاحت لهم طائراتهم الخاصة بالاستطلاع ) E2c ( وأجهزة رادار الانذار البعيد المدى الفرصة لاكتشاف الطائرات السورية فور اقلاعها وصدرت الأوامر فعلا لتسعين طائرة من الانواع ف ١٥ ماكدونالد دوجلاس ، ف ١٦ جنرال داينامكس وكذلك عدد من الطائرات (الكفير) صناعة اسرائيلية مجهزة للحرب الالكترونية بالقيام بعمليات الإعاقة للرادارات والمواصلات للعمل كمنطقة اعاقة ثابتة .وعندما اقتربت الطائرات السورية من الخط الساخن للإشتباك تم اعاقة المواصلات اللاسلكية بين مراكز القيادة السورية والطائرات في الجو مما تسبب عنه فقد القيادة والسيطرة والتوجيه للتشكيل الجوى .

  الطائرة الإف 15 طائرة الجيل الرابع الأمريكية المتفوقة عملت فى سلاح الجو الصهيونى
 الطائرة الإف 15 طائرة الجيل الرابع الأمريكية المتفوقة عملت فى سلاح الجو الصهيونى
  الطائرة إف 16 الإسرائلية من أشهر الطائرات الحربية الأمريكية خلال الأربعين سنة الأخيرة
الطائرة إف 16 الإسرائلية من أشهر الطائرات الحربية الأمريكية خلال الأربعين سنة الأخيرة

كما كان الطيارون الاسرائيليون على معرفة تامة باحداثيات الاهداف السورية والتى تقوم الطائرة E2c – هوك بتزويدهم بها بالاضافة إلى أن الطائرات الاسرائيلية كانت مزودة بأجهزة الحرب الالكترونية التي تعمل بالكمبيوتر وأجهزة الليزر الخاصة بالتمييز والصواريخ جو / جو سيدوندر كما كانت مزودة بالصواريخ شرايك 45 – AGM والصواريخ مافريك MAFRICK الراكبة لشعاع الرادار.

نقاط الضعف فى الجانب العربى السورى

1 ـ ينبغى الإشارة إلى أن سلاح الجو السورى يعتمد على النظام القديم فى توجيه مقاتلاتها فى الجو عبر موجهين أرضيون يراقبون الموقف على شاشة الرادار ويقومون بالكشف عن الطائرات المعادية المقتربة وتوجيه الطيارين السوريين لأنسب الأوضاع للإشتباك معها .

الطيار السورى يعتمد بالكمل على تعليمات الموجه الأرضى الذى يعتبر بمثابة العين التى يرى بها السماء ولا يستطيع التصرف منفردا بدون توجيهاته وتعليماته نظرا لقصر مدى رادار الطائرة الميج 21 الذى لايمكن الإعتماد عليه لتخلفه الشديد اما على الجانب الإسرائيلى الذى تطور كثيرا من بعد حرب أكتوبر فلم يعد يعتمد على هذا النظام البالى القديم حيث تم ميكنة سلاح الجو الإسرائيلى بالكامل على النمط الأمريكى فى الإستطلاع وإدخال نظم الحرب الإليكترونية فى القيادة والسيطرة والإعتماد على الردارات بعيدة المدى للمقاتلات الأمريكية الحديثة التى بحوزة العدو الإسرائيلى وتم الإستعاضة عن الموجه الأرضى التقليدى بطائرات الحرب الإليكترونية التى توجه المقاتلات من الجو وتكشف سماء الأفق لعشرات ومئات الكيلومترات.

2 ـ الصواريخ السورية جو / جو من طرازات سوفيتية قصيرة المدى تصلح لمعارك القتال الجوى القريب المتلاحم الذى يعرف (دوج فايت) وهذا ما يميز الطائرة الميج 21 أما طائرات الميج 23 فكانت مسلحة بصواريخ جو/ جو للتوجيه إلى ماخلف الأفق بينما كانت طائرات العدو مزودة بصواريخ جو/ جو من طرازات سايد وندر و سبارو وكلها موجهة بالرادار لإصابة الهدف من مدى بعيد خارج مدى نظر الطيار الإسرائيلى وأفق الطائرة.

3 ـ عيب قاتل أخر فى الصواريخ السورية الجو / جو فى انها لا تطلق إلا من خلف الطائرة المعادية فقط عند فوهة العادم وعلى مسافات قريبة لكنها لا يمكن إطلاقها من الأمام ولا من الأجناب على عكس صواريخ المقاتلات الأمريكية التى يمكن إطلاقها من اى زاوية على الطائرة المعادية سواء فى الخلف أو الأجناب او حتى على مقدمة الطائرة ( أنف الطائرة ) وهذه هى أصعب نقطة إصابة ومن مدايات بعيدة.

4 ــ خصص العدو الإسرائيلى أبرز طياريه المحترفين الذين يتمتعون بمستوى عالى من الكفاءة والإحتراف اما الطيارين السوريين فلم يكونوا كلهم بنفس الكفاءة والإحترافية حيث تم الإستعانة بطيارين من أقرب القواعد الجوية السورية للإقلاع والتصدى للعدو الجوى الإسرائيلى.
كان كثير من أولئك الطيارين قليلي خبرة وبعضهم كان معتادا على تنفيذ أوامر الموجه الأرضي فقط وحين إنقطع الإتصال بالموجهين الأرضيين لم يحسنوا التصرف لإنخفاض روح المبادأة لديهم.

دارت معركة جوية بين خصمين أحدهما مزود بأحدث مافى العالم من معدات الحرب الإليكترونية والأخر غير مسلح بشيئ منها وقد فقد الطيارون السوريون القدرة على التواصل مع قواعدهم الجوية أو الإتصال ببعضهم البعض فى الجو.
وكان أثر التشويش الراداري على الطائرات السورية أن أصيبت رادارات الميج 21 بالعمى التام أما رادارات الميج 23 حيث فلاتر التشويش أفضل فقد تمت تعمية قطاعات كبيرة على شاشة راداراها إضافة لظهور نقاط وزوايا في القطاعات الأخرى (بعض طياري الميج 21 قاموا بإطفاء جهاز الرادار توفيرا للطاقة الكهربائية حيث صار لا فائدة منه واعتمدوا إعتمادا تاما على الرؤية البصرية خاصة أن الصواريخ التي تحملها كلها صواريخ للمواجهة القريبة).

ومع ذلك فقد حاولت الطائرات السورية القتال قدر استطاعتها وانتهت المعركة فى ذلك اليوم بإسقاط 28 طائرة مقاتلة (كلها سقطت بإسقاط جوي) ، مقابل إسقاط طائرة واحدة إسرائيلية من طراز كفير وإصابة طائرة أخرى من طراز إف / 15 إصابة شديدة ولم يعرف مصيرها على وجه الدقة

نشاط الطيران السوري في اليوم الثاني 10-يونيو-1982 :

كانت النتائج في اليوم الأول كارثية لكن لم يعد بالإمكان التراجع أو خروج القوات الجوية من المعركة في الوقت الذي تخوض فيه القوات البرية في البقاع معارك طاحنة مع القوات البرية الصهيونية ولذلك كان لا بد من تكيف القوات الجوية السورية مع الأمر الواقع هذا.
قامت القيادة السورية في الليل (وكان قرارا كارثيا) بدفع 4 بطاريات سام 6 من جديد إلى سهل البقاع إلى جانب البطاريتين المتضررتين التي نجتا من هجوم اليوم السابق في محاولة لتشكيل منطقة دفاع جوي تغطي على الأقل طريق دمشق-بيروت الإستراتيجي (صار يوجد بذلك 6 بطاريات سام6 إثنتان منهما متضررتان).
كما خططت القيادة في هذا اليوم لخوض المعركة بأسلوب مختلف بعض الشيء , فقد تقرر إبعاد مقاتلات الميج 23 الحديثة عن الإشتباكات الجوية قدر الإمكان تفاديا لمزيد من الخسائر فيها بينما تم إلقاء كامل العبء في مواجهة الطيران الصهيوني في معارك جوية على مقاتلات الميج 21 , كما تقرر أيضا الزج الموسع بطائرات الهجوم الأرضي (ميج 23 بي إن + سوخوي 22) والمروحيات القتالية (جازيل) لمهاجمة القوات البرية الصهيونية بما تستطيع من إمكانيات في محاولة لإعاقة أعمالها القتالية.
وقد نجح الطيران الصهيوني بتدمير وإعطاب تلك البطاريات الستة المشار إليها، وأقلعت الطائرات السورية من مطاراتها بعدد يصل إلى 130 طائرة تقريبا (ما بين طائرات ميج 21 وميج 23 مقاتلة وطائرات ميج 23 بي إن وسوخوي 22 للهجوم الأرضي دون إحتساب المروحيات).

وقد فعل التكتيك السورى الجديد عمله، وحد من الخسائر نسبيا، ويبدو أن القوات الجوية الصهيونية انتبهت في بعض المواضع للأمر ولذلك قامت مقاتلات الإف 15 الموجودة عند الخط الثاني برمايات مركزة بصاروخ الـ سبارو من مسافات بعيدة على طائرات الميج 23 الموجودة خلف موجات الميج 21 بأن تضرب أكثر من صاروخ على الطائرة الواحدة وقد أدى ذلك إلى إسقاط مقاتلتين ميج 23 بتلك الصواريخ.
وفي معمعة المعركة الجوية تلك اقتحمت الموجة الثانية من الطائرات السورية إضافة لمروحيات الجازيل الأجواء اللبنانية , وبذلك وجدت مقاتلات الإف 15 نفسها مضطرة للقيام بدور مزدوج في ذلك اليوم , فمن جهة عليها أن تقدم الحماية لطائرات الفانتوم والكفير التي تقوم بقصف القوات السورية ومن جهة أخرى عليها أن تقدم دفاعا جويا عن القوات البرية الإسرائيلية وتعترض مقاتلات الهجوم الأرضي السورية وتبحث عن مروحيات الجازيل لتدميرها في حال وجدتها.

وقامت طائرات الميج 23 بي إن بحوالي 50 طلعة أما مروحيات الجازيل السورية فقد قامت بحوالي 50 طلعة في ذلك اليوم وقصفت الدبابات والآليات الإسرائيلية بصواريخ (هوت) ودمرت عددا منها من بينها دبابات ميركافا.

ونجحت طائرة سورية من طراز ميج 21 فى إسقاط طائرة فاتوم إف / 4 إسرائيلية.
وفى نهاية اليوم خسرت القوات الجوية السورية 30 طائرة 21( طائرة فى معارك جوية و 8 طائرات بالنيران الأرضية الإسرائيلية ( مدافع م/ ط و ونيران الأسلحة الأخرى ).

نشاط الطيران السوري في اليوم الثالث 11يويو -1982:

بعد نتائج اليوم الأول قررت القيادة السورية الإستمرار على نفس التكتيك في طريقة دخول الأجواء اللبنانية وعدم زج الميج 23 في معارك إلا إضطرارا وفي حدود ضيقة بحيث تبقى فقط لتوجيه باقي الطائرات أثناء دخولها الأجواء اللبنانية وفي حال تعرضت لهجوم عليها أن تنسحب إلى داخل المدى المجدي لصواريخ الدفاع الجوي الموجودة داخل سوريا.
أما الطيران الصهيوني فكان قد تنبه للتغيير في تكتيك الطيران السوري في معارك اليوم الثاني لذلك فقد كانت الأوامر لطائرات الإف 15 فى اليوم الثالث أن تستهدف الميج 23 بصواريخ سبارو من المدى البعيد وفى مجال المعاونة الجوية وإسناد القوات البرية السورية ضد القوات الإسرائيلية فقد قررت القيادة السورية إعطاء السوخوي 22 نفس المهام التي تمنح لمقاتلات الميج 23 بي إن في قصف تجمعات القوات البرية الإسرائيلية وقد اوقعت بها خسائر فادحة.
أما مروحيات الجازيل فقد تقرر الإستمرار في نفس نشاطها السابق وفى نهاية اليوم خسرت القوات الجوية السورية 19 طائرة سورية جديدة (منها واحدة فقط سقطت بوسائل الدفاع الجوى الإسرائيلية) وهكذا وقعت مذبحة الميج أو كارثة الميج فى صفوف الطيران السورى.

وأما خسائر العدو الصهيونى فقد خسر طائرتين مروحيتين بنيران الدبابات السورية وطائرتي استطلاع بدون طيار.

………………………….

وحتى تضمن إسرائيل تحييد الجيش السوري تماما عن معركة بيروت قامت بالهجوم على مواقع القوات السورية في المحور الأوسط (الجبل) في منطقة عاليه في 23-حزيران-1982 .
واستمرت المعارك في الجبل 3 أيام حتى 25-حزيران-1982 حيث إستطاع الجيش الإسرائيلي قطع طريق دمشق بيروت تماما من الجهة الغربية للطريق (المجاورة لبيروت) وتم إبعاد الجيش السوري مسافة 10-15 كلم عن التخوم الشرقية لبيروت , فضمنت بذلك تحييده تماما عن معركة حصار بيروت , ولم يبقى إلا لواء مشاة سوري معزول كان متواجدا داخل القسم الغربي من مدينة بيروت.
وحدثت معركة جوية في 24 أو 25 يونيو أسقطت فيها طائرتي ميج 23 في اشتباك مع مقاتلات إف 15 إسرائيلية حين حاول سرب مختلط من تلك الطائرات تخفيف وطأة القصف الجوي على القوات التي كانت تقاتل في قضاء عاليه (أوكلت وقتها إلى طائرات الميج 21 إسقاط أو إبعاد الطائرات الإسرائيلية التي تقوم بالقصف فيما أوكلت لطائرات الميج 23 الإشتباك مع المقاتلات التي تقوم بحمايتها).
في المقابل أسقطت القوات البرية السورية طائرة كفير إسرائيلية بصاروخ سام 7 محمول على الكتف بتاريخ 24-6-1982

تم التوصل بعدها لوقف إطلاق نار جديد بين سوريا وإسرائيل في 25-6-1982 , بينما إستمرت المعارك في بيروت مع منظمة التحرير الفلسطينية.

جملة الخسائر فى طيران الجيش العربى السورى

يوم 6 يونيو ( قبل اشتعال القتال الرئيسى مع القوات الإسرائيلية ) خسرت سوريا 6 طائرات ميج 21 و ميج 23 فى معركة جوية.
أيام إحتدام المعارك الكبرى أيام (9 و 10 و 11 يونيو ) 77 طائرة.
يوم 24 و 25 يونيو طائرتين وبذلك يكون المجموع 85 طائرة سورية وإستشهاد 27 طيار سورى وإصابة 7 أخرين.

بينما لم يخسر العدو سوى طائرة فانتوم إف / 4 وطائرة أخرى كفير وإصابة طائرة إف / 15 فى المعارك الجوية و2 طائرة مروحية بوسائل أرضية العدد ( 4 طائرات فقط ) وإصابة إف / 15 واحدة ..!!!! فضلا عن طائرة أخيرة من نوع فانتوم إف / 4 بصواريخ سام / 9 الجديدة، بالإضافة إلى طائرة سكاى هوك أسقطتها المقاومة الفلسطينية يوم 6 يونيو 1982 بصاروخ محمول على الكتف مع طائرتى هليكوبتر أخرتين بنيران أرضية.

المجموع 8 طائرات إسرائيلية 5 بواسطة سوريا و 3 بواسطة المقاومة الفلسطينية ولا شيئ أخر على مدار شهر يونيو 1982

علامات بارزة

مع أن سلاح الطيران السورى أصيب بهزيمة مريرة تشبه بدرجة أخف كارثة 5 يونيو 1967 ألا أن رجاله قاتلوا فى بسالة شهد بها العدو الإسرائيلى نفسه.
قال أحد الطيارين الإسرائيليين المشاركين في المعارك الجوية في حرب 82 عن الطيارين السوريين إنهم: “كانوا يعرفون أن طائراتهم لا تملك أي فرصة للصمود أمام طائراتنا , ومع ذلك إستمروا في الطلوع وكأنهم يطلبون أن يسقطوا , لقد أظهروا شجاعة وتفانيا , وإنني لا أكن لهم سوى الإحترام والإعجاب” ، مجلة (Flight International) عدد 21-آب-1982 الصفحة 404 .

ولنا في تصريح طيار الـ “أف-16″ الاسرائيلي الذي سجل الإسقاط الوحيد ضد السوخوى-22 في الحرب يوم 11 يونية 1982 فقال عما حدث في ينطا: ” من بين الاربعة قتل التي سجلتها ضد الطائرات السورية ، فأن اسقاطي للسوخوى-22 جعلني اكثر رضا لاأني كنت قد شاهدت النتائج المروعة التي حققتها السوخوي علي الارض ضد قواتنا في اليوم السابق ” ، يقصد العاشر من يونية .

اعتراف شارون 11\6\1982

وقال آرييل شارون القائد الإسرائيلى المغروف: “إن الجيش السوري فتح منذ اليوم الاول للقتال نيران المدفعيه على وحداتنا المتقدمه وزج بطائراته ضد طائراتنا وذلك ما عرقل تقدم قواتنا”.

وقال أخرون إنه ليس فى وسع أى سلاح جوى غربى تعرض لنفس الظروف التى وجد فيها سلاح الطيران السورى نفسه أن يؤدى اداءا أفضل.
ومن الملاحظ الإصرار الشديد من جانب القيادة السورية على عدم خروج سلاح الجو السورى من المعركة تحت أى ظرف ومهما كبر حجم الخسائر ومع انه بسبب إفتقار سلاح الجو السورى لوسائل الحرب الإليكترونية وتعرضه للهزيمة بواسطة سلاح الجو الصهيونى إلا انه نجح مع كل ذلك فى إصرار أسطوى لم يتزحزح على الإستمرار فى تقديم الدعم الجوى لقواته البرية التى صمدت بدورها وألحقت خسائر كبيرة فى صفوف الجيش الإسرائيلى وقد عجزت إسرائيل فى النهاية عن طرد الجيش السورى من لبنان.

………………………….

أبرز الدروس الإستراتيجية المستفادة من هذه الحرب

1 ــ عدم إستطاعة أى دولة عربية مواجهة إسرائيل منفردة.
2 ـ كانت القوات الإسرائيلية فى حروبها السابقة 1967 و 1973 مضطرة إلى القتال على عدة جبهات أما خلال حرب اجتياح لبنان فقد تمكنت من تركيز جهودها على جبهة واحدة وقد ضمنت خمود الجبهة المصرية تماما.
3 ــ إضطرار الطائرات المقاتلة السورية للرد على مبادأة الطائرات الإسرائيلية حيث ظلت المبادأة الإستراتيجية فى يد إسرائيل.
4 ـ إن القيادة السورية امكنها تشغيل طائرات سلاح الجوى زادت عن 200 طائرة سورية كما قامت بانماط قتالية جوية لم يسبق لأية قوات جوية عربية القيام بها ضد القوات الإسرائيلية ومع ذلك لم تستفيد قيادات اى جيوش عربية من الخبرة السورية.
ففى عملية عاصفة الصحراء عام 1991 على سبيل المثال نفذت القوات الجوية الأمريكية وحلفائها نفس الإستراتيجيات التى نفذها الطيران الإسرائيلى فوق سماء البقاع قبل 9 سنوات لكن على مجال أوسع ضد سلاح الدفاع الجوى العراقى الذى لم يحاول أبدا إدخال وسائل الحرب الإليكترونية الحديثة ضمن وحداته كدرس مستفاد من حرب لبنان فكان مصيره التدمير تماما بغارات الطيران الأمريكى.

4 ـ عرف العدو الإسرائيلى أن عهد الحصول على السيطرة الجوية من خلال مهاجمة القوات الجوية المعادية على الأرض وإبادتها قد ولى إلى غير رجعة لقد تعلم الدرس الخصم جيداً بعد تكراره مرتين عام 1956 و 1967 لهذا لم يحاول مهاجمة مطار سورى حربى واحد وإنما عمد إلى استدراج طائرات سلاح الجو السورى إلى معارك مدبرة يملك هو السيطرة عليها فيما يسمى ( معارك التعرية ) التى تخوضها القوات الجوية الإسرائيلية ضد القوات الجوية والدفاع الجوى المعاديين كما حدث بالفعل مع التقيد بزمان ومكان محددين طبقا لسير العمليات البرية بما يحقق تأمين نجاحها.

5 ــ فى العموم أثبت معارك سهل البقاع بما لايدع مجالا للشك أن الإستخدام المشترك لأنظمة الحرب الإليكترونية أصبح امراً واقعاً وترجع خسائر الجانب السورى فى القوات الجوية الجسيمة إلى عدم إستخدامهم أو لإفتقارهم لأجهزة الحرب الإليكترونية المضادة الإيجابية كأجهزة التداخل وأجهزة الأشعة تحت الحمراء مما جعل من غير أن تتمكن الطائرات السورية من الهروب من الصواريخ التى تطلق عليها من الجو مثل صواريخ سايدوندر وسبارو.

………………………………………………………………………………………………………………………..

المراجـــع:
1 ـ مقال / الحرب اللبنانية وأثارها على الأمن القومى العربى ــ لواء متقاعد / محمود محمد خليل
المجلة العسكرية العدد 247 يوليو 1986

2 ـ مقال / الأسلوب الحديث لتحقيق السيطرة الجوية العميد / عبد الرحمن على بشار
مجلة الدفاع الجوى العدد رقم 50 لسنة 1987

3 ـ مقال / أسرار القتال الجوى فى السماء اللبنانية ـ موقع المجموعة 73 مؤرخين

4 ـ كتاب / الحرب الإليكترونية من الحرب العالمية الأولى إلى حرب الخليج ـ الفريق عادل على خليل 1992

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى