اغتيال نصر الله.. كيف ستؤثر هذه الضربة على حزب الله وإسرائيل؟
كتب: أشرف التهامي
حزب الله بدأ رده مبكرا، حتى قبل أن يتضح مصير نصر الله، ومن المتوقع أن يشتد، فكيف سترد إيران؟ والتحول الاستراتيجي قد يؤدي إلى إنهاء الحرب.
تشير الصور الملتقطة من منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت ليلة الجمعة إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية على مركز قيادة حزب الله استخدمت قنابل خارقة للتحصينات عالية الطاقة تزن حوالي طن لكل منها، وبكميات كبيرة.
ويعتقد أن هذه القنابل قادرة على اختراق عدة أقدام من الخرسانة وعشرات الأقدام من الأرض.
وقد انتشرت الضربات على مساحة آلاف الأقدام المربعة، فوق الأرض وتحتها، مما يجعل من الصعب تحديد ما إذا كان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله موجودًا، وإذا كان الأمر كذلك، ما إذا كان قد استشهد أو جُرح.
وتسبب مثل هذه القنابل أضراراً بالغة للأهداف، مما يجعل تحديد الضحايا أمراً بالغ الصعوبة. وتؤدي شدة الانفجار، إلى جانب الحطام والحرارة المتولدة، إلى تعقيد الجهود الرامية إلى تأكيد عدد الأشخاص المتضررين، وخاصة عندما يكون الهدف مدفوناً تحت طبقات ضخمة من الأنقاض.
لو لم يكن نصر الله في الموقع الذي تعرض للهجوم، لكان من المرجح أن يصدر حزب الله أدلة أو بيانا، ومع ذلك، فإن صمت الحزب يشير إلى عدم اليقين.
لقد حدث موقف مماثل في غزة في يوليو الماضي عندما أغتيل الزعيم العسكري لحماس محمد ضيف في ضربة قوية أثناء خروجه لفترة وجيزة من نفق. استغرق الأمر عدة أيام لتأكيد النتيجة، على الرغم من أن الهجوم كان على مبنى صغير فوق الأرض.
السؤال المطروح
والسؤال المطروح الآن هو: كيف ستؤثر هذه الضربة على حزب الله وإسرائيل؟
حزب الله منظمة سياسية لها جناح عسكري هائل يضم 30.000 إلى 50.000 عنصر وترسانة تضم صواريخ وقذائف وصواريخ كروز وطائرات بدون طيار، متجاوزة قدرات العديد من البلدان، بما في ذلك القوى الأوروبية.
في الأيام التسعة الماضية، أضعفت إسرائيل بشكل كبير القيادة العليا والمتوسطة لحزب الله من خلال الضربات المستهدفة. ووفقًا لتقارير أجنبية، أدى هجوم أجهزة النداء أيضًا إلى تعطيل الرتب الدنيا المسؤولة عن تشغيل أنظمة الأسلحة.
إستراتيجية “الأرض المحروقة”
ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات لم تجعل حزب الله غير فعال. لا يزال الحزب تمتلك صواريخ بعيدة المدى وصواريخ موجهة بدقة. وحتى لو تم القضاء على كبار القادة، فإن القادة المحليين ما زالوا قادرين على إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل بشكل مستقل، مدفوعين بدوافع عالية واحتمال تبني استراتيجية “الأرض المحروقة”.
وقد دفع هذا المسؤولين الإسرائيليين إلى حث أقصى درجات اليقظة والاستعداد للبحث عن ملجأ لفترات طويلة.
تقوم طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بدوريات فوق وادي البقاع في لبنان لضمان القضاء بسرعة على أي قائد محلي لحزب الله يحاول إطلاق صواريخ ثقيلة أو دقيقة التوجيه على إسرائيل.
لا يمكن لإيران أن تغض الطرف
إن العواقب الإستراتيجية للضربة في بيروت تتوقف على ما إذا كان نصر الله قد نجا أم لا. ويشير المحللون إلى أن إيران، التي زودت حزب الله بترسانتها من الصواريخ الثقيلة والدقيقة التوجيه، من المرجح أن تشارك في أي رد للحفاظ على القدرات الإستراتيجية للحزب والتصدي لهجوم إسرائيلي محتمل على منشآتها النووية.
والمؤكد أن نصر الله شخصية رئيسية في “محور المقاومة” ويحتل مرتبة متقدمة إلى جانب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي. ورغم أن خامنئي هو الشريك الأقدم، إلا أنه يقدر بشدة مشورة نصر الله وخبرته في التعامل مع إسرائيل.
ماذا عن إيران؟
بالنسبة لإيران، فإن الضربة التي ستوجه إلى نصر الله ستكون بمثابة خسارة زعيم ديني شيعي، وهو عنصر أساسي في إستراتيجيتها لنشر الثورة الإسلامية في الشرق الأوسط وخارجه.
ومن شأن مثل هذه الخسارة أن تجبر طهران على السعي إلى الانتقام، ولو فقط من أجل الحفاظ على المبادئ الدينية والطائفية.
توقعات الخبراء
هذا ويتوقع الخبراء رداً إيرانياً قوياً، والذي قد يتضمن هجمات مباشرة من إيران أو من خلال فصائل محور المقاومة بالوكالة في العراق وسوريا موالية لإيران.
ويشير هذا السيناريو إلى أن إيران قد تصدر تعليمات إلى قادة حزب الله المتبقين في لبنان بالتنسيق مع طهران في التخطيط لضربة انتقامية، مما قد يؤدي إلى تصعيد كبير في المنطقة.
هل تمت إعادة ترتيب كل الأوراق؟
إن استشهاد نصر الله المحتمل قد يؤثر بشكل كبير على الديناميكيات السياسية الداخلية في لبنان، مع عواقب على إسرائيل. وإذا تم تأكيد ذلك، فإن المجتمع الشيعي سيبقى مع زعيم رئيسي واحد من مكانة نصر الله:
“نبيه بري، رئيس مجلس النواب اللبناني ورئيس حركة أمل الشيعية، التي نشأ منها حزب الله الأكثر حدة وشراسة.”
ماذا عن القيادة السياسية لحزب الله؟
وترى القيادة السياسية لحزب الله أن هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي للحزب، نائباً لنصر الله، ولكن التقارير تشير إلى أنه ربما أصيب أيضاً في هجوم الضاحية.
وإذا حدث هذا، فقد يصبح بري الزعيم الرئيسي للطائفة الشيعية والشخصية التي قد تلجأ إليها الطوائف اللبنانية الأخرى وحكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي للحصول على التوجيهات بشأن الخطوات التالية.
وأكد المسؤولون الأميركيون أنهم لم يتلقوا علماً بالعملية الإسرائيلية، على الرغم من العداوة الطويلة الأمد مع نصر الله. وتسعى واشنطن إلى الحفاظ على دورها كوسيط ومناصرة لوقف إطلاق النار في المنطقة.
إذا قُتل نصر الله بالفعل، فمن المرجح أن تتواصل الولايات المتحدة بشكل مباشر مع الحكومة اللبنانية وبري، حيث قد يتم قطع الصلة المتصورة بين وقف إطلاق النار في شمال إسرائيل ووقف إطلاق النار في غزة، مما قد يحرر بري والحكومة للتفاوض بشكل أكثر انفتاحًا.
إن تأثير هذا السيناريو على المفاوضات لإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس لا يزال غير مؤكد. من ناحية أخرى، إذا رأى زعيم حماس يحيى السنوار (على افتراض أنه لا يزال على قيد الحياة) مصير نصر الله، فقد يدرك أن مصيره قد يكون مشابهًا وأن وفاته لن تخدم أهداف حماس في البقاء في غزة.
من ناحية أخرى، قد يؤدي اغتيال نصر الله إلى زيادة احتمالات نشوب صراع إقليمي قد يستغله السنوار، مما يجعله أقل ميلاً للموافقة على صفقة رهائن.
قد يؤدي القضاء على نصر الله أيضًا إلى زيادة فرص تجدد الجهود لتبادل الرهائن، حيث يعيد ترتيب الأوراق ويجبر جميع الأطراف المشاركة في الصراع متعدد الجبهات على إعادة النظر في مواقفها وإعادة تقييم مصالحها، وخاصة إيران. إن الضربة على بيروت قد تؤدي إلى تحول استراتيجي قد يؤدي إلى إنهاء الحرب.
إذا كانت الولايات المتحدة راغبة في المضي قدماً في مفاوضات الرهائن ووقف إطلاق النار في الشمال، فإنها تحتاج إلى خلق رادع موثوق به لمنع إيران من التفكير في شن حرب إقليمية من خلال هجوم مباشر على إسرائيل أو وكلائها.
سوف تحتاج جميع الأطراف، بما في ذلك إسرائيل ومواطنيها، إلى الانتظار حتى تهدأ الأمور وتظهر الحقائق قبل إعادة تقييم استراتيجياتها وتحديد خطواتها التالية.