د. ناجح إبراهيم يكتب:1979 عام التحولات الكبرى
كتب د.ناجح إبراهيم مقالاً بعنوان” 1979، عام التحولات الكبرى” وهو العام الذي وقّع فيه الرئيس السادات معاهدة كامب ديفيد والتي مثلت بداية حرق الأرض تحت أقدام السادات (كما يقول الكاتب) مشاركة بين اليساريين والناصريين والجماعات الإسلامية، ويضيف مستدركا “ولكن الأخيرة كانت الأسرع للعنف”، وتم نشر المقال في جريدة الوطن اليوم الثلاثاء وفى التالى نص المقال:
• منذ عدة سنوات قابلتني باحثة لبنانية تجهز كتاباً عن”التحولات الكبرى عام 1979″بالعربية والانجليزية وتنتوي نشره بأمريكا ولبنان في الوقت نفسه,تحدثنا طويلاً عن هذا العام الذي لم أهتم به الإ وقتها.
• كانت تجهز كتاباً يتفوق علي كتاب الأمريكي كريستيان كارل الذي عنونه”المتمردون الغرباء 1979 وولادة القرن الواحد والعشرين”.
• تحدثنا سوياً عن أن عام 1979 كان عاماً فاصلاً في مصر في تكوين الجماعات الثلاث الكبرى في مصر”الإخوان – السلفيون – الجماعة الإسلامية” وأنه العام الذي وقع فيه الرئيس السادات معاهدة كامب ديفيد والتي مثلت بداية حرق الأرض تحت أقدام السادات مشاركة بين اليساريين والناصريين والجماعات الإسلامية,ولكن الأخيرة كانت الأسرع للعنف والذي أدي لمقتل أفضل رئيس حكم مصر,والذي نقلها من عار الهزيمة إلي شرف النصر والكرامة,وبداية تصحيح المسار والانفتاح من جديد علي العالم.
• كلما هممت أن أكتب عن هذا العام الفاصل في تاريخ العالم عامة والعرب خاصة تعوقني المعوقات حتى تحولت الكتابات عنه إلي أفلام وثائقية,وكتب أخري سارت علي نفس المنوال .
• الغريب أن كل التغيرات العالمية والعربية الكبرى تعود جذورها إلي هذا العام بالذات,ففيه نجحت الثورة الإيرانية وصعد الخوميني ورفاقه إلي سدة الحكم وبدأت نظرية”ولاية الفقيه”تحل محل “ولاية الأمة” علي نفسها وازدواجية الحكم بين المرشد والرئيس,والجيش والحرس الثوري,وصناعة الميلشيات في كل مكان والأخطر من ذلك بداية الصراع السني الشيعي في المنطقة وتمدد الإمبراطورية الإيرانية لتلتهم أربع دول عربية كاملة وتستعد لالتهام الباقي.
• وفي هذا العام تم الاجتياح السوفيتي لأفغانستان الذي استمر عشر سنوات والذي اتبعه حشد أمريكا والغرب ومعهم معظم الدول العربية للمقاتلين العرب والمسلمين لقتال السوفيت في أفغانستان وكانت هذه بداية تحويل أفغانستان إلي حاضنة كبرى للجماعات المتطرفة والإرهابية مثل القاعدة وغيرها.
• بداية فكرة القاعدة وأخواتها كانت في هذا العام وبعد جلاء السوفيت أصبحت أفغانستان مكاناً لانطلاق العمليات الإرهابية الكبرى وأهمها أحداث 11 سبتمبر التي تبعها احتلال أفغانستان عشرين عاماً أخرى,احتلال العراق.
• وفي هذا العام صعد صدام حسين لسدة الحكم في العراق لتبدأ فصول مأساوية بالحرب مع إيران أولاً واستنزاف موارد البلدين ثم احتلال الكويت ثم تدمير واحتلال العراق وتسلميه كغنيمة بارده لإيران.
• وفي العام صعدت رسول الرأسمالية العتيدة تاتشر لسدة الحكم في بريطانيا وهزمت اليسار في بريطانيا وأوربا.
• وفيه اعتلي البابا البولندي يوحنا بولس الثاني سدة الهرم البابوي وكانت زيارته لوطنه بولندا بداية الانهيار للكتلة الشرقية في أوربا والتي اكتمل انهيارها في عشر سنوات لتخرج من عباءة الشيوعية والسوفيت وتدخل الحضن الأمريكي الغربي.
• وفي هذا العام انتعشت كل جماعات الإسلام السياسية في العالم متخذة من انتصار الثورة الإيرانية نموذجاً لإمكانية نجاح الحشود الشعبية في الوصول للحكم دون تريث حتى لسنوات لسبرغور الثورة الإيرانية التي كانت وبالاً علي الوطن العربي,ولفحص تجربة الثورات علي الحكام ومدي جدواها.
اقرأ أيضا.. د. ناجح إبراهيم يكتب: “رضا عبدالسلام.. أسطورة العزيمة”
• وفي هذا العام حكم الصين الرئيس الإصلاحي دينغ شياو بينغ الذي أخرج الصين من عزلتها وفتح أبوابها للاستثمارات الأجنبية وكان حكمه بداية صعود العملاق الصيني الذي لم يتوقف من ساعتها عن النمو والتمدد,وأنقذ الصين من الشيوعية والتخلف,ورد علي الممثلة الأمريكية التي قالت له:إنها زارت الصين من قبل فبهرت بمنظر البروفيسور الجامعي وهو يزرع الخضار فقال لها:مكان البروفيسور التدريس في الجامعة وليس زرع الخضار”وقد عانيت من ذلك شخصياً.
• وفي هذا العام حدثت محنة جهيمان الذي احتل الحرم المكي مع 400 من أتباعه في مأساة دينية وإنسانية متصوراً أنه المهدي المنتظر مأولاً الأحاديث بطريقة سقيمة,وكان هذا مؤشراً واضحاً علي بداية التطرف والتكفير في السعودية,واختراق الفكر المتطرف لها.
• القرن الواحد والعشرين بدأ مبكراً حقاً,وبدأ في هذا العام الفاصل 1979.