عاطف عبد الغني يكتب: ما الذي رمانا على المر ؟!
بيان
فى مداخلته خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السكان والصحة، منتصف الأسبوع الماضى، أثار الرئيس السيسي تساؤلات جدية حول برنامج مصر مع صندوق النقد الدولي (البرنامج الحالى) فى ظل التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة.
وأشار الرئيس تصريحا وليس تلميحا، إلى أن مصر قد تضطر إلى إعادة تقييم هذا البرنامج، خاصة إذا لم تأخذ هذه المؤسسات الدولية فى الاعتبار الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد المصري نتيجة هذه التحديات التى أنتجت الأزمات.
كما شدد الرئيس على أن الحكومة المصرية لن تفرض على الشعب أعباء لا يستطيع تحملها، مما قد يستدعي مراجعة الاتفاقيات القائمة مع الصندوق (حسب قوله).
وبعد ساعات من هذه التصريحات الكاشفة، أضاف الرئيس فى الجلسة الموسعة لقمة بريكس المنعقدة فى كازان الروسية، ما يلقى مزيدا من الضوء على الأسباب الحقيقة للأزمة مع المؤسسات الدولية المعنية بالاقتصاد أو المفترض كذلك، مثل الصندوق والبنك الدوليين.
وقال الرئيس فى كلمته: إن “القصور الذى يعانى منه النظام الدولى الحالى، لا يقتصر فقط على القضايا السياسية والأمنية، بل يمتد إلى الموضوعات الاقتصادية والتنموية.
وأجمل الرئيس 3 أسباب رئيسية لمعاناة الدول النامية، وهى إشكالية الديون، وعدم توافر التمويل اللازم لتمويل أهداف التنمية المستدامة، والسبب الثالث ارتفاع تكلفة التمويل والاقتراض.
وإذا وضعنا التصريحات بجوار بعضها البعض وأعدنا قراءتها فسنجد أنها تشير إلى أزمة عامة للدول النامية والفقيرة، تعمق هذه أزمة الآليات (المؤسسات) الدولية المفترض فيها العكس وهو مساعدة هذه الدول على تجاوز أزماتها وصولا إلى التنمية المستدامة، التى تضمن العدالة الاقتصادية والاجتماعية للدول والشعوب، ومن ثم السلام والأمن الدولى المنشود.
لكن من قال إن هذه المؤسسات، التى يطلق عليها: “مؤسسات الليبرالية الجديدة” الغربية التى يطلق عليها بالخطأ: “دولية”، تعمل حقيقة على الوصول بالدول النامية إلى أهداف التنمية والاستقرار؟!.
سابقة الخبرة، والتعامل مع هذه المؤسسات فيهما الإجابة الشافية عن السؤال، ولمصر تحديدا ميراث تاريخى سيئ مع هذه المؤسسات خلال ثلاثة أرباع القرن المنصرمة، الذى تأكد خلالها أن هذه المؤسسات تخلط عملها الاقتصادى بالعمل السياسى، لتخدّم على أجندات (العولمة) وقناعات الليبرالية الجديدة، التى تمثل قناعا براقا لوجه الاستعمار الاقتصادى القبيح، فى سعيه للسيطرة على مفاصل الدول وأذرعها حتى لا تملك من أمر اقتصادها شيئا.
وبمعنى آخر تصبح دولة “رخوة” ويرتهن قرارها لمصلحة مؤسسات وجماعات وأفراد مجهولين، يديرون أمور العالم من أماكن تواجدهم فى واشنطن دى سى، أو وول ستريت بنيويورك، وجنيف بسويسرا، أو حيثما تواجد المتنفذيين الرأسماليين العالميين.
والسؤال: وماذا يضطرنا للتعامل مع هذه المؤسسات؟!.. أو كما يقول المثل الدارج: “ايه اللى رماك على المر؟! والإجابة: إللى أمر منه”.. لكن بالتأكيد هناك حلول أو مخرج، فانتظرونا فى مقال قادم.