دكتور هانى الجمل يكتب: سيد البيت الأبيض
بيان
ساعات معدودة تفصل العالم عن معرفة من سيجلس على كرسي الرئاسة بالبيت الأبيض، مع تقارب فرص كل من كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، وذلك بعدما حظيا بثقة الحزبين الرئيسيين لخوض سباق الانتخابات.
وإذا كانت الانتخابات الرئاسية الامريكية تأتي متزامنة مع أحداث عالمية ساخنة في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية، فإن الأهم بالنسبة لنا كعرب رؤية كلا المرشحين لقضايا الشرق الأوسط، الملتهبة، مع تصاعد العنف الإسرائيلي في لبنان وغزة، وأجواء التوتر بين تل أبيب وطهران، وما يمكن أن يحدث خلال الأيام القليلة المقبلة.
ولا يمكن هنا غض الطرف عن الوضع الداخلي الأمريكي مع تزايد حالة الاستقطاب والانقسام السياسي، خاصة منذ وصول ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2017، وهي الحالة التي اتسعت تدريجياً مع اقتحام أنصار ترامب للكونغرس في يناير 2021 اعتراضاً على نتائج الانتخابات آنذاك، والتي أسفرت عن فوز الرئيس الحالي بايدن.
وإلى جانب ذلك، هناك العديد من العوامل الداخلية التي قد تؤثر في حسم السباق الرئاسي بين هاريس وترامب، لعل أبرزها الأوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة، حيث يركز المرشحان على ملف الهجرة والاقتصاد والتجارة كمحرك رئيسي لحملاتهما الانتخابية، التي تستهدف التأثير على قرار الناخب الأمريكي، الذي لا ينتخب رئيسه مباشرة بل من خلال المجمع الانتخابي المُكون من 538 مندوباً يمثلون الولايات الأمريكية، وعلى الرئيس الفائز أن يحصل على 270 صوتاً في هذا المجمع.
وإذا كانت رؤية المرشحين للشرق الأوسط هي الأهم بالنسبة لنا، فإن كلا منهما سعى لكسب الأصوات العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكّدت هاريس أنها ستسعى لإنهاء الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عام حال فوزها، معتبرة أن قتل الفلسطينيين الأبرياء في القطاع “وصل إلى مستوى غير معقول”، وأنها ستبذل قصارى جهدها لتحقيق هذه الغاية وكذلك حل الدولتين، حيث سيكون لدى الفلسطينيين الحق في تقرير مصيرهم، بالإضافة إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”. أمّا ترامب فقد أكّد أنه سيسعى إلى تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، ويراهن على وضع نقاط نهاية للعديد من الصراعات الدائرة في تلك المنطقة. وقال إن الحرب في غزة سوف “تنتهي بسرعة” إذا أصبح رئيسًا. وبالنسبة للبنان قال “سأصلح المشاكل التي تسبب فيها جو بايدن، وأوقف المعاناة والدمار في لبنان.
ولعل السؤال الأهم الآن هو كيف ستبدو السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المقبلة؟ يتوقع بعض المحللين أن تميل هاريس- في حال فوزها – إلى النهج التقليدي في إدارتها، ولا يُتوقع تبنيها أي مبادرات كبرى أو مفاجئة؛ بل ستعتمد على الواقعية تجاه قضايا المنطقة، ومنها محاولة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، والدعوة إلى التهدئة في الإقليم، ودعم “حل الدولتين” في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أمّا إذا فاز ترامب، فالأرجح ميله إلى الانعزالية، وعدم اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية بشكل واسع النطاق خارجياً، مع تشديد العقوبات على إيران، والانحياز الأكبر لإسرائيل في حربها على غزة ولبنان.
خلاصة القول.. لا يوجد فروق جوهرية بين هاريس وترامب تجاه الشرق الأوسط، فكلاهما يدعم إسرائيل بقوة وسيغض الطرف عن عربدتها في غزة وجنوب لبنان، وإن اختلفا قليلاً تجاه التعامل مع إيران وملفها النووي.