طلاب الجيولوجيا.. من شركات التعدين والمناجم إلى معامل التحاليل

أستاذ جيولوجيا: الطالب الجيولوجي في مصر مهدور حقه

كتب: إسلام فليفل

تأتي الرياح بما لا تشته السفن، هذا البيت الشعري هو الوحيد الذي يعبر عن حال طلاب كلية العلوم، قسم الجيولوجيا في مصر، فالطلاب في بداية عامهم الأول يملأهم الأمل بغد أفضل، ويتملكهم النشاط والحيوية، حيث يبدأ كل طالب في تصور حياته المستقبلية، وينسج أحلامه على ذلك، وظيفة جيولوجية محترمة أهم تلك الأحلام، إلا أنه سريعًا ما يصطدم بالواقع، فتمر سنوات الدراسة عليه بطيئة صعبة، عندما يتأكد أن مجرد فرصة العمل في مجاله هي درب من دروب الخيال، هؤلاء الطلاب لا يبالغوا في وصف حالتهم، فوجهات نظرهم بنيت من واقع التجارب التي مر بها من تخرج قبلهم، فلم يجد عملًا في تخصصه دون مبرر.

يهمك.. مخترعون: الروتين الحكومي يقتلنا.. والسفر الحل الوحيد

“بيان” تخترق أسوار أقسام الجيولوجيا بكليات العلوم، لتُظهر لكم ما بداخلها.
في البداية أوضح إبراهيم جمعة، الطالب بالفرقة الثالثة بجامعة الأزهر، أنه دخل هذا القسم بُناءًا على رغبته، ولكن سريعًا ما فوجئ بعدم توافر الإمكانيات اللازمة للعمل على أرض الواقع، قائلا “تمنيت في ذلك الوقت إني أدخل تجارة كانت أحسن بسبب توافر العديد من الوظائف لهم، مقارنة بشغلنا”.
وأضاف جمعة أن عدد المتواجدين في دفعته حوالي 140 طالب، مشيرا إلى أن العام الدراسي الحالي يضم لأول مرة هذا الكم الهائل من الطلاب، واصفًا ذلك بالمشكلة الكبيرة التي تسببت في وجود صعوبات عدة، على رأسها عدم كفاية الأجهزة التي يجري عليها الطلاب تجاربهم، وتذمر جمعة من كون دراستهم نظرية لا يتم التطبيق عليها بشكل عملي على الوجه المطلوب، مما يجعلهم غير مؤهلين لسوق العمل بعد التخرج، قائلا” بعد شكاوى عديدة تقدمنا بها إلى أساتذة الجامعة، كان الرد بأن كثرة أعداد الطلاب داخل القسم مقارنة بالإمكانيات المتوفرة داخله، هو السبب في ذلك”.

الشغل بالواسطة

واتفق معه عماد حمدي، خريج قسم الجيولوجيا جامعة القاهرة، حيث أنه التحق بهذا القسم وتخصص في الجيو كيمياء لإرضاء والدته فقط، مشيرًا إلى أنه كان يطمح في دخول قسم الفيزياء باعتباره أسهل في البحث عن عمل بالتخصص، وأنه كان يتوقع اهتمام القسم بالتخصص العلمي أكثر من كونه نظريًا، وهو ما جعل الندم يتسرب إلى نفسه، عندما رفض دخول كلية أخرى.
وعن رؤيته لسوق العمل قبل وبعد التخرج، قال إنه توقع أن يعمل في مجال البترول، لكن الأمر اختلف “المجالات المتاحة هي التعدين، والمياه، والمناجم، والبترول، إلا أن الأخير غير متوفر، وفي حالة توافره يحتاج الشخص لواسطة من مسؤول كبير، مما يدفعنا للعمل في ميديكال ريب”.

جامعة بور سعيد الأفضل

وأكدت هبة الله إسماعيل، طالبة بالفرقة الرابعة جيولوجيا بقسم بترول وغاز طبيعي بجامعة بور سعيد، أنها التحقت في البداية بمعهد هندسة خاص في دمياط الجديدة، وعقب شهر من الدراسة، وجدت أنه من الصعب أن تستكمل بها، نظرًا لظروفها المادية الصعبة، فقامت بالتحويل إلى كلية العلوم، لأنها كانت الخيار الأفضل بعد هندسة، وعندما دخلتها وجدت كل شيء على ما يرام، وأوضحت أن هناك وظيفة واحدة فقط متوفرة لجميع طلاب الجيولوجيا وهي “ميديكال ريب”، لأن العمل في المجال الجيولوجي غير متاح.
وأضافت هبة “بالنسبة للإمكانيات بالكلية، القاعات في جامعة بور سعيد جيدة، والمدرجات في حالة جيدة هذا فيما يخص مبنى الكلية نفسه، أما بالنسبة للكتب يكون ذلك على حسب الدكتور نفسه، بمعني أن هناك أساتذة تقوم بعمل كتاب للمادة من السنة الأولى للدراسة بمقابل مادي، وهناك من يقدم لنا المادة دون مقابل.
وأكدت أن الكلية تقوم بتوفير رحلة طلابية للقسم كل عام، وتقوم بتدعيمها ماليًا بنسبة تصل إلى 65%، كما أنها تتيح فرصة للطلاب للتدريب باتضافة عاملين في شركات بترول أو تعدين أو مياه ومجالات خاصة بالجيولويجا، لليقوموا بشرح طبيعة العمل في الشركات.

أستاذ جيولوجيا

وفي السياق ذاته أكد دكتور محمد خلف، أستاذ الجيولوجيا بجامعة حلوان، على كل ما يعانيه الطلاب من مشكلات، مشيرًا إلى أن تدنى المستوى، وغياب الإمكانيات يختلف من جامعة لأخرى، فلا يجب التعميم، فهناك جامعات سيئة وأخرى أكثر سوءًا، وعلى سبيل المثال كانت جامعة حلوان تقوم باستخراج ورقة تدريبية من الكلية للتدريب في شركة بترول وغيرها، أما الآن أصبح الطالب يدفع حوالي 200جنيه للحصول على تلك الورقة، وهو يعد نوع من التعجيز، ولك على حسب قوله.
وأوضح خلف أن “الطالب يقوم بدفع ثلاثة أرباع الرحلات الحلقية، وهي رحلة ضرورية ومكملة للحصول على درجة البكالوريوس، حيث يدفع الطالب 800جنيه، وهو ما يعد خارج إطار القانون، وفي هذه الحالة أصبح على الطالب توفير موارد مالية كبيرة حتى يتمكن من توفير الإمكانيات العلمية المطلوبة.

زر الذهاب إلى الأعلى