عاطف عبد الغني يكتب: الأصابع الخفية التي تلعب في البحر الأحمر

بيان

“فقدنا أكثر من 50 إلى60% من عائدات قناة السويس ، وعلى مدار الـ7-8 أشهر الماضية، فقدنا أكثر من 6 مليارات دولار”، هذا تصريح للرئيس عبد الفتاح السيسي، أدلى به قبل أسبوعين تقريبًا، واقترن التصريح بتحذير من تطورات خطيرة للغاية تحدث فى المنطقة يمكن أن تؤدي إلى توسيع نطاق الصراع فيها، والسبب الأساسى فيما حدث هو هجمات الحوثيين على السفن العابرة فى البحر الأحمر ، وما ينتج عن ذلك من تعطيل حركة الملاحة.

ووجه الغرابة فى هجمات الحوثيين هو هذه الدقة العالية المستخدمة فى تتبع السفن واستهدافها، وهو ما يتطلب تكنولوجيات متقدمة جدًا لا يملكها الحوثيون، ولا داعمهم الأول إيران ، فما القصة؟!.. أو من يزوّد الحوثيين ببيانات الاستهداف؟!.

مقال منشور قبل أيام فى مجلة “فورين بوليسى” المقربة من إدارة الخارجية الأمريكية، وتعكس سياسات أمريكا الخارجية يتهم روسيا والصين صراحة بأنهما وراء تزويد الحوثيين بالإحداثيات المطلوبة للاستهداف وقد يتبع هذا تقديم مزيدمن الدعم للحوثيين.

وتستشهد كاتبة المقال بتقرير لشركة “ديسربتيڤ إندستريز (DI)، وهي شركة تكنولوجيا بريطانية متخصصة فى اكتشاف المخاطر العالمية”، والتى تؤكد وجود نشاط روسي واسع النطاق وغير مرئي فى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فى اليمن، وأن هذا النشاط قائم منذ مدة من الوقت، (بحسب المقال).

لقد بدأ الحوثيون حملتهم ضد السفن التجارية فى البحر الأحمر فى شهر نوفمبر من العام الماضي 2023، بضرب سلسلة من السفن المرتبطة بإسرائيل، بزعم دعمهم لغزة (بحسب المقال) وعندما تدخّلت الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم الاتحاد الأوروبي، لدعم الملاحة فى البحر الأحمر بإرسال سفن حربية لحماية السفن التجارية (من جميع الجنسيات)، بدأت الجماعة فى مهاجمة السفن المرتبطة بهذه البلدان أيضًا.
وعلى هذا النحو استمر الحوثيون فى شن عدد من الهجمات على السفن فى البحر الأحمر كل شهر، وفى أغلب الأحيان، تنجح السفن البحرية الغربية فى إحباط الهجمات.

لكن عديدًا من السفن التجارية تعرضت للهجوم، وغرقت اثنتان منها، لكن باستثناء سفينة روسية تعرضت للهجوم فى شهر مايو الماضي ــ ربما عن طريق الخطأ – نجت السفن الروسية والصينية.
ولابد أن يطرح الاتهام السابق سؤالاً هو: ما الفائدة التى تعود على روسيا من ذلك؟! والإجابة بحسب المقال: “إن روسيا تقدم للحوثيين معلومات محددة حول الوجود الدقيق للسفن فى البحر الأحمر لتجعل هذا الممر المائي الاستراتيجي أكثر خطورة على السفن المرتبطة بالغرب”، إضافة إلى أن هجمات الحوثيين تتوافق بالتأكيد مع رغبة روسيا فى تحويل أنظار العالم عن أوكرانيا (انتهى الاقتباس من المقال).

والرأى السابق وإن بدا منطقيًا فلن يثنينى عن رأيى، وهو أن الغرب له مصلحة أيضًا فيما يحدث فى البحر الأحمر، وضرب قناة السويس كممر ملاحى مهم جدًا فى مشروع طريق الحرير الصينى الذى يمثل خطورة كبيرة على اقتصاديات الغرب.

وأخيرًا فإن رأيى هذا إلى جانب رأى مقال “فورين بوليسى” يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك “أصابع خفية” حوّلت البحر الأحمر إلى ساحة للقتال بالوكالة بين الدول الكبرى فى العالم.

اقرأ أيضا للكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى