“قل شكوتك”.. نفوس تائهة

كتبت: أسماء خليل

ظللتُ أواري كثيرًا من أجل صورتي المرتسمة أمام العالم؛ حتى تاهت نفسي بين الوجوه التي أردتُ يومًا التجمل أمامها، لقد ترددتُ كثيرًا قبل أن أرسل إليكِ مشكلتي سيدتي، ولكني دونما أدري كتبتُ وكتبت، علَّ ثورتي تخمد نيرانها.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلتها السيدة “د.أ”، أرسلتها عبر البريد الإلكتروني راجيةً من الله عز وجل أن تجد من يرشدها في طريقها نحو حياة أفضل.

الشـكوى

أنا ” د. أ” زوجة في ريعان شبابي، فقد تزوجتُ منذ خمس سنوات ومالبثتُ حينها إتمام الثانية والعشرين من سني عمري، بعد أن حصلت على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية؛ فكم حرص والداي على إتمام تعليمي رغم أنه كان متوسط الحال.

كان أبي موظفًا حكوميا بسيطا وأمي ربة منزل، ولكني عشت في بيت عائلتي بإحدى مدن الدلتا أجمل أيام عمري.. كانت أمي شديدة النظام والنظافة والتدبير؛ فقد كان مرتب أبي البسيط يكفينا بفضل مهارتها وإدارتها لاقتصاد المنزل.

حقًّا أستطيع القول إن أمي جعلت بيت أبي جنة، فكانت تزرع الورود في كل مكان بالمنزل، ومن الملابس البالية المزركشة تصنع مفارش ملونة تزين بها المناضد، ولا ثمة تراب في أي ركن من أركان المنزل، كان البيت تحفة فنية.

وكعادة البنت في الحصول على إرثها من أمها وهي على قيد الحياة؛ فقد ورثت من أمي كل طبائعها؛ حتى بدأ الخُطَّاب يدقون بابنا أنا وإخوتي البنات لكثرة ما يراه الناس من حسن إدارتنا لشؤون المنزل، بالإضافة إلى تمتعنا بقدر عال من الجمال.

مِن بين هؤلاء الخطاب اختار أبي شابًّا حسبه على صلاح، وكان محاسبًا ماليا بالمؤسسة الحكومية التي يعمل بها أبي، ويكبرني بأربع سنوات.. من نفس مدينتنا، وأهله يحملون إرثًا من الخلق وحسن المعاملة أبًّا عن جد.

استمرت خطبتنا عاما، كان زوجي يزورنا كل حين ويجلس معي أنا وأسرتي ما لا يزيد عن ساعة من الزمن؛ لانشغاله في تجهيز شقة الزوجية ومتابعة الفنيين وهم يصنعون لنا أثاث المنزل.

أستطيع القول أن تلك الساعة التي كان يحل علينا فيها ضيفًا لم تكن كافية لمعرفتي مدى حُسن أو سوء طباعه وهو منفرد مع نفسه أو بصحبة الآخرين.

مرَّ حفل زفافنا على خير، وذهبنا إلى عش الزوجية الذي انتويت أن أحذو حذو أمي وأجعله جنة لزوجي ولي، حتى ألتمس جمال الحياة؛ ولكن كانت المفاجأة الكبرى، بمجرد أن وطئت قدمنا المنزل وبعد ترحيب من زوجي، دخل الحمام ولاحظتُ أنه لم يقم بتشغيل المياه، تضايقت قليلا ولكني قلت لنفسي ربما أنا توهمتُ ذلك، مر بعض من الوقت، و بينما نحن بغرفتنا إذ قال لي أحضري لي منديلًا عزيزتي، تأخرتُ في إحضار المنديل فقد نسيتُ أيًّا من الأدراج تحتوي على المناديل لحداثة عهدي بالشقة ونظامها، وريثما عدتُ وجدته بثق (بال) على الأرض بجوار السرير، كنت في حالة اشمئزاز مختلطة بشيء من الحياء مما فعل!.

توالت المواقف المُقززة منه، يبثق في حوض الأطباق وهي لم تكن تم غسلها بعد، يتمخط ولا يغسل يديه، يمسح أنفه بستائر المنزل، لا يقوم بالاغتسال بعد قضاء حاجته في أغلب الأحيان.

استجمعتُ كل قوتي وواجهته بكل لطف ولكن بدا على قسماتي بعض الضجر والتقزز؛ فوجئت برد فعله وهو يقول لي “أنا كدا ومش هتغير، هو الواحد ما يعرفش يآخد راحته في بيته” !!!.

إنني في حالة يُرثى لها، وكيف أحكي تلك الأشياء غير اللائقة لمن حولي؟!.. ازدادت حالتي سوءًا واشمئزازًا؛ وخاصة أنني مهتمة بالنظافة والنظام جدا، فهي من أولويات حياتنا كما علمتني أمي.. ماذا أفعل سيدتي بحق الله؟!.. هل أطلب الطلاق؟!..

الحــــل

عزيزتي ” د. أ” كان الله بالعون، لا شك أنه في كثيرٍ من الأحيان تكون فترة الخطوبة غير كافية لمعرفة طبائع الأشخاص وما تكنه صدورهم من شمائل.

حقًّا مشكلتك تستدعي الانتباه لشيء هام جدا، وهو أنه على كل أم تعليم ابنها وتعويده على النظام والنظافة؛ حتى لا يكون محل استهجان الآخرين حينما يبدأ الاندماج وسط العالم.

لقد لاحظتُ عزيزتي من بعض الكلمات بين سطوركِ أنكِ تخشين رأي الناس جدا، وأنكِ تخافين عرض الأمر على أحد المقربين حتى لا يفتضح أمركما.. حقًّا علينا أن نستعين بالكتمان أثناء قضاء حوائجنا، ولكن أيضًا ما خاب من استشار.

لا يهمكِ رأي أحد ولا تشغلي بالكِ بذلك الأمر، فكل إنسان بالحياة أولى له أن ينشغل بمشاكله بدلًا من تتبع عورات الناس.

عليكِ أولًا بالتحدث مع زوجكِ أكثر من مرة، وإظهار تضرركِ له مما يفعل، وكذلك توفير المناديل ووسائل التنظيف الميسرة في كل مكان بالمنزل.

حاولي أن تعوديه على طباعكِ بحيل المرأة الذكية، واجعليه يفهم طبيعة شخصيتكِ من حبكِ للنظافة والنظام، استعيني بتدلل المرأة ودهائها في جعل زوجكِ يحبكِ ويشتاق إليكِ ويعجب بكِ؛ حتى يحاول تنفيذ ما تُريدين.

ناقشيه بكل لطف وربما تدلل؛ فالحياة مسرح وعلى الجميع أن يكونوا فنانين حتى يتمكنوا من البقاء على خشبة المسرح بدلًا من الفرجة في صفوف المشاهدين.

إذا فعلتِ ما بوسعكِ من نصح لزوجكِ ولم ينتصح، فعليكِ إذن أن تتخيَّري من عائلة زوجكِ من تتوسمين فيه الصلاح والقرب النفسي له، أبيه أو أمه أو أخته أو ابن عمه…. إلخ.. وقصِّي عليه ما يحدث؛ لكي يحاول توجيه النصح والإرشاد لزوجكِ، حتمًا سيتأثر زوجكِ ولو لم يظهر ذلك.

ومن المؤكد أنه سيتغير تدريجيًّا.. لا تيأسي عزيزتي، فمشكلتكِ رغم أنها هامة؛ إلا أن هناك مشكلات تتعلق بالبخل وسوء الخلق والخيانة الزوجية والتسلط العائلي وعدم الإنجاب….. إلخ.. فالحياة لا ولن تخلو من المشاكل أبدًا.

أمَّا إذا لم ينتصح زوجكِ في النهاية بعد كل المحاولات، فلابد مما ليس منه بد، حتما سيكون الطلاق هو الحل؛ فلا يكلف الله نفسًا إلَّا وسعها.. أعانكِ الله عزيزتي على حالكِ، مزيدًا من الصبر والحيلة والذكاء الزوجي وستنصلح الأمور.

منحكِ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ فى هذه السلسلة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى