القس بولا فؤاد يكتب: العنف ضد المرأة من منظور الشريعة المسيحية
بيان
في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، علينا أن نسلط الضوء على موقف الشريعة المسيحية من هذا الموضوع المهم، ونتأمل في تعاليم الكتاب المقدس التي ترفض العنف بجميع أشكاله، خاصة ضد المرأة.
بداية الخليقة ومكانة المرأة
في سفر التكوين، نرى أن الله خلق آدم من تراب الأرض، لكنه كان وحيدًا في الجنة. لذلك قال الرب الإله: “ليس جيدًا أن يكون آدم وحده، فأصنع له معينًا نظيرًا.” فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَمَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا، وَبَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: «هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ». (تكوين 2: 23)
الحكمة الإلهية في خلق حواء من ضلع آدم ترسخ مبدأ المساواة بينهما؛ فلم تُخلق من قدمه كي لا يتعالى عليها، ولا من رأسه كي لا تتعالى عليه، بل من ضلعه لتكون شريكة مساوية له.
الزواج في المسيحية: سر مقدس
الزواج في المسيحية هو سر مقدس يتم فيه توحيد العروسين في شخص واحد، كما قال السيد المسيح: “إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ».” (مت 19: 6)
لذلك، من يؤذي زوجته بأي شكل من أشكال العنف، كأنه يؤذي نفسه، لأنهما جسد واحد. فالكتاب المقدس يحث الرجال على معاملة نسائهم بلطف واحترام: “أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ” (أف 5: 25)
مكانة المرأة وأهمية المساواة
المرأة هي “آنية ضعيفة” (1 بط 3: 7) كما يصفها الكتاب المقدس، لكن هذا الضعف ليس انتقاصًا من قيمتها، بل دعوة لمعاملتها بمزيد من الحب والمودة. فالتقدم الحقيقي لأي مجتمع يُقاس بمدى احترامه لحقوق المرأة، وتقدير دورها في المجتمع.
عند تقلد المناصب والوظائف، يجب أن يكون معيار الاختيار هو الكفاءة وليس النوع، وهذا ما يعكس روح العدالة والمساواة التي تُنادي بها المسيحية.
نشكر الله على الجهود الكبيرة التي يبذلها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دعم المرأة وتمكينها من تقلد المناصب التي كانت لفترة طويلة حكرًا على الرجال. هذا التوجه يعزز قيم المساواة ويؤكد على أهمية مشاركة المرأة في بناء المجتمع.
إن إرادة الله منذ بدء الخليقة هي أن يعيش الرجل والمرأة في علاقة يسودها الحب والمودة، بعيدًا عن العنف والكراهية. إن تعاليم الكتاب المقدس تؤكد على كرامة المرأة وحقوقها، وتحث على معاملتها كشريكة مساوية، وليس كطرف ضعيف.
مُلحق جزء من صلوات طقس الزيجة المقدس بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
يصلي الكاهن:
والآن وقد حضرتما في هذه الساعة المباركة قدام هيكل رب الصاباؤوت ومذبحه المقدس في هذا المحفل الأرثوذكسي، وجمعتكما هذه الزيجة المباركة، والإكليل المقدس.
فعلى هذا الرسم وهذه الشريعة، هكذا اتّخذ سائر الآباء المؤمنون امرأة واحدة بطُهر ونقاوة، لطلب الذرية، وإيجاد الخلف
فيجب عليكما أن يعرف بعضكما حق بعض ويخضع كل منكما لصاحبه، وليكُن كل واحد منكما أميناً نحو الآخر كقول معلمنا بولس الرسول: ليس للمرأة تسلُّط على جسدها، بل للرجل وكذلك الرجل أيضاً ليس له تسلُّط على جسده، بل للمرأة.
وصية الزوج
يجب عليك أيها الابن المبارك المؤيد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك في هذه الساعة المباركة بنية خالصة، ونفس طاهرة، وقلب سليم، وتجتهد فيما يعود لصالحها، وتكون حنوناً عليها، وتسرع الى ما يسر قلبها.
فأنت اليوم المسؤول عنها من بعد والديها، وقد تكللتما بالإكليل السمائي، والزيجة الروحانية، وحلت عليكما نعمة الله، ومتى قبل ما اوصيت به أخذ الرب بيدك، واوسع في رزقك، ويرزقك أولاداً مباركين يقر الله بهم عينيك، ويمنحك العمر الطويل، والعيش الرغد، ويحسن لك العاقبة في الدنيا والآخرة.
وصية الزوجة
وأنت أيتها الابنة المباركة العروس السعيدة قد سمعتِ ما أوصي به زوجك. فيجب عليكِ أن تُكرميه وتهابيه، ولا تخالفي رأيه، بل زيدي في طاعته على ما أوصي به أضعافًا. فقد صرتِ اليوم منفردة معه وهو المسؤول عنكِ بعد والديكِ. فيجب عليكِ أن تقابليه بالبشاشة والترحاب، ولا تضجري في وجهه، ولا تضيعي شيئا من حقوقه عليكِ، وتتقى الله في سائر امورك معه، لأن الله تعالى أوصاكِ بالخضوع له، وأمرك بطاعته بعد والديكِ.
فكوني معه كما كانت أمنا سارة مطيعة لأبينا إبراهيم، وكانت تخاطبه: يا سيدي. فنظر الله إلى طاعتها له، وبارك عليها، وأعطاها إسحق بعد الكِبَر، وجعل نسلها مثل نجوم السماء، والرمل على شاطئ البحر. فإذا سمعتِ ما أوصيناكِ به، واتبعتِ جميع الأوامر، أخذ الرب بيدكِ، ووسع في رزقك، وحلت البركات في منزلك، ورزقك أولادًا مبارکین يًقر الله به عینیكِ.
…………………………………………………….
كاتب المقال: كاهن كنيسة مارجرجس المطرية