عاطف عبد الغني يكتب: حفرة ترامب

بيان
أى جحيم يهدد به ترامب الشرق الأوسط إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، الذين فى حوزة حماس قبل 20 يناير القادم، موعد جلوسه على كرسى العرش الأمريكى؟.. هل لنا أن نبحث عن إجابة منطقية أو موضوعية على السؤال، الذى فرضه علينا تصريح عشوائى، أقلق الجميع لاشك، وأصابهم بالشك فى احتمال (حتى ولو كان ضئيلا) فى أن سيد البيت الأبيض القادم سيعمل على إطفاء الحرائق فى الشرق الأوسط ، ويسعى إلى إقرار سلام دائم من خلال تسوية حتى ولو كانت شبه عادلة للقضية الفلسطينية أصل وسبب كل الحروب فى المنطقة؟.

أعود أكرر السؤال: أى جحيم يهدد به ترامب الشرق الأوسط ؟.. وأؤكد أن الإجابة الموضوعية تستلزم أولا أن نتحرر من الخوف، الذى يمكن أن يبعثه التهديد فى النفوس استنادا إلى فارق القدرات أو القوة التى يمتلكها مصدر التهديد والمعنيين بالتهديد نفسه سواء أكانت دولا أو منظمات أو شعوب وأفراد.

وفى النهاية، فإن مُطلِق التهديد (ترامب) والمعنيين بالتهديد، كلاهما بشر وأشخاص طبيعيين، و ترامب ليس إله يملك تصريف مقادير هذا الكون.

وإذا رأيتنى أبالغ أذكّركم أن أمريكا العظمى لم تستطع أن تقهر حركة المقاومة الفيتنامية “الفيت كونج” فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، وقاد المقاومة الفيتنامية محارب عظيم يدعى “شى منه”، وانتهت بهزيمة استراتيجية للقوات الأمريكية، وانسحاب مذل بعد حرب غير أخلاقية وغير مبررة استمرت لما يقرب من 20 عاما.

وقريب أيضا مثال الغزو السوفيتى لأفغانستان، الذى استمر لنحو 9 سنوات وأسفر فى النهاية عن خسائر فادحة فى صفوف السوفيت تمثلت فى مقتل نحو 15 ألف عنصر من الجيش السوفيتى الجبار، وخسائر مادية قُدرت بمليارات الدولارات، عجلت بانهيار الاتحاد السوفيتى وتفككه بعد انسحاب قواته بشهور من واحدة من أفقر بلاد الله ” أفغانستان “.

وربما تقول: إن المثالين ينتميان إلى حقبة ” الحرب الباردة ” وأن الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية كان لهما دخل كبير فى هزيمة الأمريكان فى فيتنام، والعكس صحيح فى حرب أفغانستان.

وأقول لك إن الأيام القادمة حبلى بالتغييرات على المسرح العالمى، والدليل ما يحدث الآن فى سوريا وتدخّل روسيا العسكرى فيها، وما يحدث فى “منطقة أوراسيا” الملتهبة، وأسفر عن استقطابات حادة بين الشرق والغرب، بمعنى زيادة تكتل روسيا والصين وكوريا الجنوبية، ضد أمريكا وأوروبا.. وحتى لو عمل ترامب على تخفيف حدة هذه الاستقطابات بتقليل حدة الخلافات مع روسيا أو الصراع مع الصين، إلا أن هذا لن يجدى، ولن يمنع العالم عن العودة بقوة إلى القطبية، وسياسة المعسكرين: الغرب، والشرق.

وعلى العرب الآن أن يحسنوا اللعب مع وعلى الطرفين للحصول على أكبر المكاسب.

والآن أستطيع أن أطمئن الخائفين من تهديد ترامب، وأقول لهم: ماذا عساه أن يفعل؟.. وماذا فعل سابقا وخلال ولايته الأولى مع حاكم كوريا الشمالية، أو إيران؟.

ترامب يهدد ويدفع خصومه إلى حافة الهاوية، لكنه يخشى فى النهاية السقوط معهم أو بهم إلى الحفرة.

اقرأ أيضا للكاتب:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى