“قل شكوتك”.. منكَ رغمًا عنكَ

كتبت: أسماء خليل

قد يكون مجرد سرد بعض المشكلات أمام العالم شيئًا بالغ الصعوبة، فهناك بعض الأشياء ليس عاديًا حدوثها بالحياة، ومنها تلك المشكلة لأنها تخص أقرب الناس إلى قلبي، لدرجة أن لسان حالي بات قائلًا:“أنا شكوتي منك إليك”.

أعتقد أن ما سبق هو مقدمة مناسبة لشكوى أرسلها السيد“ف. س”، عبر البريد الإلكتروني راجيًا من الله تعالى أن يجد من يؤازره في طريق حياته المليء بالأشواك.

الشكوى

أنا “ف. س” زوج في العقد الرابع من العمر، حاصل على مؤهل متوسط ولدي ورشة نجارة لصنع الأثاث المنزلي على أعلى مستوى.. أعيش بإحدى مدن الوجه القبلي مع أسرتي الصغيرة.

زوجتي تصغرني ببضع أعوام وحاصلة على مؤهل متوسط أيضًا.. حنونة وطيبة القلب جدا، ولا أخفيكِ سرا سيدتي جاءت لها فرصة عمل جيدة، ولكني لم أوافق لأنها كانت ترعى أبي وأمي.

رزقني الله بطفلين ولدًا وبنتًا، وأحمد الله على سعة الرزق.. أعيش في بيت والدي بالطابقين الثاني والثالث ووالديَّ بالطابق الأول وأختي بالطابق الرابع،،
مشكلتي تكمن في ينبوع المشاكسات والعراقيل التي باتت أختي تصنعها لنا عمدًا بعد وفاة أبي.

أنا بارٌّ جدا بأمي وبأختي تلك، أعطيهما مما رزقني الله وأحب أولاد أختي وزوجها، بل إنَّ الجميع يحسدونها على مدى معاملتي الحسنة لها ولأسرتها.. إنها تختلق ما يضايقني أنا وزوجتي وأولادي، والأمرّ من ذلك أن أمي تصدقها بصورة عمياء.

كلما اشتريتُ شيئًا في بيتي أو نجح أحد أولادي أحالت أختي فرحتنا حزنًا وبات الهم ساكنًا كل المنزل.

كم أقنعتُ أمي أنني غير مخطئ، ولكنها – دائمًا – تصدق أختي وتكذبني أنا.. حاولت أن أتجنب التعامل معها تمامًا ولكنها تتشاجر مع زوجتي ريثما رأتها على الدرج أثناء صعودها السُّلَّم أو في السوق أو مدرسة الأولاد.

لقد وصل بها الحال أن قامت بمنع زوجتي من النزول لدى أمي لخدمتها بسبب تأجج المشاكل كلما قابلتها، بل وتجعل أولادها يضربون أولادي – دون سبب – كلما قابلوهم لدى جدتهم أو في أي مكان.

إنَّها تحاول فصل التيار الكهربائي عن المنزل ببعض الحيل، وإذا رأت أي عميل يريدني في عمل طردته وقالت له إنَّني لستُ موجودًا، إنها لا تريد لي الخير أبدًا.

وما زاد الأمر سوءًا وجعلني غير محتمل ما تفعل هو محاولتها إساءة سمعة زوجتي، والتشنيع عليها بأى شكل مما يعكر علينا صفو حياتنا.. تشاجرتُ معها يومًا وأوصلتني أن تطاولتُ عليها بالضرب فقد نهرتني وقذفتني بمطفأة الحريق.

ولكن سرعان ما ذهبت هي إلى قسم الشرطة لتقديم بلاغ أنني ضربتها، ولولا تدخل رجل فاضل لكنت الآن رهين الحبس.

خبَّرتُ كبير عائلتنا بالأمر وقام بدعوتنا لمجلس عرفي وتم مواجهتنا ببعضنا البعض وكلانا أدلى دلوه، ولكنها كانت مندفعة وما برحت تتهمني بما لم أفعل أنا وأسرتي.. قَابَلَتْ كل اتهام مني بعشر اتهامات من الأباطيل التي تطلني أنا وزوجتي الطاهرة.

لم ينجح المجلس العرفي في الوصول لأية نتائج في صفي بسبب كذب وافتراء أختي وحجتها القوية في الباطل.. لقد ضاقت بي الحياة وحاولت استئجار شقة، ولكن كانت الشقق المعروضة ليست في نفس مستوى بيتي؛ فإنني أعيش بطابقين قد جهزتهما على أعلى مستوى معماري وفني.. لا أعلم ماذا أفعل سيدتي؟! إنَّني في حيرة من أمري.

الحــــــــــــــل

ربما يكون الإنجاز الحقيقي في بعض الأحيان هو أن نربح أنفسنا وفقط.
عزيزي “ف. س” كان الله بالعون، لا شك أنَّ مشكلتك تحتاج إلى وقفة مع النفس؛ إذ أن أي من الحلول سيكون مقابلًا له مزيد من التضحيات، ففي حال ظللت بمنزل الأب ستفقد أعصابك وستتأثر نفسيتك وزوجتك مما سينعكس على أولادك بالسوء.

كذلك إذا تركت المنزل ستبتعد عن والدتك وعن برها الذي أنت بحاجة إليه.. ولا شك في أن أختكَ تحمل قلبًا مريضًا بالحقد والغيرة، وتلك الحالة عجز فيها الأطباء.

إنَّ قلبها الآن بين يدي الله، ادعو مُقلب القلوب أن يثبت قلبها على دينه فتتبع الحق وتترك الباطل.. إنها تغار من زوجتك ولا تريدها تنعم بما أنت فيه من خير وبحبوحة من العيش، بل إنها تريد أن تحرمك من ثواب رعايتك لوالدتك.

عزيزي، إن الشخص الحاقد هوايته بالحياة هي إيذاء من حوله ولو طاله الأذى هو شخصيًّا، إن بداخله نارًا تأكل كل شيء، و حتمًا يعرفه كل من يتعامل معه لأن نيته الغير طيبة تنعكس دائمًا في نظرات عينيه، مهما تحاول إرضاء ذلك الشخص لا يرضى ويتمنى زوال النعمة منك.

إنَّ ما بداخل ذلك الشخص من غل يرهق من يتعامل معه بمرور الوقت حتى إن كنت تتجاهله فإنك لن تسلم من شره.

فالشخص الحاقد يكره الخير لك ويتأثر جدا إذا رأى من حوله ينجحون ويحرزون أي أهداف إيجابية في حياتهم الشخصية أو العملية، ومهما تفعل معه من خير ستجد عدم التقدير لما تفعل؛ لأنه لا يشعر بالامتنان لما تفعله من أجله ولا يقدره أبدًا.

إنه ينتهز الفرصة للحديث عنك بسوء ولا يتورع عن تشويه صورتك بسخريته المبطنة بالحقد في كل وقت والتسفيه منك والشماتة فيك..للأسف سيكون الحل مع ذلك الشخص هو البعد عنه.. فالحاقد يشتعل ويتضرم نارًا وبالطبع يحرق من يقترب منه.

سيكون تأجيرك لشقة في مكان آخر هو الحل حتى لو كانت أضيق وأقل في البناء والطراز الفني وقم بالانتفاع من الطابقين اللذين تملكهما في بيت أبيك بطريقة أخرى؛ فمعيشتك في بيت ضيق وأنت في سعة حال، خير من معيشتك في بيت واسع وأنت في ضيق حال.

ولكن لا تقاطع أختك؛ فقد قال الله تعالى “ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ” من الآية ٣٤ سورة فصلت.. ابتعد عن حقد أختك ولكن لا تبتعد عنها.. صِلْ رحمك وقم بزيارتها ما بين الفينة والفينة..واعرض على والدتك أن تصطحبها معك وحتمًا ستكون في حال جيد لما رزق الله تعالى زوجتك من قلب رقيق.

ابدأ حياتك في مكان آخر فقد بسط الله لنا الأرض لنمشي في مناكبها ونحيا في المكان الذي ترتاح فيه نفوسنا.. وفقك الله لما فيه الخير والصلاح.

منحكَ الله السعادة وراحة البال.

…………………………………………………………………………………………………..

راسلوني عبر الواتس آب 01153870926 و “قل شكوتك” وأنت مطمئن لعلى بعد الله أستطيع أن أخففها عنك.

اقرأ فى هذه السلسلة:

قل شكوتك”.. نفوس تائهة

قل شكوتك.. “حياة بالأبيض والأسود”

زر الذهاب إلى الأعلى