بالأرقام: خريطة النفوذ الجديدة فى سوريا بعد معركتي “ردع العدوان” و”فجر الحرية”

 

 

 

خاص من سوريا: أشرف التهامى

شهدت سوريا، وللمرة الأولى منذ عام 2011، وخلال أقل من 4 أسابيع، توسعًا ملحوظًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل أراضيها، فقد قامت القوات الإسرائيلية باقتحام مناطق جديدة وترسيخ وجودها في عدد من القرى والتلال الواقعة جنوب شرق البلاد، لتسيطر بذلك على ما يقارب 1% من مساحة سوريا.

وجاء هذا التحول الجذرى في خريطة السيطرة والنفوذ داخل سوريا، عقب إطلاق الفصائل المعارضة معركتي “ردع العدوان” و”فجر الحرية” يوم 27 نوفمبر 2024، انطلاقًا من إدلب وريف حلب الشمالي.

هذا التحرك السريع والمتزامن أسفر عن سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024، ليترك تغييرات واسعة في موازين القوى داخل البلاد، وتغيير في الخريطة التي كانت قد استقرت نسبيًا منذ ربيع عام 2020 بفعل الظروف الإقليمية والدولية وتوازنات القوى آنذاك.

 التغيير كان سريعًا ومفاجئًا، فى حدوثه، حيث أدى خلال أسبوعين تقريبًا إلى فقدان النظام السابق سيطرته على مناطق واسعة، لصالح الفصائل والقوى المعارضة لنظام الأسد التي تسلمت إدارة البلاد وتسعى لتوسيع نفوذها ليشمل مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

في هذا السياق، يبدو أن إسرائيل تستغل هذه الظروف المضطربة لإتمام مشروعها في المنطقة والسيطرة على مزيد من الأراضي السورية.

البداية: إدلب وحلب

انطلقت معركة “ردع العدوان” بقيادة هيئة تحرير الشام من إدلب، بالتوازي مع إطلاق الجيش الوطني السوري معركة “فجر الحرية” في ريف حلب الشمالي. ركزت الأخيرة على التقدم في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في تل رفعت وشرق حلب، وهي مناطق كانت قوات النظام قد سلمتها لقسد قبل انسحابها.

“ردع العدوان” كانت هجومًا واسع النطاق شنته فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام ضد قوات النظام السوري وحلفائه. انطلقت المعركة فجر 27 نوفمبر 2024، مستهدفة مواقع استراتيجية في ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي. وصرحت الهيئة بأن العملية جاءت ردًا على قصف الجيش السوري المكثف للمناطق السكنية.

معركة “فجر الحرية” وسقوط النظام

في 30 نوفمبر 2024، أعلن الجيش الوطني السوري، بدعم تركي، بدء معركة “فجر الحرية”. استهدفت العملية مناطق بين الباب وتل رفعت، بهدف اعتراض خطوط إمداد قسد وإنشاء ممر استراتيجي يربط المناطق الواقعة تحت السيطرة التركية. رئيس وزراء الائتلاف الوطني السوري عبد الرحمن مصطفى أكد خلال مقابلة تلفزيونية أن العملية تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية على الأرض.

ومع سقوط نظام الأسد، انهارت مناطق سيطرته التي كانت تمثل 63.38% من مساحة البلاد منذ اتفاق روسي – تركي عام 2020. بعد سيطرة الفصائل على مساحات واسعة، أصبحت المناطق الخاضعة لها تشكل أكثر من 71% من سوريا، مقارنة بنسبة 11% فقط قبل المعركة.

وضع قوات سوريا الديمقراطية

بينما حافظت قسد على سيطرتها على نحو 25% من مساحة سوريا منذ 2020، ارتفعت النسبة إلى 28% بحلول منتصف ديسمبر 2024. لكن يُتوقع أن تخسر بعض مناطقها لصالح غرفة عمليات “فجر الحرية”، خصوصًا في عين العرب/كوباني ومحافظة الرقة.

التوغل الإسرائيلي وتحول التوازنات

في خطوة هي الأولى منذ 2011، توسعت القوات الإسرائيلية جنوب شرق سوريا، حيث ثبتت سيطرتها على قرى وتلال تشكل نحو 1% من مساحة البلاد.

وما فرضته الظروف الإقليمية والدولية منذ ربيع 2020 من استقرار في خريطة السيطرة السورية تبدل بشكل مفاجئ وسريع خلال أسبوعين فقط. الفصائل المعارضة أصبحت صاحبة اليد العليا، فيما تعمل على تعزيز سيطرتها نحو مناطق الشمال الشرقي.

في المقابل، يبدو أن إسرائيل تستغل الوضع لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض.

هذا التغير الدراماتيكي أظهر هشاشة النظام البائد أمام تحركات الفصائل الثورية المدعومة إقليميًا ودوليًا، في حين تستعد سوريا لدخول مرحلة جديدة من إدارة البلاد وإعادة بناء مؤسساتها.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى