التاريخ المشين للصهيونية (1): مؤرخ يهودى يكشف جريمة كاستنر الزعيم الصهيونى الذي تفاوض مع النازي
كتب: عاطف عبد الغنى
في أكتوبر 2016، أصدر المؤرخ البريطانى، بول بوغدانور كتابًا يكشف عن واحدة من الجرائم الصهيونية، لكنها لم تكن ضد الجوييم (ترجمتها من العبرية: الغرباء، وهو اللفظ الذى يطلقه اليهود على باقى الشعوب)، بل ضد اليهود أنفسهم.
حمل الكتاب عنوان “جريمة كاستنر”، واستعرض القضية الموجهة ضد الزعيم اليهودي رودولف كاستنر بتفاصيل دقيقة وأدلة قوية، بحيث يمكن أن تُزعزع قناعة حتى أكثر المدافعين عنه بعد قراءة الكتاب.
كان بوغدانور يسعى في البداية لتبرئة كاستنر، لكنه صُدم عند اكتشافه أدلة تؤكد تورط كاستنر مع النازيين. وبدلًا من إيجاد ما يثبت براءته، قدم بوغدانور قضية ضد الزعيم اليهودي المجري الذي تفاوض مع النازي أدولف آيخمان، مما تسبب في فضيحة كبيرة داخل إسرائيل، رغم أن هذا لم يكن هدفه الأصلي.
عادة ما يكون لدى المؤرخين فكرة واضحة عن أطروحتهم قبل أن يبدأوا البحث، لكن بوغدانور، المؤرخ البريطاني اليهودي، وجد أن طموحه لإيجاد دليل يدافع عن كاستنر قد أُحبط تمامًا. فقد صُدم حين اكتشف أن كل الأدلة تشير إلى تعاون كاستنر مع النازيين وخيانته للحركة الصهيونية والشعب اليهودي.
المفارقة
الغريب أن بوغدانور بدأ العمل على هذا الكتاب قبل نحو عقد من الزمن بهدف “إثبات براءة كاستنر”، إذ كان مستاءً من استخدام اسم كاستنر المتكرر في الدعاية المناهضة للصهيونية.
قضية كاستنر
كان رودولف كاستنر زعيمًا للحركة الصهيونية في المجر ورئيس المجلس اليهودي هناك عندما احتل النازيون البلاد عام 1944. زعم كاستنر أنه أنقذ اليهود من الإبادة، لكن زملاءه اليهود في إسرائيل اتهموه لاحقًا بأنه عقد صفقة مع الشيطان.
بدأت القصة عندما قدم النازيون عرضًا لكاستنر يتضمن مبادلة 100 ألف يهودي بـ 10 آلاف شاحنة. رغم الشكوك حول صحة العرض، قبل العديد من اليهود التفاوض، وكان جويل براند، أحد الوسطاء البارزين، يعمل على إتمام الاتفاق، لكنه فشل في كسب تعاطف البريطانيين أو اليهود.
كبادرة حسن نية، سمح النازيون بمرور قطار يقلّ 1684 يهوديًا مجريًا بارزًا، من بينهم الحاخام جويل تيتلباوم، إلى سويسرا عبر معسكر بيرغن بيلسن. ومع ذلك، اتُّهم كاستنر لاحقًا بانتقاء أقاربه والأغنياء فقط لإنقاذهم، مع علمه بخطط النازيين لإبادة يهود المجر دون تحذير الآخرين.
المحاكمة
وفي عام 1953، أثيرت القضية داخل إسرائيل، بعد أن بدأ مالكيل جرونوالد حملة تشهير ضد كاستنر، مما أجبره على رفع دعوى قضائية. تولّت الحكومة الإسرائيلية القضية نيابة عنه، لكن المحاكمة كشفت اتهامات خطيرة ضد كاستنر وزعماء الحركة الصهيونية، الذين ادُّعي أنهم اختاروا عدم إنقاذ يهود المجر لأسباب سياسية.
ورغم أن المحكمة قضت لصالح كاستنر، إلا أن الحكم وصفه بأنه “باع روحه للشيطان” لاختياره إنقاذ بعض اليهود فقط. بعد فترة وجيزة، اغتيل كاستنر في إسرائيل، ولم يُعرف قاتله حتى الآن.
كتاب بوغدانور سلط الضوء على هذه القضية الحساسة، مما أثار الجدل مجددًا حول الدور الذي لعبه كاستنر، وكشف جانبا من خيانات اليهود والصهاينة التى كانت بمثابة طارع أصيل فى جيناتهم الوراثية.