شريف عبد القادر يكتب: شعور بالقرف
بيان
(1)
عندما تتوجه أمريكا إلى دولة بحجة إرساء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، يحدث على أرض الواقع في هذه الدولة تفشٍّ للخراب والانهيار والتدهور في جميع المناحي.
وعندما وطأت أقدامها الصومال، وكان ضمن قواتها الغازية – للأسف – ابن رئيس الصومال الذي كان يحمل الجنسية الأمريكية، تفككت الصومال وما زال الخراب مستمرًّا بها، وتدهورت أحوالها. وكانت قبل أن تحل بها “بركات” أمريكا دولة لها كيانها واقتصادها المعقول، ولها شهرتها في تصدير الخراف الصومالية.
وقبل الصومال، تمكنت أمريكا من إقناع العراق بشن حرب ضد إيران عقب نجاح ثورة الخميني بحجة حماية دول الخليج، لتستمر الحرب ثماني سنوات استُنزِفت خلالها موارد الدولتين، كما تم خلالها تجربة الأسلحة الأمريكية والغربية على أرض الواقع وتطويرها. وبعد ذلك، قامت السفيرة الأمريكية في العراق بتضليل صدام حسين ليغزو الكويت بحجة عدم وجود اتفاقية دفاع مشترك معها، مثل السعودية. وبعد غزو الكويت، قادت أمريكا قوات عربية ودولية لطحن القوات العراقية وتحرير الكويت. ثم قامت بغزو العراق بحجة امتلاكها أسلحة كيميائية ولإرساء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان.
بعد ذلك، وتحت ذات الحجة، قامت أمريكا بتدشين الخراب العربي في سوريا والعراق وليبيا واليمن وتونس ومصر. ولكن الله سبحانه وتعالى أنقذ شعبي مصر وتونس، ولم يحدث لهما ما حدث لشعوب سوريا والعراق واليمن وليبيا، الذين يعانون حتى الآن بسبب تدخل أمريكا بحجة تصديرها الديمقراطية والحرية المزعومة.
والسؤال: هل تريد أمريكا فعلاً الخير لشعوب عالمنا العربي؟ وهل تدخلها السافر في شؤون دول عربية بحجة حقوق الإنسان والحرية مقنع؟
إن ما حدث من أمريكا في العقود الماضية يؤكد أن “المتغطّي بأمريكا عريان”.
(2)
لو تم إلغاء أسلوب المندوبين في الانتخابات الأمريكية، الذين يمثلون كل ولاية، وتم الانتخاب طبقًا لتصويت المواطنين، وإلغاء تغوّل الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وإتاحة الترشح لمرشحين من الأحزاب الأخرى أو المستقلين، وإلغاء الإنفاق المالي الباهظ على الانتخابات، فبالتأكيد سيختار الشعب الأمريكي من يحرّره من قبضة الإيباك، وستصبح أمريكا دولة محبوبة لدى شعوب العالم.
(3)
ذهبت إلى مكتب تأمينات السيدة زينب لإحضار نموذج رقم ٢٨ لأهل جار متوفى كان مؤمنًا عليه. وبعد انتظار، فوجئت بالموظفة تطلب بطاقتي مقابل إعطائي النموذج لأقوم بتصويره وإعادته لها لاسترداد البطاقة. واضطررت للنزول طابقين لتصويره بماكينات تصوير أسفل المبنى بقيمة مُغالًى فيها. والعجيب وجود ملصقات على زجاج المكاتب مكتوب عليها: “لا يوجد طباعة بدون رسوم”.
فهل التأمينات تسعى إلى تنشيط عمل مستأجري أماكن ماكينات التصوير بمبناها، ولذلك منعت صرف النموذج دون مقابل كما كان في الماضي؟ وهل وصل بها الحال إلى تحصيل رسوم على ما تصدره من طابعات؟
وعندما ذهبت إلى مكتب المدير للاستفسار عن حالة خاصة بالمعاشات، فوجئت بانتظار حوالي خمسة أشخاص يرغبون في مقابلته، منتظرين أمام باب مكتبه المفتوح حتى يأمر الساعي، الذي يجلس على الباب، بإدخال كل شخص على حدة. ولكن المدير كان منشغلًا بمكالمة هاتفية، وبرغم مساحة الحجرة الكبيرة والمقاعد الكثيرة الخاوية، فلا يُسمح بدخول الراغبين في مقابلته والانتظار جلوسًا، وخصوصًا كبار السن، إذ يبدو أنهم في نظره مواطنون من الدرجة العاشرة. ولذلك، لم أنتظر وغادرت وأنا أشعر بالقرف.