طارق صلاح الدين يكتب: تخاريف ترامب وفشل نتنياهو
![طارق صلاح الدين](https://bayan-gate.com/wp-content/uploads/2023/07/41-2-780x395.jpg)
بيان
لا يمكن بأي حال من الأحوال تحليل تصريحات ترامب المنفلتة بشأن ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة بمعزل عن الفشل الذريع لنتنياهو وأهدافه المعلنة في إطار حرب غزة.
والأمر المؤكد أن تصريحات ترامب ترتبط ارتباطًا وثيقًا بترتيبات اليوم التالي التي اشترطها نتنياهو، والتي ارتبطت بأهداف الحرب التي تجسدت في تحقيق النصر المطلق، وإنهاء حكم حماس السياسي لقطاع غزة، والقضاء على قدراتها العسكرية، وتحرير الرهائن الإسرائيليين بالقوة، وترحيل قيادات حماس العسكرية إلى خارج قطاع غزة، واحتلال شمال القطاع، وتنفيذ خطة الجنرالات هناك، واحتلال دائم لمحوري فيلادلفيا ونتساريم، علاوة على الإغلاق النهائي لمعبر رفح، وإعادة إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، وفرض حكم عسكري أو إنشاء إدارة بديلة للقطاع.
وبعد فشل جميع الأهداف التي أعلنها نتنياهو، وقبوله بصفقة تبادل الأسرى وعودة النازحين إلى شمال القطاع، بالإضافة إلى مظاهرات السلاح الصاخبة التي نظمتها وحدة الظل داخل حماس خلال عمليات تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر، والتي بدت كما لو كانت عرضًا عسكريًا واستعراضًا للقوة خلال مراحل التسليم، والتي انتهت اليوم السبت خلال تسليم الأسرى الإسرائيليين الثلاثة إلياهو شرعبي، وأول إبراهام، وأوهاد بن عامي، بلافتة ضخمة تعلو منصة التسليم، وتمت كتابة عبارة “نحن الطوفان ونحن اليوم التالي”.
وحرص رجال وحدة الظل على الانتشار في منطقة التسليم بـدير البلح وهم يحملون رشاشات وأسلحة، تم استخدام بعضها في حرب غزة، مثل بندقية الغول، بالإضافة إلى تعليق صور القادة محمد الضيف، ويحيى السنوار، وإسماعيل هنية، ومروان عيسى على منصة التسليم.
وبلغت حماس أقصى درجات التحدي والتهكم على نتنياهو بكتابة عبارة “النصر المطلق” على المنصة، بخلاف ظهور الأطفال بملابس القسام في رسالة واضحة للدلالة على استمرار المقاومة.
ولعل كافة التطورات السابقة تكشف بجلاء فشل جميع أهداف الحرب الإسرائيلية، والأداء الأمريكي لها في غزة، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى محاولة إنقاذ صديقه نتنياهو من مأزقه الرهيب بسحب القضية برمتها إلى مصير غير محسوب بالمرة، ويتغلب على تحديات اليوم التالي التي فشلت إسرائيل في ترتيبها، وذلك من خلال مقترح تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة طواعية إلى الأردن ومصر لتحويل غزة إلى “ريفيرا أخرى”.
وهذا هو الجزء المعلن من خطة ترامب، التي أغفلت مصير هذه الريفيرا بعد إقامتها، وطبيعة سكانها، ومستقبلها السياسي. وكأن ترامب أراد التخلص ليس فقط من عقبة اليوم التالي في القطاع، بل من غزة برمتها، مع تأكيده على أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تدرس بعناية الاعتراف بضم إسرائيل للضفة الغربية.
الغريب في الأمر أن ترامب كان يتحدث بثقة مطلقة في قبول مصر والأردن لخطته بشأن غزة، وكذلك إعلانه عن استقبال الكثير من دول العالم لمقترحه بحفاوة بالغة، دون أن يعلن عن أسماء هذه الدول.
ورغم الرفض المبدئي الصادر عن الأردن ومصر لخطة ترامب، إلا أن الأخير أعاد التأكيد على ثقته الشديدة في قبول الدولتين بمقترحه، من منطلق المساعدات الوفيرة التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لمصر والأردن في الماضي، وأن على الدولتين التعاون مع خطته.
وعلى الفور، تحرك الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأردن والتقى بالملك عبدالله الثاني، الذي أعاد التأكيد على رفض خطة ترامب، وحث المجتمع الدولي على ممارسة دور أكثر فاعلية لوقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية.
أما مصر، فقد أكدت من جديد وبشكل رسمي رفضها لأي مساس بحقوق الشعب الفلسطيني، سواء عن طريق التهجير أو الاستيطان.
وعلى المستوى الشعبي، تحركت جموع من المصريين إلى معبر رفح لإعلان الرفض المطلق لخطة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء.
وفي مواجهة الموقف الأردني، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية قرارًا بوقف المساعدات الاقتصادية والعسكرية المقدمة إلى الأردن، والتي لا تقل عن 1.45 مليار دولار سنويًا، بموجب مذكرة التفاهم التي وقعتها عمان وواشنطن في سبتمبر 2022. وكان متوقعًا وصول هذه المساعدات بحلول 2025 إلى 2.1 مليار دولار، مع الإبقاء على المساعدات المقدمة لمصر رغم موقفها الرافض للتهجير.