أحمد عاطف آدم يكتب: فرائس وذئاب فيسبوكية (٧)
.. حتى أسرار البيوت التي لا تعرف للبوح سبيلًا أصبحت بلا مخبأ الآن بعدما هوت إلي قاع بئر تلك المواقع وأتاحها روادها علي العام والخاص.
حكاية “ن” معي هي خير مثال لهذا الواقع المؤسف بعدما نصبتني كاتمًا لأسرارها وأطلعتني على حياتها الخاصة بلا خجل أو خوف، وكان من بين خباياها المستباحة ما يحدث بين الأزواج داخل الغرف المغلقة ولا يصح أن يغادرها.
كل يوم حكاية تفاجئني بمزيد من أدق التفاصيل، وكل يوم نصيحة شيطانية هدامة تخرج على لساني، كلما تذكرتها بكيت نفسي الأمّارة بالسوء وندمت أشد الندم علي ضعفي أمام نزواتي، وتحولي من تاجر للسلع الحلال أمام كل الناس إلي آخر يبيع الخيانة والنفاق في الخفاء ليكتسب بعض من الثقة ودقائق المتعة الحرام.
عدة أيام كانت كفيلة بتحويل مكالمتنا العابثة إلى لقاءات محرمة في شقتي المؤجرة لهذا الغرض.
والحقيقة أن علاقتي بـ “ن” لم تكن هي الأولي بل ضمن سلسلة من المغامرات الساقطة من ذاكرة الضمير الحي لأي إنسان سوي، حتي أن بعض من أصدقاء الطفولة والدراسة لم يسلموا من محاولاتي المتكررة لتدمير حياتهم، بعضها نجح والآخر فشل في جني ثمار الخسة والندالة بنفس الوسيلة وهي مواقع التواصل الانفصالية التي أصبحت في رأيي تفصلنا عن العالم الذي نعيشه لتصلنا بعوالم افتراضية لا تمت للواقع بصلة تذكر، بل كلها أهواء مريضة تخص أصحابها مثلي ممن ضلوا الطريق.
تعددت لقاءاتنا.. لقاء تلو الآخر فكانت تهتم بسرد مأساتها الوهمية مع زوجها، وأنا أشجعها علي هجره وإحباط أي محاولة لنيل الاستقرار المستدام معها.
اغتصبت حلم أسرة كاملة وحولت حياتها لجحيم لا يدرك مداه إلا الله.
وفي أحد الأيام الذي تغير فيه مجري حياتي وجعلني أفيق من غيبوبتي كنت عائدا من عند “ن” فوجدت زوجتي تصلي الفجر ثم أطالت سجدتها الأخيرة بشكل جعلني أندهش وانتظرها حتي تنتهي من صلاتها ثم سألتها عن السبب فقالت:
“كنت أدعو الله بأن يحافظ عليك ويبارك لنا في صحتك ويرزقك من حيث لا تحتسب ويكفيك شر كل نفس حاقدة”، حينها انهمرت الدموع من عيني فقبلت يديها وأنا أبكي وهي تبتسم، واعتقدت هى أن دموعي دليلا علي حبي وإخلاصي لها فضمتني، مسددة إلى ضميري الخرب خنجرها الأخير قائلة: “ربنا يخليك لينا”.
.. وأدركت بعدها أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبعث لي رسالة علي لسانها الرطب بذكره، هي أن النفس الحقودة والمدمرة التي تتضرع زوجتي لكفايتي شرها هي – نفسي ذاتها – التي استباحت كل حرام وباتت بعيدة كل البعد عن الدخول في معية الله ورحمته، فقررت أن أعيش تحت قدميها تائبًا إلي الأبد.
لكنني لجأت إليك صديقي الكاتب كي تقول لى رأيك في حكايتي بعدما وصلت لنهايتها، وأنا مستعد لتحمل ألم سوط قلمك تجلد به ضميرى، عله يريحني من عذابه.
وللحديث بقية…