شريف عبد القادر يكتب: “منصة النصب”

بيان
منصة النصب التي كان ضحيتها الكثيرون، وألقت الشرطة القبض على أفرادها مؤخرًا، ليست جديدة، وإن كان الحديث عنها يدور هذه المرة حول استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت حاضنة لكثير من النصابين، والكذابين، ومرضى الثرثرة الفارغة.
فقد بدأ هذا النوع من النصب المغري منذ عقود، مع شركات توظيف الأموال مثل الريان والسعد، حيث كانا يقدمان فوائد تفوق تلك التي تمنحها البنوك. وعندما كان الحاصلون على هذه الفوائد يروون تجربتهم، كان الآخرون يسارعون إلى إيداع أموالهم لدى الريان والسعد، مما أدى إلى تزايد أعداد الضحايا، خاصة بعد مشاهدة إعلانات شركات توظيف الأموال أثناء افتتاح مشروعاتهم الوهمية، بحضور رموز دينية وسياسية، وهو ما عزز ثقة الناس ودفعهم إلى سحب أموالهم من البنوك وإيداعها لدى هذه الشركات، مما أثر سلبًا على النظام المصرفي.
وكانت هذه الشركات الوهمية بين الحين والآخر توقف قبول الإيداعات، مما كان يدفع البعض للبحث عن وساطة لإيداع أموالهم، وعند تزايد أعداد الراغبين في الإيداع، تعلن الشركات عن إعادة فتح باب القبول. والجدير بالذكر أن هذا الأسلوب الاحتيالي لم يكن ابتكارًا جديدًا، بل يعود إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث ابتدعه إيطالي يُدعى “بونو”، وتمكن من نهب أموال طائلة في ذلك الوقت.
وبعد أن تنبهت الدولة إلى احتيال هذه الشركات، تم اعتبار الفوائد التي حصل عليها الضحايا جزءًا من أموالهم المودعة وليست أرباحًا، وتم تطبيق ما يُعرف بـ “قسمة الغرماء”، حيث حصل بعض الضحايا على تعويضات عينية مثل السيراميك أو الماشية أو الذهب، وذلك وفقًا لنفوذهم ووساطتهم.
والمثير للدهشة أن أغلب الضحايا كانوا على علم بأن دورة رأس المال في أي نشاط اقتصادي لا يمكن أن تحقق أرباحًا خيالية كتلك التي وعدتهم بها هذه الشركات، ومع ذلك انجرفوا وراء الطمع.
والأعجب من ذلك، أن البعض لا يتّعظ، فبعد أن نسي الناس “ملتحي توظيف الأموال”، عادت عمليات النصب إلى الظهور من جديد، ولكن هذه المرة تحت مسميات مختلفة، مثل “المستريح”، ثم وصلت أخيرًا إلى “المنصات”، وما زال المغفلون يقعون في الفخ!.