شريف عبد القادر يكتب: تشرشل لم يعرف الخجل.. ولا أسلافه الصهاينة

بيان

عندما كان تشرشل رئيسًا لمجلس وزراء بريطانيا، التي كان يقال عنها المملكة التي لا تغيب عنها الشمس نسبةً إلى استعمارها دولًا في أفريقيا وآسيا وغيرها، وكان ذلك الاستعمار بهدف سرقة ونهب ثروات الدول المستعمرة. وفي أحد الأيام، طالبت أمهات الجنود المتواجدين في الدول المستعمرة من تشرشل عودة أبنائهن إلى بريطانيا، فرد عليهن قائلًا: “الرخاء الذي تعيشونه في بريطانيا بفضل وجود أبنائكن في الدول المستعمرة.” فتراجعن عن طلبهن بعودة الأبناء. ولم يخجل تشرشل وهو يصارحهن بسرقته خيرات الدول المستعمرة، وكذلك أمهات الجنود اللاتي تأكد لديهن أن أبناءهن لصوص ضمن عصابة مملكة بريطانيا الإجرامية.

وقبل ذلك بعقود، ادعت بريطانيا ودول أوروبية مماثلة لها استعماريًا، كذبًا، اكتشاف أمريكا، وكأنها كانت تخلو من سكانها الأصليين، الهنود الحمر. وراحوا يرسلون عتاة الإجرام إلى أمريكا، مع مدّهم بالسلاح، ليتعرض الهنود الحمر، أصحاب الأرض الأصليين، للإبادة، وليستولي المستعمرون على خيرات أرض أمريكا، ويستقبلوا مهاجرين من كل دول العالم، مما ساعد على تطورها وتقدمها اقتصاديًا وعسكريًا، مع إشاعة العمل بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان. ورغم ذلك، فإن الذين تبقوا من أحفاد الهنود الحمر معزولون في مناطق محددة، ولا يحق لهم حمل بطاقات هوية أو جوازات سفر، رغم وجودهم في دولة تتشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولأن الصهيونية وجدت ضالتها في أمريكا، فقد أشاعوا كذبًا أنهم يعملون وفق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وأصبح نظام الحكم محصورًا بين الصهاينة ومن ينصاع لهم منذ عقود، حيث يسيطر على الحكم الحزبان الجمهوري والديمقراطي. والأغلبية العظمى من الأمريكيين معزولون، حيث لا يوجد دستور واضح وصريح، مع الاعتماد في الانتخابات على ما يسمى مناديب الولايات، ومن اليسير إغراؤهم بالمال، مع تقديم المناصب لرجال الأعمال الذين يتبرعون بملايين الدولارات. وهو ما حدث مؤخرًا، حيث تبرع رجل الأعمال إيلون ماسك بـ 50 مليون دولار لترامب، وعندما فاز ترامب، قام بتعيينه في منصب رفيع المستوى بالقرب منه.

ولا عجب عندما نجد الصهيونية مسيطرة على الدول المدّعية الديمقراطية والحرية، رغم سوابقها الاستعمارية. فمؤسس الصهيونية، هرتزل، له مقولة بأن الصهيونية فكرة استعمارية مدينة بفكرها وقوتها إلى الإمبريالية الغربية، وهي امتداد لها وتتسم بكل صفاتها.

وحتى يتم تنفيذ مخططاتهم الخبيثة، قاموا بإنشاء ما يسمى عصبة الأمم، والتي تم تغيير اسمها لاحقًا لتصبح الأمم المتحدة. وقد نشأت في منزل سالي ستانفورد، أشهر قوادة في سان فرانسيسكو، حيث اجتمع في بيتها الداعر ممثلون عن 50 دولة لوضع ميثاق الأمم المتحدة عام 1945. وبالطبع، كانت من بين الدول التي شاركت في وضع هذا الميثاق دول استعمارية كبرى مثل بريطانيا وفرنسا.

وأصبحت الأمم المتحدة أداة لتنفيذ المآرب الخبيثة التي ترغب بها، ومن بينها الاعتراف بالكيان الإجرامي المسمى إسرائيل، مع عدم الاعتراف حتى الآن بفلسطين، حيث تم منحها فقط صفة مراقب.

كما باتت الأمم المتحدة والجهات المنبثقة عنها تعمل لصالح الصهيونية والدول الاستعمارية التي لا تزال تسعى إلى سرقة ونهب الدول العربية، وخاصة الخليجية، من خلال اختلاق النزاعات بين دول المنطقة، واستخدام إسرائيل أحيانًا كأداة لتنفيذ أهدافها الخبيثة. وقد تم زرع هذا الكيان في المنطقة بحجج دينية كاذبة، وجُلب له مجرمون مرتزقة، أغلبهم ليسوا يهودًا، بينما اليهود أنفسهم علاقتهم بالدين لا تتجاوز كونه مجرد اسم في أوراقهم الثبوتية، وجميعهم يحملون جنسية أولى أخرى.

إن استقرار المنطقة يمثل إزعاجًا لأمريكا وأتباعها، ولذلك زرعوا الكيان الإجرامي في الشرق الأوسط. ولو تأملنا ردود فعل أمريكا وحلفائها عندما يُطرح التوجه إلى الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية، نجد أنهم يسارعون إلى رفض هذا المسار بحجة أن الحل يجب أن يكون عبر المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما لم يتحقق رغم انعقاد اجتماعات أوسلو ومدريد.

ولا عجب في ذلك، فكلٌّ من أمريكا وبريطانيا وأتباعهما ما زالوا متأثرين بتاريخهم الاستعماري والإجرامي، حيث اعتادوا سرقة ونهب ثروات الدول المستضعفة على مدار عقود طويلة، وإن كانوا اليوم يمارسون اللصوصية بأسلوب دبلوماسي ظاهريًا، للتغطية على جرائمهم.

ومؤخرًا، صرّح ترامب صراحةً بأنه يريد تعويض ما أنفقه على أوكرانيا في حربها مع روسيا بالحصول على حق استخراج المعادن من أراضيها. وغالبًا، فإن تصريحاته المرفوضة بشأن غزة كانت مدفوعة برغبته في الاستحواذ على الغاز الموجود في محيطها.

إن عالمنا العربي في حاجة ماسة إلى الاتحاد والاعتماد على النفس، وتبني نظام سياسي خاص به لا يشبه الأساليب التي ينتهجها الصهاينة.

ولو تذكرنا سنوات وجود حلف وارسو وحلف الأطلسي، سنجد أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك حلف وارسو، تسارع حلف الأطلسي إلى ضم الدول التي خرجت من الحلف المنهار، ثم تم إنشاء دول الشنغن لضم دول شرق أوروبا إلى دول غربها.

وعند تأمل محاولات الاتحاد بين الدول العربية، نجد أن أيادي خبيثة عملت على إفشالها، فقد تم حل الاتحاد بين مصر وسوريا، وكذلك الاتحاد بين مصر والعراق والأردن وسوريا. كما تم إشعال النزاعات بين الدول العربية، رغم أن المفترض أنهم أشقاء، وللأسف لم يدركوا أن الأصابع الصهيونية كانت وما زالت تتغلغل من خلال الدول الغربية، التي تنفذ ما يُملى عليها من قبل الصهيونية العالمية.

اقرأ ايضا للكاتب:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى