يخلق دولا فاشلة.. تقرير يفضح الدور الأميركي في “دعم التغيير الديموقراطى”
كتب: على طه
جاء فى تقرير حديث صادر عن مركز “ستراتفور” للأبحاث المقرب من أجهزة استخبارات دولة، أن استراتيجية حركة طالبان الأفغانية تهدف إلى السيطرة على أكبر عدد من المقاطعات والأقاليم لتطويق المدن الكبرى، وقد نجحت حتى الآن في السيطرة على أكثر من 90 % من البلاد، وفق تقديرات غربية، بعد سقوط العاصمة “كابول”.
وقد بات من المتوقع بشدة أن تسيطر طالبان على باقى الأراضى التى لم تستولى عليها حتى الآن في أفغانستان من خلال تقدمها السريع، وعندما يتحقق هذا سوف تلجأ طالبان إلى عزل المدن والسيطرة على وسائل الاتصال التي تربطها فيما بينها لكي تحكم السيطرة على مفاصل الدولة.
وحذر التقرير من أن الحرب الأهليّة المتوقعة الحدوث نتيجة هذا النزاع قد تنتهي خلال أشهر قليلة لصالح الحركة، بصرف النظر عن الاستفادة الميدانية من توسيع النفوذ على الأرض.
فإن المكاسب الإقليمية تمنح طالبان أوراق مساومة استراتيجية لكسب المزيد من النفوذ في المفاوضات المستقبلية مع أى قوى خارجية أو دولية.
وأكد التقرير أن سياسة التدخل الغربي، فى أفغانستان، ومنطقة الشرق الأوسط من تحقيق سوى القليل من أهدافها وما تم التخطيط له، ليس في أفغانستان فقط، وإنما في العراق وليبيا أيضا.
وأن أفغانستان ليست المكان الوحيد الذي فشلت فيه التدخلات الغربية في تحقيق الأهداف التي خُطط لها. العراق أيضاً يعد أرض الآمال الفاشلة،على الأقل عند مقارنة الوضع الحالي مع التوقعات المعلنة إبان الغزو الأمريكي عام 2003. في ليبيا أيضاً، لم تتحقق الآمال بعد الإطاحة بمعمر القذافي بدعم من حلف شمال الأطلسي.
وقال خبراء إن الرئييس الأمريكى جو بايدن لم يستمع من قبل إلى نصيحة الاستخبارات المركزية ولا وزارة دفاعه “البنتاجون”، التي حذرت من سيطرة طالبان على الأرض في غضون ثلاثة أشهر، وهذا ما يثير الكثير من التكهنات حول أهداف الانسحاب الأميركي السريع من أفغانستان وما إذا كان بايدن يهدف من ورائه إلى “خلق” بؤرة توتر في أفغانستان من شأنها أن تستقطب الإرهاب من جديد على غرار ما حصل في سوريا، و”جر” روسيا والصين إلى أفغانستان؟
أو فى سيناريو أخر ربما تكون حسابات الرئيس الأميركي هو إعادة توزيع القوات الأميركية، وتقويض النفوذ الروسي والصيني في مناطق أخرى.
لكن فى كل الأحوال بات من المرجح أكثر من أي وقت مضى، أن الوضع في أفغانستان يعود للمربع الأول، وكأن القوات الدولية، بزعامة حلف الناتو، لم تحقق أيا من أهدافها، في سيناريو رهيب مفتوح على كل الاحتمالات، أبرزها تأسيس دولة خلافة متشددة ونزوح مئات الآلاف من اللاجئين وفتح صفحة جديدة من حرب أهلية طويلة الأمد سيكون المدنيون، كالعادة، أول من يدفع فاتورتها.
ومن المرجح أن يؤدي تدهور الوضع الأمني في أفغانستان إلى اندلاع حرب أهلية فوضوية في أقل من ستة أشهر بعد انسحاب القوات الأجنبية، أو ينتج عن التطورات السريعة في أفغانستان حدوث تحولات جديدة في السياسات الدولية وتوزيع القوى إقليميا، في آسيا الوسطى وجنوب آسيا.
وفى كل الأحوال سوف تدفع الأحداث إلى اشتداد موجة جديدة من اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين إلى دول أوروبا، في أعقاب تقدم طالبان في أفغانستان وسيطرتها الميدانية، وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي سوف يعيش حالة تأهب وإنذار عن الحدود الخارجية، ناهيك عن الضغوطات التي يمكن أن تمارسها إدارة بايدن على أوروبا وحلفائها من أجل استقبال اللاجئين الأفغان.
والمراقب للأحدث، خلال العقدين الأخيرين، لابد سوف يلاحظ هذا التناقض الواضح بين مطالب القوات الأميركية في أفغانستان والواقع السياسي، وسوف يخرج بنتيجة مؤداها أن الولايات المتحدة قد فشلت في تكوين نظام سياسي ناجح في أى دولة تدخلت فيها، خلال العشرين عاما الماضية، وهذا ما يثير التكهنات حول الدور الأميركي في “دعم الديمقراطيات والتغيير” التي باتت مفتوحة على الفوضى: أبرزها العراق وليبيا والصومال وليبيا.