طارق صلاح الدين: فشل إسرائيلى / أمريكى جديد في غزة واليمن

بيان

لا يوجد مبرر للتساؤلات وعلامات الاستفهام التي أثيرت عقب تجدد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، فالأمر كان متوقعًا بغض النظر عن إتمام صفقة تبادل الأسرى أو عدمها، وسواءً نفذت حماس جميع المطالب الأمريكية أم لا.

طارق صلاح الدين
طارق صلاح الدين

وليس هناك مفاجأة في تبني، وليس مجرد الموافقة، الأمريكية على القصف المركز على غزة، فالأمريكي كان يعتقد أن حماس يجب أن تقدم أسمى معاني الشكر والامتنان على التعطف الأمريكي بإجراء محادثات مباشرة معها، وأن حماس يجب أن تطلق فورًا الرهائن الذين طالبت الولايات المتحدة بإطلاقهم.

ما لا يتقبله العقل

الأمر المحزن هو تبني الكثير من العرب للسردية الإسرائيلية التي تحمل حماس مسؤولية استئناف الحرب.

ونفهم ونعى أن يتبنى الأمريكي هذه السردية الصهيونية، لأن الولايات المتحدة هي التي تدير الحرب منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ وحتى هذه اللحظة، ولكن أن يتبناها العربي والفلسطيني من حركة فتح والسلطة الفلسطينية، فهو ما لا يتقبله العقل والمنطق.

ماذا فعلت حماس؟!

حماس نفذت كل التزاماتها بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وأتمت المرحلة الأولى على أكمل وجه، وانتظرت الانتقال إلى المرحلة الثانية، التي كانت ستشهد انسحابًا كاملًا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم الفصائل الفلسطينية، ولكن بدلًا من ذلك، ضغطت إسرائيل من أجل تمديد المرحلة الأولى دون الالتزام بإنهاء الحرب أو الانسحاب الكامل من قطاع غزة.

وبدلًا من محاسبة إسرائيل على ذلك، فإن الجميع التزم الصمت وتماشى مع مقترح أمريكي جديد يتضمن إطلاق سراح عدد من الرهائن الذين تحتجزهم حماس، مقابل تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر ورفع إسرائيل للحصار المفروض على المساعدات الإنسانية إلى غزة، والمستمر منذ قرابة الأسبوعين.

وردت حماس باستعدادها للإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر وجثث أربعة مواطنين مزدوجي الجنسية.

ولكن طرح حماس رفضته إسرائيل، وقبلها الولايات المتحدة، التي كانت تتوقع القبول الفوري من حماس لكل ما طلبه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بالإضافة إلى خطاب شكر تقدمه حماس للولايات المتحدة امتنانًا لموافقة أمريكا على التفاوض السري معها.

السبب الحقيقي لاستئناف الحرب

وهنا لا بد أن نتوقف طويلًا أمام السبب الحقيقي لاستئناف الحرب على غزة، وهو وجود حماس في حد ذاتها، ليس فقط في سدة حكم غزة، بل في بقائها على قيد الحياة أصلًا.
السبب الرئيس هو القضاء على حماس، وليس الرهائن، فمع مبادلة الرهائن أو عدم مبادلتهم، سيتم استئناف الحرب، لأن الرهائن لا وجود لهم أصلًا على قائمة اهتمامات نتنياهو أو حلفائه بن غفير وسموتريتش.

ويجب أن ننظر بواقعية ومنطقية إلى الطرف صاحب المصلحة في استئناف الحرب، الذي هو بالتأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومعسكر التطرف اليميني الذي يقوده.

تصريحات القانوع

وبالتأكيد أيضًا، فإن المتحدث باسم حماس عبد اللطيف القانوع صدق في تصريحه عبر تطبيق تليجرام، حين قال: “كان من مصلحة حماس استمرار الاتفاق”.
وأن مقترح ويتكوف كان مطروحًا على الطاولة، ولم ترفضه حماس، بل تعاملت معه بإيجابية، ورغم القصف الإسرائيلي، فإن حماس تتواصل مع الوسطاء بمرونة، وهي منفتحة على كل المقترحات.

وطلبت حماس من الوسطاء تحميل نتنياهو والاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن خرق الاتفاق والانقلاب عليه، وأن نفس الأمر تكرر بعد تبادل الأسرى في ٢٠٢٣، حيث استأنفت إسرائيل الحرب واتهمت حماس بخرق الهدنة، وهو ما لم يحدث.

بعد ضرب اليمن

وبالنظر بدقة إلى واقع الأحداث، نجد أن القصف الإسرائيلي منطقي جدًا بعد شن الطيران الأمريكي ضربات متتالية على اليمن بغرض إنهاء الحصار اليمني على إسرائيل، وليس استهداف الأصول الأمريكية وطرق الشحن العالمية، كما أعلن لويد أوستن، وزير الدفاع الأمريكي، عشية الهجوم الأمريكي على اليمن.

والأمر المؤكد هو أن فشلًا ضخمًا ينتظر الولايات المتحدة في اليمن، حيث قام الحوثيون عقب الضربات الجوية الأمريكية مباشرة باستهداف حاملة الطائرات الأمريكية “يو إس إس هاري ترومان” في البحر الأحمر، ثم أعادوا استهدافها مرة ثانية خلال أربع وعشرين ساعة فقط بعدد ١٨ من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة، مما أفشل هجومًا جديدًا للطائرات الأمريكية التي عادت لحاملة الطائرات بعد إطلاق الصواريخ والمسيرات عليها.

وأكدت جماعة الحوثيين الاستمرار في حظر مرور السفن الإسرائيلية رغم الغارات الأمريكية.

فشل آخر فى غزة

وهناك فشل مماثل ينتظر نتنياهو في غزة، مضافًا إلى فشله الأول في تحقيق هدف واحد من أهداف الحرب على غزة، ولن ينجح في إطلاق سراح رهينة واحدة بالقوة، بالإضافة إلى فشله في القضاء على الفصائل الفلسطينية، التي نجحت في تدريب الآلاف من المقاتلين الجدد خلال فترة الهدنة، وخاصة في لواء الشمال، وهو ما انعكس على ظهور أعداد كبيرة من عناصر القسام خلال عمليات مبادلة الأسرى.

التوقعات

ونتوقع عودة القتال المباشر من جديد، واجتياحًا إسرائيليًا شاملًا لقطاع غزة مرة أخرى بهدف القضاء التام على حماس والجهاد الإسلامي، وهو ما لن يتحقق أبدًا، وهو الأمر الذي تكرر مع جميع حركات التحرر المسلحة على مدار التاريخ.

نتوقع أيضًا أن الأمر لن يقتصر على غزة واليمن، فهناك ترتيبات لاستدراج إيران إلى المعركة، ولا سيما بعد تصريحات ترامب بتحميل إيران مسؤولية أي هجمات أخرى تشنها جماعة الحوثي في اليمن، وأن العواقب ستكون وخيمة.

وذكر ترامب عبر منصة “تروث سوشيال” أنه سيتم النظر من الآن فصاعدًا إلى كل طلقة يطلقها الحوثيون على أنها طلقة أطلقتها أسلحة وقيادة إيران، وستتحمل إيران المسؤولية والعواقب الوخيمة.

الأيام القادمة حبلى بالأحداث الضخمة، وما شهدته الأيام القليلة الماضية مجرد طلقة البداية.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى