دار الإفتاء توضح حكم إفطار الصائم بسبب شرقة النفس

كتب- علي هلال

أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم إفطار الصائم إذا أصابته شرقة في الحلق أو غصة اضطر معها إلى شرب الماء أو تناول دواء لإنقاذ حياته، وذلك ردًا على سؤال ورد إليها بشأن رجل مسنّ أصيب بغصة أثناء الصيام، مما أدى إلى ضيق شديد في التنفس، الأمر الذي دفع ذويه إلى إعطائه الماء خوفًا من تعرضه لمكروه.

اقرأ أيضا.. الإفتاء تحدد الحد الأدنى لزكاة الفطر وتوضح إمكانية زيادتها

وأكدت دار الإفتاء أن الصائم يجوز له الإفطار إذا احتبس نَفَسُه بسبب الغصة، وكان الحل الوحيد المتاح هو شرب الماء أو تناول دواء لدفع الضرر، موضحة أن ذلك يندرج تحت الضرورات التي تبيح المحظورات، وذلك حفاظًا على النفس، وهو أحد المقاصد الشرعية الكبرى.

كما أشارت إلى أن من أفطر في هذه الحالة عليه قضاء هذا اليوم لاحقًا، دون أن تلزمه كفارة، لأنه أفطر مضطرًا وليس متعمدًا مخالفة أحكام الصيام.

وأوضحت الدار أن الصوم في الشرع يعني الإمساك عن المفطرات الثلاث، وهي الأكل والشرب والجماع، من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وذلك بنية مخصوصة، واستشهدت في ذلك بقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].

أما عن حكم تعمد الإفطار في نهار رمضان من غير عذر، فقد شددت دار الإفتاء على أن ذلك محرم شرعًا، لما فيه من انتهاك لحرمة الشهر الكريم، وفوات بركة الصيام التي ميز الله بها هذا الشهر، واستدلت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا مَرَضٍ، لَمْ يَقْضِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَإِنْ صَامَهُ»، مما يدل على عِظَم الجرم المرتكب عند الفطر بلا عذر شرعي.

وبخصوص حكم الإفطار بسبب الغصة، أوضحت دار الإفتاء أن الغصة قد تؤدي إلى انسداد مجرى التنفس، مما يعرض الإنسان للخطر، ويجعله مضطرًا لشرب الماء أو تناول دواء لإنقاذ حياته، وفي هذه الحالة، يكون الإفطار جائزًا شرعًا، قياسًا على حكم الفطر للمريض الذي يتضرر بالصوم، كما قال تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173].

أما عن حكم إمساك الصائم بقية اليوم بعد إفطاره بسبب الغصة، فقد أوضحت دار الإفتاء أن هناك اختلافًا بين الفقهاء في هذه المسألة، فمنهم من يرى وجوب الإمساك بقية اليوم احترامًا لحرمة الشهر الكريم، بينما يرى آخرون عدم وجوب ذلك، لأن الصوم يوم كامل غير مجزأ بين إمساك وإفطار، ورجحت الدار الرأي القائل بعدم وجوب الإمساك، وإن كان مستحبًا لمن استطاع ذلك خروجًا من خلاف الفقهاء.

وفي الختام، أكدت دار الإفتاء أن ما قام به ذوو الرجل المسن من إعطائه الماء أثناء صيامه لدفع الغصة، هو أمر جائز شرعًا، ولا إثم عليهم في ذلك، على أن يقضي الرجل ذلك اليوم لاحقًا دون كفارة، نظرًا لحالة الضرورة التي كان فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى