عاطف عبد الغني يكتب: أوباما يشهر إسلامه و ترامب يعتنق اليهودية (!!)

بيان

الأسبوع الماضي، أرسل لي صديقى الكاتب شريف عبد القادر مقطع فيديو قصير (ريلز) يدّعي أن الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، قد أشهر إسلامه، وغيّر اسمه إلي “مبارك أوباما”، بل ويستعد لإجراء عملية ختان يوم 27 رمضان الجاري!.

ولم يكد يمر وقت طويل حتي صادفت فيديو آخر علي حساب أحد الأصدقاء، لكنه هذه المرة في الاتجاه المعاكس، إذ يزعم أن الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب قد اعتنق اليهودية سرًا، لكنه يخفي ذلك عن الجميع.

وكان ردي علي هذين الادعاءين واضح وحاسم: لا أوباما أشهر إسلامه، ولا ترامب اعتنق اليهودية، ولم أحتج حتي إلي التحقق من الأمرين، فقد راهنت نفسي علي أن هذه شائعات، ومجرد خيال سياسي أنتجته أحداث الواقع، ولا يمت للواقع بصلة.

حين تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة عام 2008، شعر كثيرون في العالم الإسلامي بنوع من الفرح، ظنًا منهم أنه قد يكون الرئيس الذي ينصف العرب في صراعهم مع إسرائيل، وعلي الجانب الآخر، استبشرت الأوساط اليهودية في إسرائيل، والعالم، بعودة ترامب إلي السلطة عام 2024، لما عرف عنه من مواقف داعمة لإسرائيل، والمثير للاهتمام أن استطلاعات الرأي في الداخل الأمريكي عام 2008 كشفت أن 10% من الأمريكيين كانوا يعتقدون أن أوباما مسلم، مما يعكس مدي انتشار هذه الشائعات آنذاك.

وفي ذلك الوقت، كتبتُ مقالًا في مجلة أكتوبر بعنوان “في انتظار الذي لن يأتي”، مستلهمًا العنوان من مسرحية “في انتظار جودو” للكاتب صموئيل بيكيت، وناقشت في المقال الوهم الذي يعيشه العرب، حين يعلقون آمالهم علي رئيس أمريكي يأتي لتحقيق العدالة وإنصاف الفلسطينيين، بينما الواقع يقول إن “مسيحهم السياسي” لن يأتي أبدًا، تمامًا كما انتظر اليهود “مسيحهم المخلّص” لقرون، وحين لم يأت من السماء كما ينتظرونه، قرروا أن يصنعوه بأنفسهم ويعسكروه ليحاربوا به العالم ويبيدوا الفلسطينيين ويبنوا مملكتهم الأرضية ويحكموا من خلالها العالم، حسب وحي شيطانهم رب الجنود ومؤلف التلمود.

أما بالنسبة لدونالد ترامب، فهو لا يزال علي دينه المسيحي البروتستانتي، ومع ذلك، فإن ابنته إيفانكا تحولت إلي اليهودية الأرثوذكسية لتتزوج من حبيبها جاريد كوشنر عام 2009، وهو شخصية يهودية نافذة ومستشار سابق في البيت الأبيض، وبسبب دعم ترامب الكبير لإسرائيل ونقله السفارة الأمريكية إلي القدس، ظهرت شائعات اعتناقه اليهودية سرًا، خاصة مع تأثير جماعات الضغط اليهودية مثل “أيباك” و”بناي بيرث” علي سياساته.

لكن الحقيقة أن تأثر ترامب ب اليهودية لا يتجاوز البعد السياسي والثقافي، كما هو الحال مع العديد من الرؤساء الأمريكيين السابقين عليه والذين تبنوا أفكار الأصولية الإنجيلية، التي تربط بين عودة المسيح وقيام مملكة اليهود في فلسطين.

في النهاية، فإن الإعجاب بالخصوم الأقوياء ظاهرة نفسية معقدة، والقوة، سواء أحببناها أم كرهناها، تفرض احترامها حتي علي من يعارضها. ربما لهذا السبب تنتشر مثل هذه الشائعات، في محاولة لخلق صورة أكثر تعقيدًا عن القادة السياسيين، أو ربما لأنها ببساطة تلبي شغف الجماهير بالقصص المثيرة، حتي لو لم تكن حقيقية.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى