هاني الجمل يكتب: مصر وليبيا.. رسائل قوية لمن يهمه الأمر
خصوصية العلاقات بين مصر وليبيا ليست شعاراً يرفع، أو عنواناً يكتب في مقال، بل هي جهد يبذل وخطط توضع لتنفذ على أرض الواقع، وهو ما ترجمته اجتماعات اللجنة المصرية الليبية الأخيرة بالقاهرة، من خلال التوقيع على احدى عشرة وثيقة تعاون بقيمة 19 مليار دينار ليبي، شملت مختلف المشروعات لتغيير شكل الحياة على الأرض الليبية.
ويحسب للرئيس عبد الفتاح السيسي مواقفه الداعمة للشعب الليبي، وتوجيهاته الواضحة والقوية لتقديم الدعم الكامل له سياسياً واقتصادياً ولوجستياً، حتى يتمكن من تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها، وصولاً إلى إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وهو ٢٤ ديسمبر القادم.
وحينما يصر رئيس الوزراء الليبي عبدالحميد الدبيبة على اصطحاب كل أعضاء حكومته لحضور اجتماعات اللجنة المصرية الليبية التي تعقد لأول مرة منذ 12 عاماً، فإن ذلك يؤكد الأهمية القصوى لهذه الاجتماعات ونتائجها التي حملت في طياتها رسائل كثيرة تتجاوز بدء مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين.
ومع الأهمية الكبرى لما أسفرت عنه تلك الاجتماعات من نتائج إيجابية، فإن عين المراقب للأوضاع في ليبيا الشقيقة، والأطماع الدولية في مواردها الطبيعية، لا يمكن أن تغض الطرف عن الضربة القاضية التي تلقاها الارهابيون الأجانب ومن يقف وراءهم. فالروابط التاريخية الوثيقة والمتينة بين الشعبين المصري والليبي، لا تحتاج إلى كثير من الشرح والتحليل، وعبّرت عنها توجيهات الرئيس السيسي وكلمات عبد الحميد الدبيبة وكل أعضاء حكومته الذين رافقوه خلال هذه الزيارة التاريخية، ومن بينهم المهندس على العابد وزير العمل والتأهيل الليبي، الذي أكّد أن لقاءات اللجنة العليا المشتركة، أحرزت تقدماً كبيراً في ملف العلاقات بين البلدين، وزيادة الاستثمارات وعودة العمالة المصرية المؤهلة والمدربة المطلوبة في ليبيا، فضلاً عن قبولها اجتماعياً.
القراءة المتأنية لاجتماعات اللجنة المصرية الليبية وما أسفرت عنه من نتائج تؤكد أن القاهرة وجهت من خلال هذه الاجتماعات عدة رسائل، في إطار دعمها لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا برئاسة عبد الحميد دبيبة؛ لاستكمال المسار السياسي حتى إجراء الانتخابات بنهاية العام. كما انطوت الزيارة الأخيرة على عدة أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية، في إطار التعاون المشترك بين البلدين من ناحية وتوقيتها من ناحية أخرى.
يجمع المراقبون على أن المرحلة الانتقالية الحالية تمثل فاصلاً استراتيجياً في مسار العلاقات المصرية- الليبية، على مستوى الأداء ونمط إدارة هذه العلاقات من الجانبين. فأولوية ليبيا كدولة جوار استراتيجي بالنسبة لمصر لم تتغير بحكم محددات عريقة تتمثل في الجغرافيا والتاريخ. فإعادة الاستقرار الشامل إلى ليبيا تمثل مصلحة حيوية لمصر من منظور أمنها القومي، يؤكد عليها حصاد ما يزيد على عقد من الزمن للتحركات المصرية تجاه ليبيا، وكلفة الأمن القومي الهائلة التي تحملتها مصر خلال هذه السنوات. كما أن مصر لم تكن طرفاً في محاور إقليمية على الساحة الليبية، ولم تندفع مصر إلى تأجيج الصراع فيها على الرغم من وضعها وقدراتها.
فمصر أكّدت غير مرة حرصها على دعم الأمن والاستقرار في ليبيا ومواجهة الإرهاب بكل أشكاله ، وتقديم خبرتها في ملف إعادة الإعمار ليس في برقة فقط ولكن في جميع أنحاء ليبيا . وربما عبرت كلمة الدبيبة عن كل ذلك حينما أكّد أن هذا ليس بجديد على القيادة المصرية. فمصر ظلت دوماً خير سند لشقيقتها ليبيا، فوجود هذا الوفد الليبي الكبير وبشكل غير مسبوق في مصر، يؤكد رغبة طرابلس الصادقة في تعزيز التعاون الثنائي المشترك مع القاهرة في جميع المجالات.
خلاصة القول.. نتائج اجتماعات اللجنة المصرية الليبية، تصب في صالح الشعبين الشقيقين وتوجه صفعة على وجه الإرهابيين والقوى الخارجية التي كان تخطط لنهب ثروات ليبيا، التي ستظل أمناً قومياً لمصر.