د. ميخائيل عوض يكتب: سورية؛ جَنَت على نفسها براقش.. ماذا عن المستعجلين السلاح ؟!

بيان
(1)
عندما انطلقت تظاهرات واحتجاجات في درعا -وكانت محقة-وجُلُّهَا مطالب اجتماعية، اندلعت بتأثير ما جرى في تونس ومصر، لسرعة هروب الرؤساء وحاشيتهم.
ناصرناها ونصحنا إياكم والتسيس، وإياكم أن تعطوا ظهوركم وظهر سورية، ليركبكم الخارج ويعبث بكم وبها.
نصحنا النظام؛ أن انفتح على شعبك، واصغي له، واستجب قبل فوات الأوان، ولا تسمح بفلتان الأمور.
إنها سورية نقطة توازن الاستراتيجيات الكونية.
(2)
أطلق النظام مشروع حوار وطني، وأجرى الرئيس ١٥٠٠ ساعة حوار مع مختلف الفئات، وخرج في خطاب أمام البرلمان، وقال: اكتشفنا ١١٠٠ مشكلة، ولدينا ٦٥ ألف عنصر فار وملاحق، مما يجعل الأزمة عميقة وطويلة ومكلفة.
ثم استقبل وفداً من درعا برئاسة الشيخ الصياصنه، وكان من أعلام ثورتهم، واتفق معهم على معالجة مطالبهم، وأعطى الأوامر. إلا أنَّ مُسلحي درعا وكانت كتلتهم الأساسية من السوريين والإخوان، رفضت النتائج، وسارعت لاستدعاء غرفة “الموك”، والمسلحين من الأردن وتركيا، وانفتحت على إسرائيل تستجير بها.
(3)
استخلصنا أنَّ الأزمة خرجت عن السيطرة، وتم تحميل حركات الاحتجاج المحقة والممكن معالجتها، مطالب وشعارات إقصائية قاصرة وجُلها في خدمة الخارج. ونبهنا أن الخارج يَستخدم ولا يتحالف، يستثمر ولا يناصر. وأنَّ إسرائيل لا تعمل لخدمة إلا نفسها، وعندما تحقق غاياتها كأمريكا، تلقي بالمستخدمين على المزابل بلا أدنى تعويضات أو وفاء.
(4)
توسعت رقعة الأزمة واشتدت نارها ومسارحها، واستُقدِم مئات الآلاف من المرتزقة والإرهابين والمحكومين، وانفلتت الأمور وخرجت من يد السوريين. وتمكن منهم الآتون من الخارج، يحملون ثقافاتهم وإسلامهم ومفاهيمهم، وبدأت على يدهم المذابح والتعديات وبقر البطون وأكل أكباد الآحياء، والفرز الطائفي والاعتداء على رجال الدين السنة وتكفيرهم.
طالت الأزمة وعجز النظام عن فهمها وفهم جديدها، وظلَّ متكلساً عند ماضيه، وطرائقه البائدة في الأمن والإدارة والاقتصاد. وعندما أينع قطف رأسه، وتم تدمير الدولة والجيش، بقصد إشاعة التوحش، واستجلبت تحرير الشام الغرباء وتشكيلاتهم، لتحمي سلطتها البائسة والقاصرة، فلم يناصرها السوريون ولا تعاونوا معها وإلا ما كانت بحاجتهم.
(5)
فصائل الشيشان والأنغوش والبلوش وأخواتها تفلتت وفرضت نفسها. والجولاني وهيئته قاصرون وعاجزون عن ضبطهم، أو التخلي عنهم، أو البقاء من دونهم، وأًمرهم الجولاني وهيئته بارتكاب مجازر الساحل ثم جرمانا وصحنايا والسويداء.
سُنَّة المدن وقفوا على الحياد، والدروز كثيراً منهم استجابوا لتحريض جنبلاط وطريف والآخرين، ورفضوا الانخراط، بل ساعدوا الفصائل الإرهابية طمعاً بإسقاط النظام بوهم الدولة أو الفيدرالية.
تحمل العلويون العبء، وبعض الريف السني، ولم ينصفهم النظام، بل نَكَّل بهم وبأسرهم وأفقرهم.
ولولا الروسي والإيراني وحزب الله لكانت سقطت منذ .٢٠١٥
ومناصرو سورية، وحماة استقرارها، وعزتها، لم يسلموا من التحريض ولتشهير والغدر.
(6)
“راحت السكرة وجاءت الفكرة”
رحل النظام، وخرج الإيراني وحزب الله، وانكفأ الروسي، فماذا حصد السوريون بأكثريتهم الساحقة؟!
ماذا حقق الدروز والسنة من سيطرة تحرير الشام ورئاسة الجولاني وجيش وأمن الفصائل؟!
المجازر والفرز والفقر والتعرض للأعراض والممتلكات والأمن الشخصي، والاعتداءات وطرد أئمة المساجد السوريين من المساجد، وفراغ الدولة والخدمات، وتحليق الأسعار، والمهانة الوطنية والاجتماعية، والمجازر، وحالة فوضى، وإشاعة التوحش. وتستمرئ إسرائيل هواية استعراض عضلاتها، وانتهاك كرامة كل سوري. ومن جهة أخرى تجري عملية “التتريك” و”التكريد” وتفكيك العلاقات الاجتماعية، والانهيار الأخلاقي والقيمي.
مَن استدعى شياطين الأرض ووحوشها إلى سورية؟؟
السوريون أنفسهم.
“جنت على نفسها براقش”.
(7)
ماذا عن لبنان؟ ومستعجلي سحب السلاح، وترك الدولة للفراغ، والكيان للذوبان، وللعصابات، تحضر نفسها في الداخل ومن الحدود الشرقية لاجتياح لبنان؟
والبعض الأحمق يستنجد بها، وكأنه يملك حق الاستنجاد أو يملك قدرات ضبطها.
الحمقى لا يفهمون، ولا يتعلمون من دروسهم ولا من دروس الآخرين.
كتلة الدروز التي استجابت للتحريض ضد النظام، وناصرت وساعدت واستجارت بالعصابات، ها هي تُدَّفِع الدروز وسورية أثمان باهظة، وتستنجد بإسرائيل. وغداً إسرائيل ستعاملهم كما عاملت انطوان لحد وجماعته، ودرس أهل درعا والقنيطرة ومصادرة أملاكهم ومياههم شاهد حي ناطق.
ألا تعقلون؟!
(8)
إن كنتم بلا عقل، أو أصحاب غاية، أو تملكون جنسيات أخرى، وأملاك وأعمال خارج لبنان…
فبحق الله احترموا الآخرين، وبينهم أهلكم وأبناء طوائفكم وقراكم. فإن لم تتعظوا، وجئتم بالعصابات إلى لبنان ستدفعون أنتم وعائلاتكم الثمن. كما يجري مع السوريين، وكما جرى مع من سبقكم في لبنان عندما استجاروا بإسرائيل والأطلسي وبشذاذ الآفاق…
السلاح زينة الرجال، وزينة الكرامة والسيادة والاستقرار. وفي أقل تقدير بيد الرجال ،الرجال يحمي البلاد والعباد والدولة ويبقي الكيان.
تعقلوا قبل فوات الأوان.