العالم يحتفل بيوم حرية الصحافة العالمي: يناقش الذكاء الاصطناعي ويعمى عن فلسطين

كتب: عاطف عبد الغنى
في الثالث من مايو كل عام، يحيي العالم اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم الذي يعود إلى عام 1991 عندما صدر «إعلان ويندهوك» خلال مؤتمر دولي نظمته منظمة اليونسكو في العاصمة الناميبية، مؤسّسًا لمبادئ الصحافة الحرة والمستقلة والتعددية.
ويأتي احتفال هذا العام ليصادف الذكرى الـ34 لهذا الإعلان التاريخي، وليؤكد على التزام العالم بحرية التعبير كحق أساسي لا يمكن التنازل عنه.
حرية الوصول إلى المعلومات
وفقًا لليونسكو، يهدف هذا اليوم إلى تسليط الضوء على ضرورة ضمان الوصول الشامل للمعلومات، وحماية الحريات الأساسية، وتذكير الحكومات بواجبها في احترام حرية الصحافة.
كما يشكّل فرصة لإعادة تقييم الوضع العالمي لحرية الإعلام، والاحتفاء بالمبادئ التي تقوم عليها المهنة، وتكريم الصحفيين الذين دفعوا حياتهم ثمنًا للحقيقة.
وفي عام 2025، يتمحور الاحتفال حول تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة، من حيث تدفق المعلومات واستقلالية وسائل الإعلام، خاصة في ظل تصاعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الإعلامي، وتضييق الخناق على الصحافة المهنية في بعض الدول.
فلسطين: حرية الإعلام تحت القصف
وفي الوقت الذي يناقش فيه العالم تأثير التكنولوجيا على الإعلام، تستمر في فلسطين مأساة من نوع آخر، حيث يتعرض الصحفيون والعاملون في قطاع الإعلام لحملة ممنهجة من القمع والاستهداف العسكري المباشر، خاصة في قطاع غزة، الذي يرزح تحت عدوان إسرائيلي متواصل منذ السابع من أكتوبر 2023.
وبحسب بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، استُشهد 212 صحفيًا وإعلاميًا فلسطينيًا خلال هذه الفترة، منهم مراسلون ومصورون ومحررون، إضافة إلى إصابة 409 آخرين بجراح متفاوتة، بعضهم فقد أطرافه، بينما فقد جميعهم الشعور بالأمان الشخصي.
ولم تسلم المؤسسات الإعلامية من التدمير، إذ تم استهداف مقرات 143 مؤسسة إعلامية محلية ودولية، بينها 12 فضائية عربية وأجنبية. كما دُمّرت منازل 44 صحفيًا، واستُشهد 21 ناشطًا إعلاميًا كانوا ينقلون الصورة من الميدان عبر منصات التواصل الاجتماعي.
اعتقال وتعذيب.. وسجون بلا محاكمات
وفي جانب آخر من الانتهاكات، وثّقت مؤسسات حقوقية اعتقال 180 صحفيًا فلسطينيًا منذ بداية العدوان، من بينهم 49 تم احتجازهم بعد المجازر، إضافة إلى 6 صحفيين كانوا بالفعل رهن الاعتقال قبل أكتوبر 2023.
هؤلاء يُحتجزون دون محاكمة، ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، في انتهاك واضح للقوانين الدولية التي تحمي الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة.
حرب رقمية لإسكات الصوت الفلسطيني
ولم تقتصر الانتهاكات على الميدان، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي، حيث تُشنّ حرب شرسة على حرية التعبير في منصات التواصل الاجتماعي من خلال التحريض، الحظر، وتقييد الوصول إلى المحتوى الفلسطيني، في محاولة لعزل القضية إعلاميًا ومنع توثيق الجرائم المرتكبة.
دعوة لتحقيق دولي وحماية عاجلة
في ظل هذا الواقع المأساوي، نضم صوتنا إلى كل صوت إنساني حر، مطالبين بـ:
تحقيق دولي عاجل تشرف عليه الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومنظمة “مراسلون بلا حدود”.
توفير حماية دولية فورية للصحفيين الفلسطينيين.
إنهاء الحصار الإعلامي على غزة.
وجدير بالذكر أن ما يتعرض له الإعلام الفلسطيني ليس أحداثًا متفرقة، بل سياسة ممنهجة لإسكات الحقيقة وتغييب الوعي العالمي عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، في ظل تواطؤ دولي وصمت رسمي مستمر يناقش الذكاء الاصطناعى ويعمى عن المذابح وحرب الإبادة الممنهجة فى فلسطين.