التصعيد بين الهند وباكستان.. هل يصل إلى استخدام النووى؟

 

في تطور لافت للصراع المتصاعد بين الهند وباكستان، أعلنت الهند عن إطلاق نسخة جديدة من صاروخ “براموس”، والذي يُعرف بـ “براموس 2″، وفي بعض المصادر بيسمى “براموس N”، وهذا الصاروخ نتاج تعاون هندي-روسي، ويمثل فخر الصناعة العسكرية المشتركة بين البلدين،

هذا التصعيد يأتي في سياق توتر متزايد بين الجارتين النوويتين، حيث تشير تقارير، أبرزها تقرير لمجلة “ذى أتلنتك The Atlantic” الأمريكية، إلى أن كلا البلدين يواجهان قيودًا سياسية تمنعهما من التراجع، ما يجعل هذا التصعيد مختلفًا عن مواجهات سابقة.

وأوضحت “ذى أتلنتك” أن القيادة السياسية في كلا البلدين، سواء في الهند أو باكستان، لا تستطيع التراجع لأسباب تتعلق بالشرعية السياسية والهيبة القومية، وليس فقط العوامل العسكرية.

البعد السياسي الداخلي في باكستان

وتشير مصادر إلى أن وزير الدفاع الباكستاني “عاصم منير” مضطر لتثبيت موقعه في السلطة، وبالتالي فإن الهزيمة أمام الهند ليست خيارًا مطروحًا له، لا سيما في ظل الذاكرة المؤلمة لهزيمة عام 1971، حين خسرت باكستان بنجلاديش بعد تدّخل عسكري هندي لصالح الانفصاليين البنغاليين.

وفي ذلك العام، فاز حزب “رابطة عوامي البنجالي” بأغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية الباكستانية، لكن الحكم العسكري الباكستاني رفض تسليم السلطة، مما أدى إلى اضطرابات واسعة، وانتهى بإعلان بنجلاديش الاستقلال وتدخل الجيش الهندي لدعمه.

واليوم، ترى باكستان أن أي خسارة جديدة أمام الهند قد تشجع على بروز حركات انفصالية جديدة داخل أراضيها، خاصة في ظل احتضانها لعدد من الجماعات المسلحة والجهادية، والتي قد تستغل أي ضعف في الدولة أو الجيش لتعزيز نفوذها.

دور الصين

من جهة أخرى، تلعب الصين دورًا خفيًا ولكن مؤثرًا، حيث تدعم باكستان عسكريًا بشكل كبير، وتسعى لتعزيز مكانة الجيش الباكستاني في مواجهة الهند.

وتشير تقارير إلى أن طائرات J-10C الصينية نجحت في اختبار ميداني أسقطت فيه 5 طائرات هندية، من بينها 3 مقاتلات رافال فرنسية الصنع، خلال هجوم شنته نيودلهي على إسلام أباد، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الباكستاني إسحاق دار.

الهند.. أزمة داخلية وخطر الانقسام

على الجانب الآخر، لا يبدو أن الهند مستعدة لقبول الهزيمة أيضًا.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي يُعتبر رمزًا للتيار القومي الهندوسي المتشدد، يواجه معارضة داخلية متصاعدة، ليس فقط من أحزاب سياسية، بل من جماعات هندوسية وبوذية ترى أن أداءه لا يرقى للتطلعات القومية، ولذلك، فإن أي هزيمة أمام باكستان قد تفتح المجال أمام حركات تمرد أو انفصال داخل الهند نفسها.

الأخطر من ذلك، بحسب التحليلات الإعلامية المتواترة، فأن الحرب بدأت تأخذ طابعًا دينيًا، خاصة بعد تقارير عن انحراف صواريخ باكستانية وضربها معبدًا هندوسيًا، مقابل ضربات هندية استهدفت مساجد باكستانية.

هذا الطابع الديني يضاعف حساسية النزاع ويجعل تراجعه أصعب بكثير.

لماذا تصمت أمريكا؟ 

في تطور مثير، نشرت شبكة “سى إن إن CNN” تحليلًا مفاجئًا تطرقت فيه لتفسير الصمت الأمريكي إزاء التصعيد.

وأشارت الشبكة إلى أن الوضع الحالي يختلف تمامًا عن أحداث عام 2019، حين تدخل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك مايك بومبيو، ونجح بدعم من الرئيس دونالد ترامب في وقف التصعيد بين البلدين.

أما الآن، فأن الوضع مختلف تمامًا، وترامب العائد إلى البيت الأبيض، هذه المرة يبدو غير مهتم بالتحالفات الدولية، ولا يعطي أهمية كبرى لا للهند ولا لأي من الحلفاء التقليديين، بحسب وصف CNN.

كما أن وزير خارجيته الجديد، مارك روبيو، مشغول بأربع مناصب رسمية دفعة واحدة، بينها مستشار الأمن القومي ورئيس أرشيف الدولة، ما يجعله غير قادر على التدخل في أزمة بهذا الحجم.

وإذا كان ترامب يرى أن أمريكا يجب أن تظل القوة العسكرية الأعظم، فهو لا يرى ضرورة للتدخل في كل أزمة، بل ويفضل أن يرى إن كانت الهند قادرة على حسم الحرب بنفسها، خاصة وأن مودي حليف سابق زاره في البيت الأبيض.

والأهم أن ترامب لم ينجح في أي من الملفات الكبرى التي وعد بحلها، مثل البرنامج النووي الإيراني أو حرب روسيا وأوكرانيا، فكيف سينجح في ملف جديد لم يكن ضمن أجندته أصلاً؟

سيناريو الحرب النووية 

ويشير تقرير “سى إن إن” إلى أخطر النقاط وهى أن أمريكا تراقب الوضع وترى أن الطرفين أصبحا يمتلكان من الأسلحة والدوافع ما يكفي للاستمرار في الحرب دون تراجع، وأن أي محاولة تدّخل سياسي في الوقت الحالي ستكون فاشلة.

وقد حاولت دول إقليمية مثل السعودية، عبر وزير خارجيتها عادل الجبير، وإيران، عبر عباس عراقجي، وتركيا، التدخل السياسي، لكن جميع هذه المساعي لم تحقق أي تقدم.

وترى “سى إن إن” أن أمريكا تنتظر حتى يصل الطرفان إلى حافة استخدام السلاح النووي، أو على الأقل النووي التكتيكي، عندها فقط قد تتدخل لوقف التصعيد.

وحتى ذلك الوقت، فإن سياسة “دعهم يستنزفون بعضهم البعض” تظل هي الاستراتيجية السائدة في واشنطن.

وهناك تقارير سابقة حذرت من أن حربًا نووية بين الهند وباكستان قد تودي بحياة 100 مليون إنسان، بغض النظر عن ديانتهم أو جنسيتهم، وهذا الرقم ليس من بنات أفكاره، بل صدر عن مراكز بحثية ودراسات استراتيجية متخصصة.

ويمتلك الطرفان (الهند وباكستان) ترسانة ضخمة من الأسلحة التقليدية قبل اللجوء إلى النووي، لكن عند اللحظة الحاسمة، فإن استخدام النووي التكتيكي قد يكون المدخل لتدّخل أمريكي مباشر، فقط بعد أن تُستنفد كل الوسائل الأخرى.


المصادر : 

  • مجلة The Atlantic

  • شبكة CNN

  • تصريحات مسؤولين باكستانيين: إسحاق دار، عاصم منير

  • الخلفية التاريخية لحرب عام 1971

  • تقارير عن تسليح الصين لباكستان ومشاركة مقاتلات J-10C

  • تحليل سياسي لتوجهات ترامب ووزير خارجيته مارك روبيو

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى