مجد الدين زاهر يكتب: حلول واقعية لأزمة الإيجار القديم

طالعتنا بعض الأخبار بخبر رفض مجلس النواب لمشروع قانون الإيجار المقدم من الحكومة وامتلأت بعدها وسائل التواصل الاجتماعي بعبارات وفيديوهات التهنئة ومبروك لعدم طرد المستأجر في خلال 5 سنوات وعدم زيادة القيمة الإبجارية طبقا للمواد 2 و 5 من مشروع القانون.

وللأسف فإن بعض تلك التعليقات صادرة من بعض رجال القانون، ونحن نقول لكل هؤلاء إن رفض مشروع القانون كلية وعدم إصدار قانون جديد يتفق وأحكام المحكمة الدستورية العليا خلال الشهرين المقبلين سوف يؤدي إلى كارثة مجتمعية وقانونية وقضائية قي اليوم التالي لانتهاء الفصل التشريعي الحالي؛ وهذا بسبب صدور 39 حكما من المحكمة الدستورية العليا في شأن قوانين إيجار الأماكن وأخطر هذه الأحكام :

الحكم التاريخي الصادر عام 2002 م والذي يقضي :

بعدم دستورية الفقرة الأولي من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة1981 م والذي يقضي بإمتداد عقود الإيجار لمرة واحدة فقط لأسرة المستأجر الأصلي ولوالديه بشرط الإقامة السابقة مع المستأجر الأصلي لمدة سنة علي الأقل .

كما أصدرت المحكمة الدستورية في 14 نوفمبر 2024م الحكم :

بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى إعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وحددت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها.

وباستعراض هذا الحكم الصادر من أعلي سلطة قضائية في البلاد الملزم لكافة المحاكم في مصر بكل درجاتها دون صدور تعديل تشريعي يتوافق مع حكم الدستورية فإنه في اليوم التالي لانتهاء دور الإنعقاد التشريعي الحالي سوف تعج المحاكم بدعاوي زيادة الأجرة والمطالبة بفروق القيمة الإيجارية منذ تاريخ تحرير عقود الإيجار في ظل القانون 136 لسنة 1981م .

وبالطبع عندما تتعلق الدعاوي بأمور حسابية سوف تحال كل تلك الدعاوي بحكم تمهيدي إلى خبراء وزرارة العدل الذين تعج مكاتبهم بقضايا لم يتم الفصل فيها منذ سنوات، وعندما نتكلم عن المشاكل يجب أن نتكلم عن الحلول، ولكي نجد أنسب الحلول لابد أن نتكلم ونبحث ونغوص في أصل المشكلة؛ لايجاد الحل المناسب والعادل لها .

أصل المشكلة يُكمن في مخالفة الحكومات السابقة للشرع والدستور والقانون وقواعد العدالة والقانون الطبيعي بأن تدخلت في العلاقة بين المؤجر والمستأجر .

وتناست تلك الحكومات أن حق الملكية مصون وأن المالك له حرية التصرف في ملكه بما لايخالف الشرع وقواعد الأداب العامة، وله أن يحدد الأجرة التي يرى أنها مناسبة له وفقا لجودة المكان والعقار، ومن حق المستأجر أن يقبل أو يرفض وله أن يفاضل بين الأماكن المعروضة للإيجار، والذي يتحكم في القيمة الإيجارية في هذه الحالة قانون العرض والطلب والمنافسة الشريفة بين ملاك العقارات .

وبعد أن تدخل المشرع في العلاقة بين المالك والمستأجر، أحجم الكثير عن الاستثمار العقاري وتأجير الشقق حتي بعد تعديل القانون وصدور قانون الإيجارات الجديد رقم 4 لسنة 1996م وتعديل الايجار بسبب بطء إجراءات التقاضي، وبعد الحصول على الأحكام يدخل المالك في متاهة تنفيذ الحكم الصادر لصالحه.

لذلك توجد كمية مهولة من الشقق المغلقة والتي لا ينتوي أصحابها تأجيرها في ظل القوانين الحالية .

وبصفتي رجل قانون وأعمل بالمحاماه والقانون منذ عام 1983 م، لا أري مبرر لكل هذه الضجة المثارة حول مواد تعديل القانون المقدمة من الحكومة، وأري أن ما يثار حول ذلك مجرد فرقعة سياسية حزبية انتخابية؛ لانه مع الواقع العملي ف‘نه بمرور 5 سنوات ويمكن بمدة أقل للبعض سوف تنتهي أغلب عقود الإيجار المحررة طبقا للقانون رقم 136 لسنة 1981م ـ هذا إن لم يكن كلها ــ لانه وبحسبة بسيطة لو أن المستأجر الأصلي وقت تحرير عقد الإيجار كان يبلغ من العمر 25 عاما فإنه يبلغ من العمر الآن 70 عاما وبعد خمسة سنوات 75 عاما، والأبن الذي قد يمتد له عقد الإيجار يكون عمرة الآن يتجاوز الخمسين عاما وفقا لحكم المحكمة الدستورية عام 2002م، لذلك اأرى تعديل مدة الفترة الانتقالية في القانون الجديد إلى 10 سنوات بدلا من 5 سنوات .

وأرى إضافة مادة جديدة الي مشروع القانون تلزم بطرد المستاجر الذي يحتفظ بالشقة المؤجرة له مغلقة دون مقتضبي ويتركها مغلقة عندا في المالك أو لأي سبب غير مشروع مع الزام ذلك المستأجر بأن يؤدي للمالك مبلغ تعويض جابرا للضرر الذي لحق بالمالك نتيجة غلق تلك الشقة المؤجرة له لمدة تزيد عن 3 سنوات دون سبب مشروع لهذ الغلق بحكم مشمول بالنفاذ المعجل وبلاكفالة .

وأما بالنسبة للقيمة الإيجارية ممكن الاستعانة بالقيمة الإيجارية التي تحددها لجان تقييم العقارات كل 5 سنوات عند احتساب الضريبة العقارية طبقا للمناطق الراقية والشعبية والريفية بحد اقصي 1000 جنيه .

ولكن هذا يتطلب من الحكومة تعويض المستأجر عن الفرق في قيمة الإيجار الحاالية والزيادة المحتملة، أو الزام الحكومة بتوفير سكن بديل للمستأجر يتناسب مع الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه المستأجر .

لابد للحكومة من تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية وتنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا بالعمل علي تحقيق التوازن في العلاقة بين المالك والمستأجر طبقا لما تنادي به جميع الشرائع السماوية والعدالة .

ونناشد السادة أعضاء مجلس النواب بمناقشة مشروع تعديل القانون وتعديله وليس رفضه كلية .. حتي لايتسبب ذلك الرفض في أزمة مجتمعية قانونية وقضائية.

مجد الدين زاهر

محام بالنقض والإدارية العليا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى