ساعة الشمس الداخلية كيف تؤثر علينا.. وهل نحن نؤثر عليها أيضًا؟

مصادر – بيان

رغم أن الشمس تبدو لنا كل يوم وكأنها لا تتغير، فإن العلماء لاحظوا منذ القرن الثامن عشر وجود بقع شمسية تختلف في حجمها وعددها بشكل دوري.

وقد فتح هذا الاكتشاف الباب أمام رحلة علمية طويلة لفهم طبيعة دورة نشاط الشمس، وتأثير الكواكب الأخرى عليها.

شمس كل يوم

في أوقات الأزمات والقلق، نردد دومًا عبارة “الشمس ستشرق غدًا”، في إشارة إلى الثبات واليقين. لكن هل هي فعلًا الشمس ذاتها التي نراها كل صباح؟ هذا السؤال ظل يؤرق العلماء لسنوات.

من المعروف أن الشمس عمرها نحو 4.6 مليار سنة، ويتوقع العلماء أن تظل مشتعلة لمليارات السنين القادمة، ما يوحي بأنها نجم مستقر نسبيًا. ومع ذلك، لاحظ الفلكي الدنماركي كريستيان هوربوف في القرن الثامن عشر أن البقع الشمسية – وهي مناطق داكنة ذات نشاط مغناطيسي قوي وحرارة أقل من سطح الشمس – تمر بتغيرات دورية منتظمة.

وفي القرن التاسع عشر، اكتشف الفلكي هاينريش شفافه أن نشاط البقع الشمسية يتكرر في دورة تستغرق نحو 10 سنوات، وهي ما يُعرف الآن بـ”دورة شفافه الشمسية”. وقد أكدت الرصدات الحديثة أن متوسط الدورة الشمسية يبلغ حوالي 11.07 سنة.

أسرار الدورة الشمسية

مع بداية القرن العشرين، أوضح الفيزيائي الأمريكي جورج هيل أن هذه البقع ترتبط بعكس الأقطاب المغناطيسية للشمس، وهو ما يحدث كل 11 سنة، متماشيًا مع دورة شفافه.

وهنا بدأ العلماء في البحث عن القوى المحركة لهذا التغيير الدوري.

وعلى غرار دوران الأرض حول محورها كل 24 ساعة، ودورانها حول الشمس كل سنة، فإن الشمس نفسها تخضع لدورة خاصة بها، ليست ناتجة عن كواكب تدور حولها، بل نتيجة تفاعلات داخلية.

هل للكواكب تأثير على الشمس؟

منذ القرن التاسع عشر، ظهرت تساؤلات حول ما إذا كانت الكواكب، وعلى رأسها الأرض والمشتري والزهرة، تؤثر بجاذبيتها على نشاط الشمس.

والمقارنة الأقرب لفهم هذه الفكرة تأتي من العلاقة بين الأرض والقمر، إذ إن القمر – رغم صغر كتلته مقارنة بالأرض – يملك تأثيرًا واضحًا على المد والجزر بسبب قربه.

وقد أظهرت أبحاث علمية حديثة أن الكواكب المذكورة تمارس قوى مد وجزر على الشمس في دورة تستمر حوالي 11 سنة، وهو ما يتطابق تقريبًا مع دورة شفافه الشمسية.

نتائج مذهلة… الشمس تحت تأثير داخلي وخارجي

دراسة علمية حديثة توصلت إلى نتيجة توفيقية بين النظريتين: فبينما تحدث الدورة الشمسية نتيجة لعكس الأقطاب المغناطيسية داخليًا، فإن جاذبية الأرض والمشتري والزهرة تُسهم في تنظيم توقيت هذه الدورة، وكأنها “ساعة كونية” تحافظ على انتظام الإيقاع.

وقد ذهب الباحثون إلى أبعد من ذلك، مشيرين إلى أن الكواكب قد تؤثر أيضًا على دورات شمسية أخرى، مثل دورة ريغر (100 إلى 300 يوم)، ودورة براي-هالستات التي تمتد لأكثر من ألفي عام.

الخلاصة

ما توصل إليه العلماء اليوم يعيد رسم فهمنا لديناميكيات الشمس، ويعزز فرضية أن الكواكب في مجموعتنا الشمسية ليست مجرد أجرام تدور حول نجم، بل ربما تكون جزءًا من نظام دقيق يتحكم حتى في سلوك الشمس نفسها.

طالع المزيد:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى