كاتب إسرائيلى: إسرائيل على حافة الانهيار الاستراتيجي

بيان – قسم الترجمة
نشر موقع “واى نت” الإسرائيلى مقالا تحليليا لكاتبه : آفي كالو ، يعكس عمق الأزمة التى يعيشها الكيان الصهيونى الآن بسبب ممارسات وسياسات الحكومة اليمنية الحالية التى يترأسها نتنياهو.
وحمل المقال عنوان : إسرائيل على حافة الانهيار الاستراتيجي في ظل إعادة تشكيل الشرق الأوسط وتبدل السياسات الأمريكية، وجاء المقال كالتالى:
تواجه إسرائيل اليوم خطر انهيار استراتيجي في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط إعادة تشكّل جذرية، يقابلها جمود غير مسبوق في السياسة الخارجية الإسرائيلية، وقيادة تتبع رؤى مشبعة بالتطرف والمفاهيم الميسيانية (الخلاصية)، دون اعتبار للكلفة الباهظة لذلك على الأمن القومي الإسرائيلي.
الجمود في واشنطن.. وانقطاع الخط مع تل أبيب
“كابيتول هيل لا يستجيب”. عبارةٌ كانت تزعج القاهرة سابقاً، في وقت كانت فيه إسرائيل تلعب دور الوسيط الفعّال بين الإدارة الأمريكية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في ظل الانتقادات الأمريكية لسجل حقوق الإنسان المصري. أما الآن، فقد فقدت إسرائيل هذا الدور، وباتت سياستها الخارجية تعاني من شللٍ شبه كامل.
خريطة إقليمية جديدة.. وتراجع التفوق الإسرائيلي
تشهد المنطقة تحولات دراماتيكية منذ ولاية الرئيس دونالد ترامب، حيث تصاعد التفكك الإقليمي، وبدأت قوى عربية بصعود لافت. الإمارات حصلت لأول مرة على تقنيات متقدمة مثل رقائق “إنفيديا”، وقطر توسّع مناوراتها الدبلوماسية، والسعودية باتت لاعباً رئيسياً، تستثمر في الأسلحة المتطورة، وتقترب من امتلاك طاقة نووية مدنية، وتدخل سباق الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع سام ألتمان.
هذه التحركات تُضعف التفوق النوعي الإسرائيلي الذي كانت تضمنه تشريعات أمريكية. في الوقت نفسه، تمضي المفاوضات النووية مع إيران دون أدنى اعتبار لمصالح إسرائيل، وتُفتح قنوات اتصال مباشرة مع جهات مثل “حماس” و”الحوثيين”، بينما تعيد تركيا ولبنان تموضعهما إقليمياً. وفي ظل هذا كله، تواصل إسرائيل الغياب عن المسرح الدبلوماسي.
قيادة عاجزة أمام العاصفة
رغم هذه التحولات، تصرّ حكومة نتنياهو على الصمت، بل والمضي في أجندة داخلية مثيرة للجدل، بدءاً بمحاولات تقويض المحكمة العليا والنائب العام، ووصولاً إلى حربٍ مستمرة في غزة دون هدف استراتيجي واضح، تعرض جنود الجيش الإسرائيلي لمخاطر متزايدة وسط كارثة إنسانية متفاقمة.
دولياً، تواجه إسرائيل تهديدات قانونية متجددة وعزلة دبلوماسية متصاعدة. إدارة ترامب، رغم تحالفها السابق، تنأى بنفسها عن الحرب في غزة، وأجّل نائب الرئيس فانس زيارته لإسرائيل. فيما لا يزال مصير الرهائن مجهولاً، ويجد نتنياهو نفسه مضطراً للتفاعل مع مبادرة مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، في إشارة إلى احتمال قبول غير مباشر بإنهاء الحرب.
كسر الحظر: حوار أمريكي مع “حماس”
من أخطر التطورات الأخيرة كان قرار الإدارة الأمريكية بدء حوار مباشر مع “حماس”، في خرقٍ واضح لمبادئ “اللجنة الرباعية” لعام 2006، والتي اشترطت على أي حوار معها أن تتخلى عن العنف وتعترف بإسرائيل وتلتزم بالاتفاقيات السابقة. إلا أن إدارة ترامب دخلت في مفاوضات سرية في الدوحة مطلع عام 2025 لإطلاق سراح رهائن أمريكيين، الأمر الذي أثار غضب نتنياهو وشعر بأنه تهميش لدور إسرائيل وتهديد مباشر لمصالحها.
اعترفت “حماس” بالحوار واعتبرته مكسباً سياسياً، ما يؤشر إلى تغيرات عميقة في المواقف الإقليمية ويقوض المسار الدبلوماسي الإسرائيلي التقليدي.
الطريق نحو التصحيح
إسرائيل تسير في مسار تفكك داخلي وإخفاق استراتيجي خطير. ومع اقتراب انتخابات الكنيست الـ26 بعد أقل من عام ونصف، تحتاج القوى السياسية إلى طرح رؤية جديدة ترتكز على قيادة بنّاءة، واقعية، وطموحة.
أمام إسرائيل فرصة تاريخية في السنتين المتبقيتين من ولاية ترامب الثانية لإعادة التموضع الاستراتيجي. الناخب الإسرائيلي مدعوّ لحسم خياره: إما البقاء في دائرة التطرف والمراوحة، أو العودة إلى نهج صهيوني عقلاني، واثق، ومستقبلي، يضمن قوة الدولة وازدهارها لأجيال قادمة.
طالع المزيد: