384 عاماً فى سجون أمريكا تنتظر محمد سليمان.. عدالة انتقائية أم رسالة ردع؟

كتب: على طه
في مشهد يثير الكثير من التساؤلات حول المعايير المزدوجة للعدالة في الولايات المتحدة، أعلنت السلطات القضائية في مقاطعة بولدر بولاية كولورادو الأميركية أن المواطن محمد سليمان قد يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 384 عاماً في حال إدانته بـ16 تهمة شروع في القتل من الدرجة الأولى، على خلفية هجوم بزجاجات حارقة استهدف تجمعاً لمناصرين لإسرائيل.
ملاحقة “بأقصى حد ممكن”
المدعي العام الأميركي مايكل دوغرتي أكد أن الأحكام المحتملة على سليمان – في حال إدانته – ستُنفذ بشكل متتالٍ، ما يعني أنه سيقضي بقية عمره خلف القضبان. في المقابل، شددت المدعية العامة بام بوندي على أن القضاء الأميركي “لن يتسامح أبداً مع هذا النوع من الكراهية”، على حد تعبيرها، متعهدة بمحاكمته وفق “أقصى ما يسمح به القانون”.
اتهامات بالجملة
وفقاً للوثائق القضائية، فإن التهم الموجهة لسليمان تشمل “جرائم كراهية” و”استخدام قاذف لهب محلي الصنع” و”تخطيط مُسبق” للعملية، التي تسببت في إصابة 12 شخصاً، بعضهم بحروق، أثناء مظاهرة مؤيدة لإسرائيل نظّمت في مدينة بولدر. وأكدت السلطات الأميركية أن سليمان كان يردد عبارة “فلسطين حرة” أثناء الهجوم.
الإفادات الرسمية أظهرت أيضاً أن سليمان – البالغ من العمر 45 عاماً – اعترف بأنه خطط للعملية منذ عام، وكان يستهدف من وصفهم بـ”جماعة صهيونية”، وأكد استعداده لتكرار ما فعله.
قضية جنائية أم توظيف سياسي؟
بينما تُركّز الرواية الأميركية الرسمية على تصنيف الهجوم كـ”جريمة كراهية”، يثير مراقبون من العالم العربي تساؤلات حول الخلفيات السياسية للواقعة، لا سيما في ظل حالة الغليان الشعبي حول العالم بسبب الحرب في غزة والدعم الأميركي المستمر لإسرائيل.
التهديد بحكم سجني يصل إلى أربعة قرون يُنظر إليه على أنه رسالة سياسية أكثر منه حكم قضائي تقليدي، خاصة في ضوء تهاون المنظومة القضائية الأميركية في التعامل مع جرائم الكراهية ضد المسلمين والعرب، أو حتى التجاوزات ضد المتظاهرين الداعمين لفلسطين.
ازدواجية المعايير في العدالة الأميركية
وتضع هذه القضية تساؤلاً مشروعاً حول ازدواجية المعايير في المحاسبة القانونية. فبينما يلاحق سليمان بقسوة شديدة، لم تُظهر الولايات المتحدة موقفاً مشابهاً من الاعتداءات التي تعرض لها طلاب مؤيدون لفلسطين في الجامعات الأميركية، أو حتى حوادث الدهس والضرب من متطرفين مؤيدين لإسرائيل، والتي غالباً ما تُغلف بـ”دوافع شخصية” أو “اضطرابات نفسية”.
أكثر من مجرد محاكمة
قضية محمد سليمان، بصرف النظر عن تفاصيلها القانونية، باتت تُستخدم كأداة لتأكيد الهيمنة الإعلامية والقضائية في سياق متوتر، حيث يُفترض أن تُعامل جميع الجرائم بمعيار موحد من العدالة، لا أن تتحول إلى أدوات انتقائية تُدين “الكراهية” عندما تستهدف إسرائيل، وتُبررها أو تتجاهلها عندما يكون الضحية فلسطينياً.
طالع المزيد: