الوحدة 9900: سلاح الاحتلال في الجو.. أم محاولة يائسة للسيطرة؟

كتب: أشرف التهامى
في الوقت الذي تُروّج فيه وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية لوحدة “9900” على أنها ذراع استخباراتية متقدمة تعيد “تعريف المعركة”، تغيب عن هذه السردية حقيقةٌ أساسية: نحن لا نتحدث عن دفاع مشروع لدولة ذات سيادة، بل عن آلة استخباراتية تعمل لخدمة احتلال عسكري يستهدف شعبًا أعزل، تحتل أرضه منذ عقود، ويمارس بحقه أبشع صور القمع والتطهير.
ماذا تفعل هذه الوحدة فعليًا؟
“الوحدة 9900” ليست سوى امتداد رقمي وتجسسي لمنظومة الاحتلال، تستخدم طائرات مسيّرة على ارتفاعات منخفضة لجمع بيانات استخباراتية وملاحقة المقاومين الفلسطينيين داخل غزة، أو في ساحات عربية أخرى مثل لبنان وسوريا.
لكن جوهر نشاطها لا يخرج عن كونه جزءًا من مشروع إسرائيلي استعماري، يعتمد على القتل من مسافة آمنة، والتحكم في المدنيين من السماء، وهو ما يعكس عقلية الاحتلال التي تفضّل الحرب عن بُعد خوفًا من المواجهة المباشرة، حيث تُكشَف هشاشة التفوق.
نجاحات استخباراتية؟ أم تكريس للفشل الأخلاقي؟
يروج التقرير لما يسميه “إنقاذ رهائن” أو “كشف مخازن أسلحة”، لكنه يتغافل عن ما ترتكبه إسرائيل بحق المدنيين خلال هذه العمليات الاستخباراتية من قصف عشوائي، وتدمير للأحياء السكنية، واستهداف ممنهج للبنية التحتية في غزة وسوريا ولبنان، وهو ما توثقه منظمات حقوقية دولية بشكل مستمر.
حتى الحديث عن نجاحات مثل “تصفية زاهدي” أو “ضربات دقيقة في رفح” لا يُخفي الحقيقة الأكبر: الاستخبارات الإسرائيلية تفشل أمام بيئة مقاومة تتجدد وتتكيف وتفاجئ العدو مرارًا، كما حصل في 7 أكتوبر، حين عجزت كل وحدات الرصد والطائرات المسيّرة والكاميرات الذكية عن توقع عملية طوفان الأقصى.
سباق التسلح والقلق الإسرائيلي
من اللافت أن التقرير يعبّر عن هوس أمني داخلي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، خاصة حين يتحدث عن التهديدات القادمة من تسريبات داخلية أو تفوق صيني محتمل في الطائرات المسيّرة.
وهذا يؤكد أن ما تروّج له إسرائيل من “هيمنة استخباراتية” هو في الواقع قشرة تقنية تخفي رعبًا استراتيجيًا من تراجع الردع الإسرائيلي أمام تطور قوى المقاومة، وتنامي قدراتها على كشف، بل واستهداف، المواقع الاستخباراتية بدقة عالية.
عسكرة التقنية وانعدام الأخلاق
حين يصف أحد الضباط الإسرائيليين وحدة 9900 بأنها “الظلّ الذي يلاحق الأعداء”، فإن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح: من يلاحق من؟
هذه الطائرات المسيّرة، رغم تقنيتها، تعجز عن فهم العمق الشعبي للمقاومة، ولا تستطيع أن “ترى” الإصرار الفلسطيني على الحياة رغم الحصار، ولا يمكنها أن “تحلل” الإرادة العربية التي تتحدّى تطبيعًا رسميًا وتسعى لإعادة الاعتبار لقضية فلسطين في الوجدان.
باختصار:
-
“الوحدة 9900” ليست سوى وجه جديد من أوجه الاحتلال الرقمي والمخابراتي، الذي يستهدف كل ما هو إنساني في الجغرافيا العربية.
-
تسليح الطائرات الذكية لا يعوّض الانهيار الأخلاقي والسياسي للمشروع الصهيوني.
-
إن ما تسميه إسرائيل “إعادة تعريف الاستخبارات” هو في الواقع محاولة يائسة لتأجيل الهزيمة، وليس تجسيدًا للانتصار.
-
والتاريخ، في نهاية المطاف، يُكتَب بإرادة الشعوب، لا بكاميرات الطائرات.