عبد الغني: الجامعة العربية تظل كياناً يتأرجح بين وحدة منشودة واستقلال قطري يعطل القرار

كتبت: هدى الفقى
علق الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، على ما يثار حول جامعة الدول العربية، على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن نقل مقر الجامعة، من القاهرة، وترشيح أمين عام لها غير مصرى، نافياً بشكل قاطع وجود أي حديث رسمي حول نقل المقر من القاهرة، ومؤكداً أن المادة العاشرة من ميثاق الجامعة تنص على أن مقرها الدائم هو العاصمة المصرية، ولم يتم طرح أي بدائل رسمياً.
وأوضح عبد الغني خلال مشاركته فى برنامج “مساء الخير” على فضائية “مى سات” أن هذه الشائعات تنتمي لما وصفه بـ”الإعلام الشعبوي أو التعبوي أو المغرض”، وتهدف إلى إثارة الفتن في وقت بالغ الحساسية، حيث تتطلب المرحلة الراهنة وحدة الصف العربي، لمواجهة التحديات المشتركة.
وأضاف أن توقيت إثارة هذه المسألة يبدو مريباً، خصوصاً أن فترة ولاية الأمين العام الحالي أحمد أبو الغيط لم تنتهِ بعد، ولا تزال هناك قرابة سنة قبل الحديث عن تغيير محتمل.
وفي سياق الحديث عن تاريخ تأسيس الجامعة، أشار عبد الغني إلى أن جامعة الدول العربية تأسست رسميًا في 22 مارس 1945، أي قبل تأسيس منظمة الأمم المتحدة بعدة أشهر، وأن الفكرة بدأت من مؤتمر الإسكندرية عام 1944، الذي صدر عنه “وثيقة الإسكندرية” كتمهيد لإنشاء الجامعة.
وبيّن الكاتب الصحفى أن مصر كانت صاحبة الدور الأبرز في الدعوة للتأسيس، حيث احتضنت المبادرة عبر رئيس الوزراء آنذاك مصطفى النحاس باشا، وقادت المشاورات بين الدول العربية السبع المؤسسة.
كما تطرق إلى الخلفية السياسية الدولية آنذاك، مشيرًا إلى أن تصريح رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن عام 1941 حول وحدة العرب لم يكن بريئًا، بل كان جزءاً من محاولة استعمارية لضبط الإيقاع السياسي في المنطقة لصالح القوى الاستعمارية، وليس من منطلق دعم حقيقي لوحدة الأمة العربية.
وعن حول آلية اتخاذ القرار داخل الجامعة، أوضح عبد الغني أن الميثاق ينص على أن كل دولة عضو تحتفظ بسيادتها واستقلال قرارها، وهو ما أوجد حالة من الازدواجية بين كيان مؤسسي وحدوي من جهة، واستقلالية القرار القُطري من جهة أخرى.
وأضاف عبد الغنى أن هذه الازدواجية – كما وصفها – تخلق فجوة تجعل من الصعب صدور قرارات حاسمة في أوقات الأزمات، حيث يُشترط الإجماع، وهو ما نادراً ما يتحقق، مشيراً إلى أن الانتقادات الكثيرة الموجهة للجامعة ترجع إلى هذه النقطة الجوهرية في الميثاق.
وفي هذا السياق، استعرض عبد الغني نماذج من القمم العربية التي شهدت قرارات قوية، مثل قمة الخرطوم عام 1967 التي خرجت بـ”اللاءات الثلاث”، وقمة القاهرة عام 1970 التي دعا إليها الزعيم جمال عبد الناصر لوقف القتال بين الفصائل الفلسطينية والجيش الأردني فيما عُرف بـ”أيلول الأسود”، مؤكداً أن تلك القمة كانت آخر إنجاز تاريخي للزعيم عبد الناصر قبل وفاته مباشرة.
كما شدد على أن الجامعة، رغم أنها تُراقب سياسيًا، إلا أن نشاطها لا يقتصر على السياسة فقط، بل تشمل مجالات متعددة مثل الاقتصاد، الثقافة، التربية والتعليم، والعمل المجتمعي، ولها مؤسسات متخصصة مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي، وغيرها.
واختتم عبد الغني بأن الخلل الأساسي لا يكمن فقط في أداء الجامعة، بل في الميثاق ذاته، الذي يعطي لكل دولة عربية حرية اتخاذ قراراتها بشكل مستقل، ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تباين الرؤى والمواقف.
وبيّن أن هذا الوضع يعكس الإرث الاستعماري والتخوفات المتبادلة بين الدول، خصوصاً بين الدول الغنية والفقيرة، ما يحول دون تحقيق الوحدة المرجوة.