أمريكا أبادت هيروشيما ومصر كسرت الجيش الذي لا يُقهر فهل تمحو روسيا أوكرانيا من الخريطة؟
أسئلة تنتظر الإجابة: - هل تفرض شبكة (العناكب الاوكرانية) واقع جديد.. كواقع أمريكا واليابان بعد (بيرل هاربر)؟ - ضرب قاذفات الثالوث النووي الروسي: بداية استنزاف أم محطة في سباق التسلّح؟ - كييف كجائزة كبرى: هل تسعى موسكو للحسم قبل فرض شروط تفاوضية جديدة؟

تقرير يكتبة: عادل أبوطالب المعازي
غالبًا من يتعرض للمباغتة في البداية يكون النصر حليفه في النهاية لمرارة الدرس. وحتى لا تُصبح قاعدة، يشترط أن يكون له الحق.
وتُعد عملية (شبكة العنكبوت) الأوكرانية بضرب أهداف داخل عمق روسيا، وتحديدًا في سيبيريا شمال روسيا، ثالث نكسات شهر يونيو في التاريخ العسكري، بعد ضربة الطيران الإسرائيلي للطيران المصري في 5 يونيو 1967، ثم ضربة الطيران الإسرائيلي للمفاعل النووي العراقي في غارة جوية مفاجئة في 7 يونيو 1981 المعروفة بعملية (أوبرا) أو (بابل)، ثم (شبكة العنكبوت) الأوكرانية على روسيا في 1 يونيو الجاري 2025.. لتكون خامس أنجح الضربات الجوية المفاجئة في تاريخ العالم العسكرى، إذا أضفنا إلى الثلاثة السابقة ضربة اليابان للقاعدة البحرية الأمريكية في (بيرل هاربر) بجزر هاواي في المحيط الهادئ، وكانت الضربة السبب الرئيس لدخول أمريكا الحرب العالمية الثانية.
وأخيرًا وليس آخرًا، ضربة الطيران المصري في حرب أكتوبر 1973 على مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية في سيناء، وهي ما تحقق بها نصر أكتوبر المجيد.
عنصر المفاجأة.. والنتائج
وقد أدت هذه العمليات الجوية النتائج المرجوة، وإن كان هناك اختلاف في التنفيذ والقدرات، وفقًا لطبيعة كل عملية ومستحدثات التطور التكنولوجي ومقارنة تكاليف العمليات، وهذا يثبت أنه لا توجد دولة في العالم تستطيع تأمين حدودها بنسبة 100% مهما كانت قوتها الدفاعية والعسكرية.
فدائمًا عنصر المفاجأة والمباغتة هو سيد الموقف في الحروب والصراعات. وقد كانت عملية (شبكة العنكبوت) الأوكرانية المفاجئة على (5) قواعد عسكرية روسية داخل العمق الروسي بآلاف الكيلومترات، في مقاطعات (أولينيا، وبلايا، ودياغيليفو، وإيفانوفو، وأوكرينكا، وسيفيرني)، مع تضارب الأنباء حول العدد الصحيح للطائرات من 10 إلى 40 طائرة، تمثل أفضل ما لدى روسيا في “الثالوث النووي”، وهي الطائرات التي تُعرف بالقاذفات النووية، منها قاذفة استراتيجية من طراز “تو-95 إم إس”، و”تو-22 إم 3″، و”إي-50″ لتنسيق العمليات الجوية، و”توبوليف 160 بلاك جاك” التي تُعرف باسم “البجعة البيضاء”، وقد قُدرت الخسائر الروسية بحوالي 7 مليارات دولار.
وبحسب المعلن، فإن عدد 117 طائرة مسيّرة من طراز “بيرقدار” التركية هي من قامت بالعملية.
وكما قيل، فإن العملية استمر التخطيط لها مدة 18 شهرًا، ولم تكن متوقعة ولا في الحسبان.
وبحسب تصريح (بوتين)، فإن (ترامب) أبلغه أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تُبلَّغ بها، وكذلك أعلن الحلفاء في الناتو!! وإن كانت هناك شكوك غير مبررة، إذ خرجت معلومات تقول إن المخابرات البريطانية هي من خططت لهذه العملية، وهو الأقرب للواقع، لأن حالة الجيش الأوكراني لا تدل على أنه يمكنه التخطيط والتنفيذ بمفرده لمثل هذه العملية، إضافة إلى وجود عملاء لهم داخل الأراضي الروسية.
ويبدو أيضًا أن العملية كانت معدة منذ فترة، ومرهون تنفيذها بسبب ما، وقد كان.. فمع زيارة (زيلينسكي) لترامب، وهي الزيارة التي أظهر فيها (ترامب) إهانة كبيرة وتخليًا واضحًا عن حليفه (زيلينسكي) الذي جاءت به أمريكا من استوديوهات الفن إلى القصر الرئاسي، وورطته ثم تركته، وتبجّح لسادته بسبب طلبات (ترامب) المجحفة بدفع تكاليف الحرب من خيرات أوكرانيا من المعادن النادرة.
وقال له (ترامب) بوضوح: “ليس لديك من الأوراق ما يجعلك تتفاوض”. فأراد حلفاء (زيلينسكي) إثبات أن لديهم ما يستطيعون به تأكيد قدراتهم!! ولكن كان في الوقت الخطأ، خاصة وأن الأوكران والروس عند الأتراك يبحثون سبل وقف القتال وتبادل الأسرى، وهم يعلمون أيضًا أن (بوتين) ليس لديه الكثير ليقدمه لهم.
وتبدو روسيا أيضًا أنها تتعامل بنفس طريقة أوكرانيا من البلادة، فهي تقاتل أشرس قتال بعد العملية الأوكرانية، وترفع يدها الثانية بورقة تبادل الأسرى ووقف الحرب!! مع اتهامات متبادلة بين الجانبين حول سبب التأخير في ملف الأسرى.
ونعتقد أن (زيلينسكي) ومن خلفه أرادوا إثبات أنهم يستطيعون تمويل وإدارة الحرب أفضل مما كانت تتبناها (أمريكا بايدن)، حيث كان الدعم (الدفاعي) في نهاياته، ولكن كان الفشل يلاحق الأوكران مقابل القوة الغاشمة الروسية، وكل يوم كانت تخسر أوكرانيا مزيدًا من الأرض.
ولذلك، تم تنفيذ العملية في هذا الوقت تحديدًا لإثبات أن التقارب (الترامبي – البوتيني) لن يكون على حساب أوكرانيا وحلفائها الغربيين. إلا أن التقارب أيضًا في الفترة الأخيرة عكّره “بذاءة لسان” وهمجية “ترامب” والتلاسن بتصريحات رعناء، فمرة يصف (بوتين) بالمجنون، ومرة أنه و(زيلينسكي) مثل طفلين يلعبان في الحديقة!!
الغرب وفرحة النصر
كشف خبراء غربيون في مجال الطيران العسكري أن روسيا ستحتاج إلى سنوات من أجل تعويض قاذفات قنابل قادرة على حمل الأسلحة النووية، أُصيبت في ضربات نفذتها أوكرانيا بطائرات مسيّرة.
وذكرت وكالة رويترز أن هذه الخسائر ستُشكل ضغطًا على برنامج تحديث الأسطول الجوي، الذي يعاني بالفعل من تأخيرات.
وأظهرت الصور بالأقمار الصناعية لمناطق عسكرية في سيبيريا وأقصى شمال روسيا أضرارًا كبيرة نتيجة الهجمات، إذ احترقت عدة طائرات بالكامل، إلا أن الأرقام المُعلنة بشأن عدد الطائرات المُدمَّرة متضاربة.
علمًا أن بعض القواعد الروسية كانت محمية بشكل جزئي، حيث تقول موسكو إنها صدت الهجمات في ثلاث من أصل خمس قواعد. لكن صور الأقمار الصناعية أظهرت أضرارًا في بعض القواعد، بينما لم يُسجَّل أي تأثير في قاعدة “ياغيلوفو”، ما يُرجّح أن بعض الطائرات تم اعتراضها قبل وصولها.
توضيحات اللواء سمير فرج
الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي اللواء سمير فرج أوضح في مقال (شبكة العنكبوت) طريقة تنفيذ الضربة.
فقال:
(لقد قامت الفكرة على نقل كبائن خشبية تُشبه المنازل الروسية، وتم تجميعها سرًا في مستودعات في منطقة بمقاطعة شيليا بنك.
ومع ساعة الصفر، قام الأوكرانيون بتجهيز الكبائن، ووضع الطائرات المُسيّرة بداخلها، ثم انطلقت الشاحنات إلى مناطق الإطلاق، قُرب القواعد الجوية الروسية، مما يُبرر عدم اكتشافها بالرادارات أو التعامل معها بوسائل الدفاع الجوي).
وأضاف اللواء فرج:
(وقد يتساءل البعض: كيف لم يتم اكتشاف وتدمير هذه الطائرات المُسيّرة؟ الجواب هو أن التخطيط لإطلاقها تم من خلف وسائل عناصر الدفاع الجوي الروسي إس-400 وإس-500، لذلك كانت فكرة ذكية من الأوكرانيين بإطلاق المسيّرات من خلف هذه الأنظمة، كذلك عدم استخدام الطائرات المُسيّرة نظام GPS لتحديد المواقع حتى لا تتعرض لأي تدخل من القوات الروسية).
وعن طريقة تعرف المسيّرات الأوكرانية على القاذفات الروسية بدون GPS، يقول: (لقد تم ذلك من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي، حيث تم تركيب صورة لكل طائرة روسية مطلوب تدميرها حسب نوعها في “عين” الطائرة المُسيّرة، فانطلقت الطائرة مباشرة إلى هدفها الروسي على الأرض، وفقًا للصورة المُخزّنة داخلها).
وقد تناول اللواء سمير فرج في الأسابيع الماضية عدة مقالات عن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، ولم يمضِ أسبوع على النشر حتى تحقق ما تنبأ به مع الضربة الأوكرانية ضد “الثالوث النووي” الروسي. حيث، وبحسب حديث اللواء سمير فرج:
(تُعد أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في تحديد الأهداف بدقة غير مسبوقة، فبدلًا من الاعتماد على الطيارين أو التوجيه التقليدي، أصبحت الطائرات تتعرف على أهدافها بصريًا وتُنفذ المهام بدقة عالية، وهذا يُظهر إلى أي مدى أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من أدوات القتال المعاصرة).
رأى المحلل العسكري الأميركي “براندون وايكيرت”
وعن نشوة النصر التي يحتفل بها الغرب في الضربة الجوية الأوكرانية، قال “براندون وايكيرت” في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست” الأميركية:
(استهدفت الهجمات المفاجئة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية قواعد عسكرية استراتيجية روسية رئيسية تقع في عمق سيبيريا، مركّزة على قاذفات “تي يو – 95″ و”تي يو – 22 إم” بالأساس، ومن المهم الحصول على تقييم أكثر دقة لحجم الأضرار)، حيث ركزت معظم التقارير – وأغلبها تستند إلى أنباء مصادرها أوكرانية – على تراجع القدرة التشغيلية الفعلية لأسطول القاذفات بعيدة المدى لدى روسيا، وهو غير دقيق.
ويضيف (وايكيرت) أنه لا شك في أن الضربة ستُخلف أضرارًا حقيقية ودائمة، ولكن هناك من أشار إلى أن ما تبقى لدى روسيا من قدرات في مجال القاذفات الاستراتيجية لا يزال يُشكّل خطرًا بالغًا، فضلًا عن امتلاك الكرملين لقدرات ضاربة بعيدة المدى من البر والبحر تُسهم في استكمال عناصر “ثالوثه النووي”.
وذكر (وايكيرت) أن تقدير أوكرانيا بأنها ألحقت أضرارًا بما يصل إلى 30 بالمئة من أسطول القاذفات الاستراتيجية النشطة لدى روسيا ما يزال غير واضح. ومن الجدير بالذكر أن روسيا لا تزال تحتفظ بعدد كبير من الأنظمة المماثلة في المخازن الباردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية تعمل حاليًا بمستويات من الكفاءة لم يشهدها أحد منذ أوج الاتحاد السوفيتي في حقبة الحرب الباردة. وإذا أرادت روسيا إعادة القاذفات المخزنة إلى الخدمة، فإنها على الأرجح ستكون قادرة على فعل ذلك خلال فترة قصيرة.
ويقول “وايكيرت” إنه يجب على الناتو أن يُدرك الواقع الذي يواجهه فيما يخص القدرات الروسية. وإذا تبنّى الحلف دون تمحيص كل ما يقوله النظام الأوكراني خلال زمن الحرب، فإنه سيكون عرضة لارتكاب أخطاء استراتيجية جسيمة.
قوة روسيا الجوية
وتشير التقارير العالمية إلى أنه قبل الهجوم الأوكراني على روسيا، كان يُعتقد أن لدى الروس ما بين 50 إلى 60 طائرة من طراز “تي يو 95” في الخدمة الفعلية، مع وجود هياكل جوية إضافية في الاحتياط أو المخازن.
وخضع أسطول “تي يو 95” لعمليات تحديث على مرّ السنوات، مثل النسخة “تي يو 95 إم إس إم”.
أما الطرازات الأقدم، مثل “تي يو 95 كي” و”تي يو 95 إم”، فمن المرجح أنها محفوظة في المخازن كاحتياطي استراتيجي.
وتشير بعض التقديرات إلى أن روسيا قد تمتلك ما بين 20 إلى 30 طائرة إضافية من طراز “تي يو 95” في المخازن، على الرغم من أن صلاحيتها للطيران تختلف من طائرة لأخرى.
وقبل الهجوم الأوكراني في أول يونيو، كان لدى الروس نحو 60 إلى 70 طائرة من طراز “تي يو 22 إم” في الخدمة الفعلية.
ويُعتقد أن روسيا تمتلك ما بين 50 إلى 100 هيكل طائرة إضافي من هذا الطراز في المخازن.
وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن جزءًا كبيرًا من هذه الطائرات المخزنة غير صالح للطيران في حالتها الراهنة. ومع ذلك، ونظرًا لكفاءة القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية (كما اعترف بذلك قادة الناتو على مضض)، فإن موسكو ستكون قادرة على الأرجح على إعادة عدد كبير من هذه الطائرات إلى حالة قتالية خلال فترة زمنية مضغوطة نسبيًا، إذا اقتضت الحاجة.
ويرى “وايكيرت” أن أزمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام ستشكّل عامل تعقيد في جهود روسيا لإعادة تأهيل أسطول قاذفاتها. لكن مع ذلك، فإن قواتها العسكرية لم تتعرض لضرر بالغ كما يزعم بعض المعلقين المؤيدين لأوكرانيا.
وإن احتمالية تعافيها من هذا الهجوم خلال فترة قصيرة تُعدّ مرتفعة.
وانتهى “وايكيرت” إلى أن الحل التفاوضي يبقى هو المسار الأفضل لإنهاء هذه الحرب. فإن لم يحدث ذلك، فإنه من المؤكد تقريبًا أن روسيا ستفوز إن عاجلًا أو آجلًا.
على الجانب الآخر، فقد أعلنت روسيا أنها ستُصلح الطائرات التي تضررت جراء الهجوم الأوكراني، وأن الطائرات التي استُهدفت لم تُدمّر، بل تضررت فقط.
ونفى ريابكوف ادعاء أوكرانيا بتدمير أكثر من 40 قاذفة روسية، وقال مؤكدًا: “لا وجود لشيء من هذا القبيل”، مشددًا على أن الأرقام الدقيقة هي تلك التي أعلنتها وزارة الدفاع الروسية.
من جانبه، قال بوتين إن ترامب أكد له عدم علم الأميركيين بالعملية، بعد أن سأله بوتين أسباب صمت الولايات المتحدة وعدم إبلاغ موسكو بنية أوكرانيا مهاجمة قواعد روسية.
وخلافًا لتهويل زيلينسكي وما أُخذ عنه من الإعلام الغربي، فإن مسؤولَين أميركيين أكدا لوكالة رويترز للأنباء أن الولايات المتحدة تُقدّر عدد الطائرات الحربية المصابة في الهجمات بـ20 طائرة، في حين نفت الحكومة الروسية تدمير أي طائرات، قائلة إن الأضرار قابلة للإصلاح. لكن مدوّنين عسكريين روس قدّروا أن الخسائر تتجاوز 10 طائرات.
فقد صرّح خبير الطيران الإنجليزي (جاستن برونك) أن قاذفات القنابل المصابة في الهجوم تشمل طرازات (تي يو – 95 إم إس “بير–إتش”) و(تي يو – 22 إم 3 “باكفاير”). وأضاف (جاستن) أن روسيا استخدمت منذ بداية العملية العسكرية على أوكرانيا عام 2022، أسطولًا يتراوح بين 50 إلى 60 طائرة من طراز “بير–إتش” وحوالي 60 طائرة من طراز “باكفاير”، إلى جانب حوالي 20 قاذفة ثقيلة من طراز (تي يو – 160 إم “بلاك جاك”) التي تحمل الرؤوس النووية، مؤكدًا أن روسيا فقدت حوالي 10 بالمئة من أسطول القاذفات.
ويوضح (دوغلاس باري) سبب عدم تفاعل الدفاعات الروسية مع الهجوم.
من جهته، أشار (دوغلاس باري)، خبير الطيران في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، إلى أن روسيا ستواجه تحديًا كبيرًا في إصلاح القاذفات من طرازي (بير–إتش) و(باكفاير)، حيث إنهما صُمِّما في الحقبة السوفياتية وتوقف إنتاجهما.
وبخصوص تحديث الأسطول الجوي، ذكر المصدر ذاته أن روسيا تعمل على تطوير قاذفة “البلاك جاك”، إذ قام الرئيس فلاديمير بوتين برحلة جوية مدتها 30 دقيقة على متن إحدى هذه الطائرات العام الماضي وقال إنها جاهزة للدخول في الخدمة. لكن تقارير ذكرت أن إنتاج هذه الطائرات الجديدة يسير ببطء ولا يتجاوز أربع طائرات سنويًا.
كما يعاني مشروع تطوير الجيل الجديد من قاذفات “باك دا” من تأخيرات، حسب ذات التقرير.
لماذا عجزت روسيا عن منع الهجمات الأوكرانية
قد يبدو تنفيذ هجوم بواسطة طائرات مسيّرة من نوع FPV على قواعد جوية روسية استراتيجية، وعلى مسافة مئات بل آلاف الكيلومترات داخل عمق الأراضي الروسية، فكرة شبه مستحيلة. ومع ذلك، فقد تم تنفيذ هذه الهجمات بنجاح، بل وبتأثير واضح، وفق تقارير متعددة. ويُحاول هذا التقرير…
أسباب نجاح العملية
في السابق، استخدمت أوكرانيا صواريخ وطائرات مسيّرة متوسطة الحجم لضرب القواعد الروسية، لكن الدفاعات الروسية تطوّرت تدريجيًا وأصبحت أكثر قدرة على كشف واعتراض هذا النوع من الهجمات. غير أن التحدي الجوهري بقي ماثلًا: كيف يمكن حماية عشرات آلاف المواقع الحيوية داخل بلد شاسع مثل روسيا، بدءًا من البُنى التحتية والمصانع والمخازن، إلى القواعد الجوية والبحرية؟
فالقوات الجوية الروسية وحدها تُشغّل نحو 110 مطارات عسكرية. وعلى الرغم من امتلاك موسكو إحدى أقوى شبكات الدفاع الجوي في العالم، فإن هذه الشبكة لم تُصمَّم لحماية هذا الكم من المواقع الثابتة. معظم بطاريات الدفاع الجوي الروسية موجّهة لحماية الوحدات البرية في جبهات القتال، وليس المواقع الداخلية.
وبعض الأنظمة مثل “بانتسير” و”تور” و”تونغوسكا” مخصصة لاعتراض التهديدات القريبة، لكن فعاليتها أمام المسيّرات الصغيرة مثل FPV محدودة جدًا. وبيّنت تقارير روسية منذ عام 2020 أن هذه الأنظمة لا تكتشف الطائرات الصغيرة إلا من مسافة 3 إلى 4 كيلومترات، وفي أحيان كثيرة لا تنفجر رؤوس الصواريخ لأن توقيت الاشتباك يكون قريبًا جدًا من الحد الأدنى المسموح به لتفعيل الصمامات. كما أظهرت تجربة سابقة في سوريا أن منظومة “بانتسير” احتاجت لإطلاق 13 صاروخًا لاعتراض ثلاث طائرات مسيّرة بدائية فقط.
كما أن فعالية المدافع الرشاشة لهذه المنظومات ضد أهداف صغيرة مثل المسيرات ضعيفة للغاية؛ فحسب اختبارات روسية، يحتاج إسقاط هدف صغير واحد إلى أكثر من 4000 طلقة، بينما لا تحمل منظومات “بانتسير” سوى 1400 طلقة.
كييف: الهدف الروسي الأكبر القادم
الهجوم الأوكراني الأخير، بحسب كييف، استخدم 117 طائرة مسيّرة موزعة على أربع قواعد روسية. وتم إطلاق الطائرات من شاحنات مموهة كانت متوقفة على مسافة قصيرة من القواعد، بعضها لا يبعد أكثر من 6 كيلومترات. هذه المسيّرات، رغم بساطتها، وصلت إلى أهدافها في غضون دقائق، مستفيدة من سرعتها المنخفضة وارتفاعها المنخفض جدًا الذي يقلل احتمال رصدها بالرادار. وقد تكون الطائرات قد استخدمت تقنيات ذكاء صناعي للتمييز البصري عن بُعد، إلى جانب توجيه عبر الإنترنت باستخدام شرائح اتصال مدنية عادية، مما يقلل من أثر التشويش الإلكتروني.
وبعد 8 أيام من الضربة الأوكرانية التي أفقدت الروس صوابهم، صبّوا جحيمهم على كل أوكرانيا، مع الاقتراب من العاصمة الأوكرانية كييف، حيث يبدو أن الروس عزموا على إسقاط نظام كييف، وهو ما تريده أمريكا حتى يستغيث بها حلفاء الناتو، فيُتاح لترامب جذب “البقرة الحلوب” إلى حظيرته.
فقد أنهت القوات الروسية تحرير كورسيك، وتوجّه الآن نيران قصف عنيفة تجاه سومي التي أصبحت كتلة لهب، وبات الروس على بُعد كيلومترات من خاركيف، ليسقط بذلك الشرق الأوكراني بالكامل، وتُصبح الخطوة القادمة هي العاصمة كييف.