أمل محمد أمين تكتب: من القاهرة.. دعوة لتجديد التعليم من أجل أطفال الغد

بيان

شاركت اليوم في الاحتفالية التي نظمها المجلس العربي للطفولة والتنمية لتسليم جوائز الفائزين في الدورة الثالثة من “جائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية في قضايا الطفولة والتنمية”، والتي خصصت موضوعها حول “التعليم في عالم ما بعد كورونا”.

احتفالية علمية ثقافية شهدتها العاصمة المصرية القاهرة، وبحضور رفيع المستوى من شخصيات عربية ودولية.. وآثار الاحتفال في داخلي عدة أسئلة، أولها: هل ما زالت هناك تداعيات لكورونا على التعليم؟ وجاءت الإجابة في كلمة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية، وقال فيها: “التعليم في عالم ما بعد كورونا يستوجب العمل على تطوير منظومة التعليم برؤية شاملة”.
ليست هذه الاحتفالية مجرد مناسبة لتكريم باحثين، بل منصة فكرية ومعرفية لاستشراف مستقبل الطفولة في ظل التغيرات المتسارعة. فقد جسدت الفعالية نموذجًا رائدًا لالتقاء الفكر البحثي بصناع القرار، حيث تمت مناقشة قضايا محورية تتعلق بواقع التعليم بعد الجائحة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الرقمنة، والعدالة الاجتماعية.

وأكد الأمير عبد العزيز في كلمته أن التحديات التي فرضتها الجائحة على التعليم كانت فرصة لإعادة التفكير في المنظومة التعليمية، مشددًا على أهمية تطوير البنية التحتية، وتحسين المناهج، وتأهيل المعلمين، وتعزيز دور الأسرة والمجتمع. وهي رؤية تعبّر عن إدراك حقيقي بأن التعليم لم يعد فقط داخل جدران الفصول، بل أصبح مسؤولية مجتمعية متكاملة.

كيف نتعامل مع ما بعد الجائحة؟
إن هذا ينقلني إلى السؤال الثاني: كيف يمكن التعامل مع انعكاسات جائحة كورونا؟ والتي كانت لحظة تحول عالمي أجبرت المؤسسات التعليمية على مراجعة أدواتها. وهنا تظهر أهمية البحث العلمي في مواجهة التحديات، لا سيما تلك المتعلقة بالطفولة واستثمار التكنولوجيا في تعليم الطفل.

الاحتفالية لم تخلُ من النقاشات المستقبلية، حيث خُصصت جلسة حوارية حول “الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على الطفل”، شارك فيها نخبة من المفكرين والخبراء. وانتهت الجلسة إلى ضرورة إعداد الطفل العربي ليكون متفاعلًا لا متلقيًا في هذا العالم الجديد، عبر تعزيز المحتوى الرقمي العربي وتطوير مهارات الطفل في بيئة آمنة ومحفزة.
وفي ظل الثورة الرقمية والانتشار الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، بات من الضروري أن يواكب التعليم قدرات الطفل ومهاراته التكنولوجية، لا أن يسبقه أو يتخلف عنه. فالأطفال اليوم أكثر اتصالًا بالأجهزة الذكية والتقنيات الحديثة، ما يفرض على نظم التعليم أن تدمج الذكاء الاصطناعي والتعلم التفاعلي في العملية التعليمية، ليس فقط كأدوات، بل كجزء من المنهج ذاته. علينا أن نُدرّب الطفل العربي على استخدام هذه الأدوات بطريقة واعية وفعالة، بما يعزز من مهاراته الإبداعية والتحليلية، ويجعله قادرًا على المنافسة مع أقرانه عالميًا في عالم يتغير كل لحظة.
هل الاحتفال بالعلم هو استثمار في الطفولة؟
السؤال الثالث الذي جاء في عقلي: هل الاحتفال بالعلم هو استثمار في الطفولة؟ والإجابة بالتأكيد: نعم. إن الجائزة لم يكن هدفها مجرد مراسم لتكريم فائزين، بل احتفاء بالأفكار الطموحة، وإعلان عن التزام عربي مشترك تجاه الطفل والتعليم والمجتمع. حضور شخصيات دبلوماسية، وعلمية، وأكاديمية من مختلف الدول العربية، عزز من قيمة الحدث، وأعاد التأكيد على أن تنمية المجتمعات تبدأ من أصغر أبنائها.
إن هذه الجائزة تأتي لتكريم الباحثين… والطفل العربي الذي لا يحتاج فقط إلى مقعد في المدرسة، بل إلى بيئة تعليمية متجددة، ذكية، وآمنة، يشترك فيها الجميع: الدولة، الأسرة، المعلم، والتقنية. إنها دعوة لإعادة بناء المستقبل عبر البحوث، والتخطيط، والعمل الجماعي.
إن تطوير التعليم لا يقتصر على تحديث المناهج أو إدخال التكنولوجيا في الفصول الدراسية، بل يتجاوز ذلك ليصبح أداة استراتيجية لـ تمكين الطفل نفسيًا، واجتماعيًا، واقتصاديًا. فالتعليم العصري يجب أن يعزز ثقة الطفل بنفسه، وينمّي مهارات التفكير النقدي، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، ما يجعله فاعلًا في مجتمعه، لا مجرد متلقٍ للمعرفة. وتمكين الأطفال عبر التعليم يعني أيضًا توفير بيئة دامجة لجميع الفئات، تراعي التنوع، وتفتح أمامهم فرص الإبداع والمشاركة، خاصة في ظل عالم سريع التغير تهيمن عليه المعارف المتجددة والتقنيات المتقدمة. فكلما زادت قدرة الطفل على التعلم والتكيف، زادت فرصه في أن يكون شريكًا حقيقيًا في بناء المستقبل.

فالاستثمار الحقيقي في المجتمعات لا يكون إلا ببناء الإنسان… وبدايته تبدأ من الطفولة.

اقرأ أيضا للكاتبة:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى