انقسام فى جبهة ترامب: مع اقتراب واشنطن من الانخراط في الصراع مع إيران

مصادر – بيان
بينما تزداد المؤشرات على اقتراب الولايات المتحدة من الانخراط المباشر في الصراع بين إسرائيل وإيران، تتصاعد حدة الانقسام داخل حركة “اجعلوا أمريكا عظيمة مجددًا” (MAGA)، إذ عبّر عدد من أبرز رموزها عن قلقهم إزاء الدعم الأمريكي المتنامي للهجمات الإسرائيلية، وإمكانية تورط الجيش الأمريكي في القتال.
وعلى رأس الأصوات المعترضة: تاكر كارلسون، وستيف بانون، والنائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين، الذين حذّروا – بدرجات متفاوتة – من خطورة الانزلاق إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط لا تصب في مصلحة “أمريكا أولًا”.
ترامب يغيّر لهجته ويُلوّح بتدخل
في تطور لافت، عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الثلاثاء، اجتماعًا مطولًا في غرفة العمليات بالبيت الأبيض لمناقشة التطورات في الشرق الأوسط. ونقلت منصة “أكسيوس” عن مصادر مطلعة قولها إن ترامب بات يميل إلى خيار الانخراط المباشر، وهو ما أشار إليه بنفسه عبر منشورات على منصة “تروث سوشيال”، قال فيها:
“نحن نسيطر الآن بالكامل على الأجواء فوق إيران… لا أحد يفعلها أفضل من الولايات المتحدة!”
وأضاف في رسالة حاسمة: “الاستسلام غير المشروط!”
وكان ترامب قد وجّه في وقت سابق انتقادًا مباشرًا لكارلسون، وكتب:
“هل من أحد يشرح لتاكر كارلسون المخبول أن إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي؟”
ردود من داخل المعسكر الجمهوري
وردّت مارجوري تايلور غرين سريعًا على ترامب، مدافعة عن كارلسون، وقالت عبر منصة X (تويتر سابقًا):
“الحروب الخارجية والتدخلات وتغيير الأنظمة تضر أمريكا، تقتل الأبرياء، وتُفقرنا، وستقودنا إلى الهلاك. هذا ليس جنونًا. هذا ما صوت لأجله ملايين الأمريكيين، وهو جوهر سياسة (أمريكا أولًا).”
لكن ترامب لم يتراجع، إذ صرّح لمجلة ذا أتلانتيك قائلًا:
“بما أنني من أطلق شعار (أمريكا أولًا)، فأنا من يحدد ما يعنيه. لا يمكن تحقيق السلام طالما تمتلك إيران سلاحًا نوويًا، ومن يدّعي غير ذلك فهو واهم.”
خلافات أيديولوجية داخل “MAGA”
رغم أن ترامب أعاد شعار “أمريكا أولًا” إلى الواجهة السياسية، إلا أن كثيرًا من رموز التيار يرفضون ربطه بالحروب. تاكر كارلسون، المعروف بإعجابه التاريخي بتيار “أمريكا أولًا” القديم (مثل هنري فورد وتشارلز ليندبرغ، المعارضَين لدخول أمريكا الحرب العالمية الثانية)، شنّ هجومًا على من وصفهم بـ”دعاة الحرب”، وكتب:
“من يطالب بتدخل عسكري أمريكي مباشر في إيران؟ شون هانيتي، مارك ليفين، روبرت مردوخ، آيك بيرلماتر، وميريام أديلسون. سيتعين عليهم جميعًا دفع الثمن لاحقًا، ولكن عليكم أن تعرفوا أسماءهم الآن.”
وفي نشرته الإخبارية يوم الجمعة، اتهم كارلسون ترامب بأنه “متواطئ” في “عمل عدائي” ضد إيران نفذته إسرائيل.
وفي مقابلة مع بانون هذا الأسبوع، قال كارلسون:
“إذا كانت دعوتي للتركيز على بلدي وأولوياتها تُعتبر كراهية، فهذا يعني أنكم فقدتم البوصلة.”
ثم تابع: “أعتقد أننا سندخل الحرب، نعم أعتقد ذلك.”
ليرد بانون قائلًا: “علينا أن نمنع ذلك.”
ولاءات تتصدّع داخل معسكر ترامب
الناشطة اليمينية المتطرفة لورا لومر، المقرّبة من ترامب، شنّت هجومًا على منتقدي الرئيس داخل التيار، داعية أنصاره لأخذ “لقطات شاشة لكل يميني يهاجم ترامب”. وتساءلت في منشور آخر: “هل يمكننا التوقف عن التظاهر بأن تاكر كارلسون داعم حقيقي لترامب؟”
وكانت لومر قد تدخلت سابقًا في توجيه السياسة الخارجية لإدارة ترامب، بعد أن أقنعته – حسب تقارير – بإقالة عدد من مستشاري الأمن القومي الذين تبنّوا نهجًا أكثر تشددًا تجاه إيران.
تورط المخابرات وتقييمات متضاربة
طُرحت تساؤلات كذلك حول موقف تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية الحالية، التي عُرفت بمعارضتها للتدخلات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. خلال جلسة في الكونغرس نهاية مارس، قالت غابارد إن تقييمات وكالتها تؤكد أن إيران “لا تطور سلاحًا نوويًا، ولم يصدر المرشد الأعلى خامنئي إذنًا باستئناف البرنامج النووي الذي أُوقف عام 2003”.
ورد ترامب على ذلك بالقول:
“لا يهمني ما قالته، أعتقد أنهم اقتربوا جدًا من امتلاك السلاح.”
في تصريحات لاحقة، أوضحت غابارد أنها تتفق مع ترامب في تقييمه للبرنامج الإيراني، مشيرة إلى أن البعض تجاهل عمداً ما ورد في تقريرها من تحذيرات حول تزايد مناقشات النووي داخل إيران وارتفاع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستويات غير مسبوقة لدولة غير نووية.
هل هناك توافق بين “أمريكا أولًا” والحرب؟
مع تصاعد احتمال تدخل أمريكي، تساءل البعض عن إمكانية التوفيق بين هذا التوجه العسكري وشعار “أمريكا أولًا”. وكتب روس دوثات، كاتب نيويورك تايمز، أن نتنياهو قدّم للرئيس الأمريكي عرضًا ضمنيًا: “دعنا نخوض المواجهة، ويمكنك أنت أن تقرر لاحقًا إن كنت ستدعمنا علنًا”.
أما نائب الرئيس ج.د. فانس – أحد رموز الجناح الانعزالي – فقد دافع عن ترامب، قائلًا إن “الرئيس أبدى قدرًا كبيرًا من ضبط النفس”، لكنه أضاف:
“قد يقرر أنه بحاجة إلى اتخاذ خطوات لإنهاء التخصيب الإيراني. وهذا القرار يعود له وحده.”
وختم قائلًا:
“من الطبيعي أن يقلق الناس من التورط الخارجي بعد 25 عامًا من السياسات الغبية، لكن الرئيس يستحق بعض الثقة في هذا الملف”.