تحليل: كيف شن العدو الإسرائيلى هجومه الغادر الأخير على إيران؟!

سردية يكتبها: أحمد أبوبيبرس
فجر الجمعة 13 يونيو 2025 شن سلاح الجو الإسرائيلى سلسلة هجمات جوية واسعة على مناطق متعددة في إيران بأكثر من 200 طائرة مقاتلة، سمتها عملية “الأسد الصاعد”، مستهدفة منشآت عسكرية ونووية وقادة إيرانيين كبارا في مؤسسات أمنية وعسكرية وبحثية.
خلال السطور التالية لهذا المقال سوف نستعرض الخطوات والتكتيكات التى نفذها العدو الإسرائيلى فى قصف الجمهورية الإسلامية الإيرانية يوم 13 يونيو 2025
أسبـــاب العدوان الإســرائيلى :
بدعم سياسى وعسكرى خفى من الرئيس الأمريكى ترامب للعدو الإسرائيلى.. وكشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي كواليس اتخاذ قرار وكيفية بدء الهجوم على إيران الذي استهدف مواقع حساسة، فجر الجمعة.
وأشارت إلى أن تقديرات أجهزة الاستخبارات التي قُدمت للمستوى السياسي جاء فيها أن إيران على بُعد أسابيع فقط من امتلاك قنبلة نووية إذا قررت ذلك، وهذه كانت بمثابة (( المعلومة الذهبية )) التي تم الحصول عليها قبل بدء الهجوم وأضافت: “في الفترة التي سبقت انطلاق العملية، تم تقديم تقييم استخباراتي مفاده بأن إيران باتت على مسافة قرار فقط من إنتاج قنبلة نووية، وإذا اتخذت القرار، فقد تتمكن من تصنيع أول قنبلة خلال أسابيع قليلة وأن إيران قادت سراً مشروعاً لتطوير أحد أهم المكونات اللازمة لصنع قنبلة نووية، وهو ما يُعرف بـ(مجموعة السلاح ).
موجات القصــف الإسـرائيــلى وأهدافهــا :
على اثر الهزائم والإحباطات العسكرية التى عانى منها العدو الإسرائيلى منذ بدء عملية طوان الأقصى فى 7 أكتوبر 2023 أمام المقاومة الفلسطينية الباسلة فى غزة، وأراد أن يرمم ثقته بنفسه عن طريق العودة إلى الماضى وتنيفذ عملية عسكرية شبيهة بما تم فى 5 يونيو 1967 حينما شن غارات جوية مركزة على المطارات الحربية العربية فى مصر وسوريا والعراق كفاتحة لبدء حرب 1967 حيث أن عدوان عام 1967 تم فى ظل ظروف سياسية وعسكرية لم تعد قابلة للتكرار حاليا.
لكن إسرائيل على مايبدو لاتزال تعيش على اوهام الماضى وإعتقدت أن الماضى يمكن إستحضاره أو إعادة تدويره كالمخلفات المستهلكة ظنا منها ان عام 1967 قابل للإستنساخ فى 2025 ..!!!.
الموجة الأولى .. تمت صامتة ب 200 طائرة أبرزها طائرات الإف 35 الأمريكية المتطورة ومعها طائرات الإف 15 و 16، ودمرت قواعد صواريخ خردال و 373 أساس شبكة الدفاع الجوى الإيرانى كما تعرضت أنظمة الرادار للتشويش بطائرات الحرب الإليكترونية مما أدى إلى شلل الإتصالات وأنظمة التتبع وأيضا شنت غارات فى قلب العاصمة الإيرانية أدات إلى إستشهاد 20 قائد أبرزهم قائد الحريس الثورى الإيرانى ورئيس أركان حرب الجيش الإيرانى وعدد من العلماء.
الموجة الثانية .. إستهدفت محطة ناباتز النووية وتعطل جزء منها.
الموجة الثالثة .. أدت إلى تدمير العشرات من مواقع الصواريخ البالستية وأجهزة الرادار وصواريخ الدفاع الجوى الإس 300 والصياد وإستهدفت مطار تبريز.
تم إصابة 100 هدف وموقع داخل إيران فى أقل من ساعة.
وأسفرت الغارات عن إستشهاد 224 قتيلاً و 1481 جريحاً.
بدورها الدفاعات الإيرانية ردت بإطلاق عدد محدود من الصواريخ فى محاولة للرد على الطيران الإسرائيلى، بما أن أن الغارات الإسرائيلية تركزت أولاً على مراكز الدفاع الجوى الإيرانية يتوقف فى المقام الأول النجاح فى تدميرها أو تحييدها على نجاح سلسلة الهجمات الجوية الأخرى التالية على باقى الأهداف الداخلية الثمينة فى عمق إيران لذا تجدر الإشارة بالتوقف لإلقاء الضوء على نظام عمل شبكات الدفاع الجوى الإيرانية ومكوناتها.

منظـــومة الدفــاع الجــوى الإيـرانـى :
وتتكون منظـــومة الدفــاع الجــوى الإيـرانـى من 3 طبقات كالتالى:
الطبقة الأولى
بعيدة المدى تعتمد على صواريخ إس / 300 والصياد / 2 مداها ما بين 70 إلى 200 كلم مغطاة بردارات إنذار مبكر من طراز ريزوناس بعيدة المدى بعمق 350 كلم يمكن قصفها بالصواريخ البالستية لأنها ثابتة فى مواقعها ويمكن إعاقتها بالتشويش الإليكترونى.
الطبقة الثانية
أنظمة دفاع جوى متوسطة المدى من طرازات هوك وبوك والنسخ الإيرانية المحلية المساوية لها مثل (خوراد ـ أمان ـ طلاش ).
الطبقة الثالثة
أنظمة الدفاع الجوى قصيرة المدى وتتكون من صواريخ أرض جو منظومة روسية من طراز تور وصينية من طراز إتش كيو /7 ونسخ محلية مساوية مثل يازهراء وصقر 385.
تم التعامل مع هذه المنظومة بالقنابل الإنزلاقية صغيرة الحجم التى يصعب تعقبها وإعتراضها مما جعل السماء الإيرانية مفتوحة للطائرات والصواريخ الإسرائيلية والمسيرات القادمة من تل ابيب.
الــدور الإستخبــارى للـمـوسـاد الإسـرائيـلـى :
لعب جهاز الموساد الإسرائيلى الدور الأكبر فى نجاح العدوان الجوى الصهيونى عبر تحديد مواقع الدفاعات والأهداف الإيرانية بدقة من خلال دراسة الوضع الداخلى فى إيران ورزع شبكات من العملاء منذ مدة طويلة لإختراق القيادات العسكرية والأمنية التى تشكل النخبة الإيرانية.
ولابد من الإعتراف للأسف بأن التقصير الأمنى الشنيع والمخابراتى المزرى على الجانب الإيرانى هيأ لإسرائيل كافة عوامل النجاح فى تنفيذ عدوانها وإختراقها للعمق الإيرانى مما لا يتفق مع ظروف إيران كبلد معرض للحصار الأمريكى الظالم منذ عام 1979 والتهديد الدائم بالعدوان عليها بسبب مشروعها النووى الإستقلالى ودورها القومى المحورى فى التصدى للمؤامرات الصهيونية والأمريكية فى المنطقة ودعم حلفائها الإقليميين فى لبنان واليمن ـ وسوريا سابقاً.
أعدت المخابرات الإسرائيلية سلسلة من العمليات داخل إيران لتقويض قدراتها الدفاعية الجوية ومصانع الصواريخ البالستية وإستهداف قادة عسكريين عبر جمع معلومات دقيقة عن كبار المسئولين الإيرانيين الذين تمت تصفيتهم بواسطة تتبع هواتفهم المحمولة من خلال ثلاثة مراحل.

المرحلة الأولى
تسللت فرق الكوماندوز الإسرائيلية وسط إيران وزرعت أنظمة توجيه صاروخية دقيقة قرب مواقع الصواريخ أرض جو وقد أطلقت هذه الصواريخ مع الهجوم الجوى الإسرائيلى نحو أهداها المحددة.
فى المرحلة الثانية
تم إدخال تقنيات هجومية مخفية داخل مركبات وبمجرد بدء الهجوم الإسرائيلى أطلقت الأسلحة وقضت على أنظمة الدفاع الجوى الإيرانية
المرحلة الثالثة
وهى الأخطر حيث تم بناء قاعدة طائرات مسيرة كاملة داخل إيران ظلت نائمة فى أماكنها حتى اللحظة المناسبة وإنطلقت داخل قاعدة أشقث أباد الجوية قرب طهران ودمرت منصات الصواريخ أرض جو SGM التى كانت تشكل تهديد مباشر.
التقيـيــم النهــائى للعمـليـة الإسـرائيليــة :
برغم البراعة التى لا يمكن إنكارها فى التخطيط لهذه العملية والإعداد المحكم الطويل لتنفيذها إلا أنه غاب عن رئيس وزراء العدو الصهيونى نتنياهو وحكومته أن إيران ليست كغزة وأن العدوان عليها لن يمر مرور الكرام وسبق للإسرائيليون تجربة الرد الإيرانى الموجع عليهم فى 14 إبريل 2024.
وفات على نتنياهو وحكومته قدرة إيران على إمتصاص الضربة الأولى والرد بضربات مزلزلة قاصمة، وأن الكتلة الكبرى من صواريخها البالستية والفرط صوتية وتجميعها الرئيسى بمصانعها محصنة أسفل الجبال الإيرانية لا يطالها أى قصف.
وفاتهم أن إيران دولة عريقة مساحتها كبيرة وجغرافيتها شاسعة وشعبها صامد حر أبى لا يخيفه قصف محدود مهما كان كبيرا وان أى نجاح تحرزه إسرائيل لقصف إيران لن يهز الأخيرة ولن يوقف إتمام مشروعها النووى ولا يكفى لشل منظومة القيادة والسيطرة الإيرانية برمتها.
وأن إستشهاد أى قائد إيرانى لن يفت فى عضد الجيش ولا الشعب الإيرانى.
وكان المستوى الإيرانى فى إستيعاب الضربة المعادية كان خياليا لم يحدث من قبل فى أى حرب سابقة.
وبدأ الرد الإيرانى المزلزل بعد ساعة واحدة من العدوان الإسرائيلى وهذا بجد ذاته غير مسبوق و الحديث عنه يحتاج إلى مقال أخر .