شريف عبد القادر يكتب: ” ألا لعنة الله عليهم “

بيان
(1)
بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، وقفت الأغلبية العظمى من الشعب وقفة تضامنية خلف الدولة وقواتهم المسلحة، لتصمد الدولة ولا يحدث لها ما كان مُدبّرًا من دول شر خارجية وقلة بغيضة من خونة في الداخل. وكان بين الأغلبية العظمى في ٣٠ يونيو و٣ يوليو عدد كبير من مستأجري الإيجار القديم.
ولا يفوتنا الدور الوطني لرئيس المحكمة الدستورية العليا، الذي تولى رئاسة الجمهورية في الفترة الانتقالية لمدة عام. وقد تحمّل الشعب تبعات “الفوضى الخلاقة” التي كانت تقف وراءها دول تضمر لنا الشر وتدّعي صداقتنا. وكانت التبعات ارتفاع أسعار السلع والأدوية والعملة الصعبة وقلة المتوافر منها.
استقرت الأحوال الأمنية، وظللنا نتحمّل التبعات ونقف خلف الدولة حتى تتحسن الأحوال. لكن ظهرت ما يُعكر صفو الحياة ويضيف إليها صعوبات، مثل فيروس كورونا، ثم حرب روسيا وأوكرانيا. كما اضطرت الدولة لرفع أسعار الكثير من خدمات المرافق كالكهرباء، إلخ.
ونظرًا للظروف المحيطة التي تُعد تهديدًا للأمن القومي، خاصة ما حدث في غزة، ومع غياب الرقابة الفعلية على السوق، رغم ما يُقال عن “رقابة تصريحية”، أصبح كثيرون يعانون من ارتفاع الأسعار في كل شيء بشكل مريب، ولم تعد دخولهم كافية لتغطية متطلباتهم الشهرية، رغم ما نقرأه عن تلقّي الدولة استثمارات بمليارات، وإن كان أغلبها في شركات التطوير العقاري التي تُعلن عن شقق بعدة ملايين من الجنيهات، أغلبها في انتظار مشترين.
وبرغم صعوبة الحياة عند أغلب الشعب، وبرغم الظروف السيئة التي تمر بها المنطقة، تُفاجئنا الحكومة – التي يرأسها وزير إسكان سابق – بقانون الإيجارات القديمة في ظل هذه الظروف الصعبة. يشمل القانون الجائر مدة خمس سنوات، وفي القانون المعدل سبع سنوات، وبعدها يُخلي الساكن الشقة. ويتجاهل من وضعوا هذا القانون الجائر أن المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت حكمًا عام ٢٠٠٢، يقضي بأنه إذا تُوفي المستأجر الأصلي قبل صدور الحكم، يمتد العقد لأرملته وأولاده وأحفاده المقيمين معه. وإذا تُوفي بعد صدور الحكم، يمتد العقد لأرملته وأولاده فقط، ولا يمتد للأحفاد.
فلماذا تتجرأ الحكومة على حكم المحكمة الدستورية العليا، التي كان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في الحفاظ على استقرار الدولة؟ والعجيب أن نسمع من بعض المحرّضين على هذا القانون أن الدولة ستوفر شقة لمن تنتهي مدة إقامته بعد سبع سنوات، وهو كلام هراء، لأن الدولة اعتادت تقليب جيوب الشعب كلما ضاقت بها الأحوال المالية. كما أن الدولة أصبحت تُنافس القطاع الخاص بعرض شقق تقترب أسعارها من المليون جنيه، وتطلق عليها مسميات مضحكة مثل “سكن لكل المصريين”.
وحتى الذين أُخليت عقاراتهم بسبب الخطورة الداهمة، لم يتسلّموا شققًا بديلة من المحافظة، رغم مرور سنوات، تعود ببعضها إلى عام ٢٠٠٩. والسؤال: هل الحكومة مُجبرة على إصدار هذا القانون في ظل هذه الظروف الحالكة التي نعيشها؟ وهل هناك ضغوط من بعض رجال الأعمال الذين يُمسكون بخيوط ما؟ أم أن الأمر تنفيذ لتعليمات صندوق “النكد” الدولي؟
للأسف، أرى قانون الإيجارات القديمة المُجحف – بتحديد مدة سبع سنوات بعدها يُخلي المستأجر – يُشبه “قافلة الصمود” ذات الأهداف الخبيثة، بحجة نصرة أهل غزة.
(2)
منذ صدور تحذير دولي بوجود ثقب في طبقة الأوزون واتساعه، الذي سيتسبب في زيادة حرارة الأرض، وضرورة محاولة عدم اتساع الثقب بتغيير استخدامات مصانع الدول الكبرى للوقود واستبداله بنوع آخر، ورغم ذلك لم تهتم هذه الدول، وبعضهم طالبوا البرازيل بعدم قطع الأشجار لبيع أخشابها وتعويضها عن ذلك. وبعض الساخرين نصحوا بإرسال رُقعة لرتق الثقب في طبقة الأوزون. وظلت الدول المتسببة في تغيّر المناخ للأسوأ تكتفي بدور المتفرج، دون المساهمة ماليًا في المعالجات التي يتم إقرارها في المؤتمرات الدولية الخاصة بالمناخ. ولم يخجل الرئيس الأمريكي ترامب، في فترة رئاسته الأولى، عندما أعلن في أحد المؤتمرات رفضه سداد أي مبالغ للمساهمة في معالجة المناخ.
وربما قد وصلت الأمور الآن إلى اختفاء طبقة الأوزون، وربما – والله أعلم – ينتهي العالم من شدة حرارة الشمس، وتختفي أغنية “حلاوة شمسنا” ومقولة “يا شمس يا شموسة”، التي كان يرددها الأطفال عندما يلقون أحد أسنانهم المخلوعة في اتجاه الشمس حتى يطلع لهم بديلها سريعًا.
(3)
قبل نجاح أمريكا وذيولها في تفكيك الاتحاد السوفيتي، كانت توجد اتفاقيتا “ستارت 1″ و”ستارت 2” للحد من السلاح النووي، وبعد تفكيك الاتحاد السوفيتي، ألغت أمريكا وذيولها الاتفاقيتين وتمادوا نوويًا، وراحوا يكرّمون جورباتشوف على تفكيكه الاتحاد السوفيتي بإقامة مركز للسلام يحمل اسمه. وبعد إبعاد جورباتشوف عن الحكم، زجّوا ببوريس يلتسين ليتولى رئاسة روسيا الاتحادية، وكان اختيارهم موفقًا لأن هذا الأمعَة كان في حالة سُكر يوميًا ويراقص العاهرات، وكان رئيسًا مُغيّبًا، وكانت روسيا في حالة انحدار، ووصل الأمر إلى أن نجد صورة لجنود روس وهم يحملون مرتباتهم التي كانت عبارة عن كُرنب، وبدأ يظهر رجال أعمال من كلاب الصهيونية.
ولكن ظهر من ينقذ روسيا وينتشلها من الانحدار، وهو بوتين، الذي كان مديرًا للمخابرات، وأثناء حكمه عادت روسيا قوة عظمى. وأثناء ذلك، راح الغرب يُغري الدول التي كانت تتبع الاتحاد السوفيتي للانضمام إلى الناتو، وهو ما يوضح نية الغدر بروسيا. رغم اعتقاد كثيرين بأنه طالما تم حلّ حلف وارسو، فلا داعي لاستمرار حلف الأطلسي، ولكن ذلك لم يحدث، بل أُضيف له “الناتو”.
ولأن عودة روسيا كقوة عظمى أزعجت أمريكا وذيولها، راحوا يفرضون عليها الحرب مع أوكرانيا، التي لا تحتمل الصمود لأيام قليلة أمام روسيا، ولكن لأن أمريكا وذيولها يُحاربون خلسة مع أوكرانيا، طال أمد الحرب بهدف إضعاف روسيا وإيقاف تقدمها، ولكنهم فشلوا.
وأثناء انشغال روسيا، راحوا يعيثون في الأرض فسادًا، فاتجهت أمريكا، من خلال إسرائيل، إلى الاعتقالات والطرد والقتل للفلسطينيين في الضفة الغربية، ومضايقات في المسجد الأقصى، ثم اتجهوا إلى غزة وسوريا وجنوب لبنان ومؤخرًا إيران، وهو ما يؤكد أن أي إجرام يحدث في دولة وراءه أمريكا وذيولها وإسرائيل.
إن أمريكا لم تعد تخجل من إجرامها الواضح للجميع، ومن المؤكد أن قيامها بالاعتداء على إيران من خلال إسرائيل في البداية كان للتأثير لصالحها تجاه ما كان يحدث في لوس أنجلوس وولايات أخرى، وكذلك عمّا يحدث في غزة، وهو ما يؤكد أن أمريكا وذيولها وإسرائيل: الغدر، والخسة، والنذالة من طباعهم الثابتة غير القابلة للتغير، لأن الصهيونية زُرعت بداخلهم.
ألا لعنة الله عليهم.