تقرير خاص: اكتشافات أثرية غير مسبوقة في الأقصر وسقارة تفصح عن أسرار جديدة

كتب: على طه
شهد عام 2025 سلسلة من الاكتشافات الأثرية الكبرى في عدد من المواقع التاريخية بمصر، أبرزها معبد الملكة حتشبسوت في الأقصر، وموقع سقارة الأثري الشهير، إلى جانب تطورات مدهشة على طريق الكباش، كشفت جميعها عن ثراء الحضارة المصرية القديمة وعمقها الروحي والديني والفني.
أولًا: اكتشافات الأقصر – حتشبسوت والطقوس الجنائزية النادرة
في بداية العام، أعلن الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار المصري الشهير، عن اكتشاف جديد بالقرب من معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر، تمثل في عدد من التوابيت الخشبية الملونة التي تحمل نقوشًا فرعونية دقيقة، إلى جانب ألواح حجرية منقوشة بنصوص دينية نادرة. وقد ألقت هذه النصوص الضوء على طقوس جنائزية غير معروفة سابقًا، ترتبط بفكر الأرواح والجن خلال عصر الدولة الحديثة.
وتُعد هذه الاكتشافات نافذة جديدة لفهم تصور المصريين القدماء للعالم الآخر، حيث أوضحت الرسومات كيف كان الكهنة يؤدون طقوسهم، وكيف كانت المعتقدات الدينية تعكس تقديسهم للآلهة، وعلى رأسهم الملكة حتشبسوت، التي كانت لها مكانة خاصة في هذه المنطقة.
ثانيًا: سقارة – تماثيل نادرة من عصور متعددة
وفي يناير 2025، أعلنت بعثة أثرية مصرية-يابانية مشتركة عن اكتشاف مقابر ومصاطب حجرية في منطقة سقارة، ترجع إلى فترات متعددة من التاريخ المصري، بداية من الأسرة الثانية وحتى الأسرة الثامنة، وتشمل بذلك عصور ما قبل وبعد الدولة الحديثة.
أبرز هذه المكتشفات كان تمثالًا حجريًا رائعًا لكاهن الإله “بتاح”، إله الخلق وصاحب دور محوري في الفكر الديني القديم. التمثال الذي حُفظ بحالة ممتازة يُعد شاهدًا على دقة الصناعات المصرية القديمة، ويؤكد أهمية سقارة كموقع دفن ملكي وديني استُخدم على مدار آلاف السنين.
ثالثًا: طريق الكباش – سور ضخم يحمل توقيع ملك وزوجته
وفي إنجاز جديد لمشروع إحياء طريق الكباش، كشفت بعثة مصرية خالصة تتبع المجلس الأعلى للآثار، وتترأسها د. عبد الغفار وجدي، عن سور ضخم من الطوب اللبن يعود لعصر الملك من خبر رع من الأسرة 21. وتميز الاكتشاف بوجود اسم الملك وزوجته إيست مخب مختومًا على كل قالب من قوالب الطوب، في طغراء مربع الشكل (بدلًا من الخرطوش المعتاد).
ولم يقتصر الاكتشاف على السور، بل شمل أيضًا بوابة حجرية في قلب الجدار، مما يشير إلى أهمية هذا القطاع الواقع بين الصرح العاشر لمعبد الكرنك وطريق كباش خنسو، والذي كان جزءًا محوريًا في احتفالات عيد الأوبت، أحد أهم الأعياد الدينية في مصر القديمة.
ما بين الأقصر وسقارة
بينما تبرز الأقصر كرمز لعصر الدولة الحديثة وذروة ازدهار الفن والدين، فإن سقارة تمثل سجلًا زمنيًا متكاملًا يكشف عن تطور الفكر الديني والجنائزي عبر قرون متعاقبة. أما طريق الكباش، فيعيد رسم خريطة الاحتفالات الفرعونية الكبرى، ويعيد الحياة إلى معالم مدفونة تُعيد وصل الماضي بالحاضر.
حضارة لا تزال تنبض بالحياة
تكشف هذه الاكتشافات عن صورة متكاملة للحضارة المصرية، حضارة لم يكن فيها الموت نهاية، بل عبور نحو الخلود. من كل نقش وتمثال، يتجلى فكرٌ عميق، ووعي ديني متقد، وقدرة لا تضاهى على تخليد الذات في وجه الزمن.
ومع استمرار أعمال الحفر، من يدري كم من الأسرار لا تزال مدفونة تحت الرمال، تنتظر من يُزيح عنها الغبار؟
هل ترغب أن أجهّز نسخة صحفية مختصرة أو نشرة خبرية مرئية لهذه المادة؟.