30 يونيو.. واحدة من أشرف الصفحات فى سجلات تاريخ مصر المجيد (1-2)

سردية يكتبها: عادل أبوطالب المعازي
مراجعة سريعة للأحداث حتى لا ننسى:
تولى الدكتور “محمد مرسي” رئاسة الجمهورية بعد فترة عصيبة مرت بها مصر عقب سقوط نظام الرئيس الأسبق “حسني مبارك”، ليلحق به نظام الدكتور “محمد مرسي” بعد عام واحد فقط، ففي الذكرى الأولى لتولي الأخير منصب رئيس الجمهورية، تجمعت أعداد كبيرة من مؤيديه “السابقين” الذين أصبحوا معارضيه “الحاليين”، مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وقد تركزت التجمعات في ميدان التحرير، وفي عدد كبير من المحافظات، فيما خرج أنصار “مرسي” في مظاهرات مضادة مؤيدة له في أماكن مختلفة، أبرزها وأكبرها في ميداني رابعة العدوية والنهضة.
الدور الأميركي في تنصيب محمد مرسي
ومع تنصيب “محمد مرسي” في يونيو 2012، تولد يقين داخل المجتمع المصري أن هناك ضغوطًا كبيرة تُمارَس على البلاد والمجلس العسكري لـ(تعيين) “محمد مرسي” رئيسًا لمصر، وخلفه جماعة الإخوان المسلمين (وهو الشعور الذي أصبح حقيقة بعد التحقيق مع الرئيس الأميركي “باراك أوباما” في الكونغرس الأميركي بشأن تبديد 8 مليارات دولار لدعم الإخوان للوصول إلى السلطة في مصر، ثم فشلهم وتمت إزاحتهم).
وقد كان للسفيرة الأميركية في مصر “آن دبليو باترسون” دور في هذه الضغوط، واعتبرها الشعب المصري المسؤولة عن التآمر لإحضار مرسي إلى السلطة، وعقد صفقات مع كبار مسؤولي جماعة الإخوان المسلمين، وهي التي صرّحت بتهديد واضح بقولها: “إن البيت الأبيض يدعم محمد مرسي”، وأضافت: “البعض يقول إن تحركات الشارع ستؤدي إلى نتائج أفضل من الانتخابات… بصراحة، أنا وحكومتي متشككون بشدة”.
نفرة الشعب المصري
من جميع محافظات مصر خرجت مظاهرات ضمت مختلف القوى الوطنية وطوائف الشعب، تطالب برحيل الدكتور “محمد مرسي”، الذي رشحته جماعة الإخوان رغمًا عنه، بعد أن رفضت اللجنة العليا للانتخابات أوراق ترشح المهندس “خيرت الشاطر”.
وبعد أن أمضى “محمد مرسي” عامًا واحدًا فقط في الحكم ، لم يفشل في إدارة شؤون البلاد فحسب، بل جاءت أمور أخرى أسهمت في هذا الفشل، منها الاستئثار بالحكم لجماعة الإخوان وحدها، وتجاهل باقي التيارات الإسلامية التي ساندتهم للوصول إلى السلطة.
كما جعلهم ذلك يصلون إلى جولة الإعادة بعد حصولهم على قرابة 11 مليون صوت، ليحصلوا على فوز “مصطنع” مررته القوات المسلحة المصرية خوفًا على البلاد.
وقد شارك في الانتخابات كثير من قوى التيار الإسلامي: السلفيون، الجهاديون، الجماعة الإسلامية، الدعوة السلفية، وجماعة التبليغ، إلى جانب جزء كبير من التيارات السياسية (تصويت عقابي) التي لم تكن ترغب في عودة أحد من نظام “مبارك” إلى الواجهة مجددًا، معتبرين ذلك تكرارًا لنموذج رومانيا مع “تشاوشيسكو”.
لكن بمجرد وصول الإخوان إلى الحكم، تناسوا جميع العهود والمواثيق والأعراف التي قطعوها على أنفسهم بتقاسم السلطة مع كل التيارات السياسية في مصر.
ومن جملة المصائب التي جاء بها، أو جاءت بالإخوان إلى السلطة، هي الأجندة الخارجية التي جاء بها التنظيم الدولي للإخوان لتنفيذها في مصر.
ولا يجب أبدًا أن نغض الطرف عن دور الإخوان في تقسيم السودان إلى شمال وجنوب في عهد “عمر البشير”، الذي كان يدّعي الوطنية والشرف والعداء لأميركا، بينما هو في الأساس لم يكن سوى صبي يعمل لدى التنظيم الدولي، الذي كل عناصره تحت رقابة المخابرات الأميركية والبريطانية منذ نشأته عام 1928.
مخطط تقسيم مصر
كان المدبِّر والمخطط له من دول مشروع “الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا” هو تقسيم المنطقة تحت قيادتين إسلاميتين كبيرتين تحققان مصالح أمريكا: قيادة سنية تقودها تركيا وتشمل كل الدول السنية ومنها مصر، وقيادة شيعية تقودها إيران، مع تصفية كل الجيوب الأخرى وتقسيم الدول الكبيرة في المنطقة إلى كنتونات صغيرة، كل دولة لها حكمها وجيشها، يشبه وضع الجيش الياباني، لحماية النظام فقط، وليس جيشًا مقاتلًا مجهزًا بالمعدات العسكرية التقليدية للحروب.
وكان مقررًا لمصر أن تصبح خمس دول، والسعودية كذلك، مع تدويل مكة والمدينة تحت وصاية دولية.
وقد جرى بالفعل هذا التمزيق في ليبيا وسوريا واليمن، وسبقتهم السودان طوعًا بدور خيانة عظمى من تنظيم الإخوان هناك بقيادة عمر البشير.
ولكن أفشل الله هذا المخطط بردّ فعل الجيش المصري، فكانت الخطة البديلة طويلة الأمد في السيطرة على مصر عن طريق تنظيم الإخوان بقيادة مرسي.
الخطة البديلة للتقسيم تحت مسمى “الاستثمار”
كان الاتجاه الثاني لتقسيم مصر، بعد فشل المخطط بتغيير نظام الرئيس مبارك، هو تحويل البوصلة ناحية قطر وتركيا وإيران بحجة الاستثمارات والسياحة، لزرع العملاء والجواسيس لتدمير الأمن القومي المصري.
وليس ببعيد دور أجهزة المخابرات عندما تعمل في دول تحت مسميات كثيرة، وهو ما فعله “الموساد الإسرائيلي” في إيران منذ سنوات، وكانت نتائجه مفجعة بالضربة الجوية على مراكز القيادة والسيطرة في إيران في الثاني عشر من هذا الشهر، حيث قُتل العديد من قيادات الصف الأول للجيش الإيراني والعلماء النوويين.
وفي مصر، كان الهدف الأكبر هو فصلها عن محيطها العربي، المتمثل في السعودية والخليج.
وشاءت إرادة الله أن تنكشف أكبر خيانة ممكن أن تحدث من رئيس!! فكانت السبب الرئيس في عزم الشعب والجيش على القضاء نهائيًا على الوجود الإخواني ومن يدعمه ويؤيده بأي تكلفة وبأي صورة، حين تم تسريب (خطة الدفاع) للجيش المصري، التي سلمها “محمد مرسي” إلى قطر، والتي اتُّهم فيها بالتجسس على مصر لصالح قطر، وهي أعظم ثاني خيانة من رئيس لدولته في العصر الحديث بعد خيانة “ميخائيل جورباتشوف” لبلده الاتحاد السوفيتي!! .
كانت خيانة “مرسي” متابعة من أجهزة الدولة، وهو ما كان يسخر منه الجهلة والمغيبون والمغفلون. ويوم المحاكمة في تلك القضية، أصيب “محمد مرسي” بصدمة عصبية وارتفاع ضغط الدم ونزيف بالمخ أدى إلى الوفاة في المحكمة عندما واجهه القاضي بالأدلة والتسجيلات، وبالطبع، (كانت الخطة التي سلمها مرسي إلى قطر مزيفة).
تهجير الفلسطينيين
كذلك، من جملة الأسباب التي جعلت الشعب المصري يوجب التخلص من نظام الإخوان، طلب “محمد مرسي” من الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” قبول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وأن “مرسي” سيمنحهم مساحة 620 كيلومترًا في سيناء لإنشاء دولتهم الفلسطينية عليها كوطن بديل، لإتاحة الفرصة لتوسع الدولة اليهودية.
كذلك، إعلان أسماء شخصيات إخوانية لتولي إدارة الأجهزة العامة للدولة، منهم “محمد البلتاجي” للأمن الوطني، و”خيرت الشاطر” للمخابرات العامة، و”عصام العريان” متحدثًا باسم الرئاسة، وكان “رفاعة الطهطاوي” ابن خالة “مرسي”، هو الذي تولى التواصل مع “أيمن الظواهري” زعيم تنظيم القاعدة، ونسّق معه للعمليات الإرهابية في سيناء ومصر.
وبالفعل، تم تنصيب “محمد الظواهري” قائدًا للتنظيم في سيناء، وتم القبض عليه ومعه “لاب توب” وأربعة أجهزة محمولة في أغبى مشهد لقيادي في تنظيم جهادي في العالم، وكأنه مراسل تلفزيون وليس قائد تنظيم .
ومن هذه الأسباب أيضًا: منح قطر وتركيا حقوق الاستثمار في محور قناة السويس مقابل 4 مليارات دولار، والمعروفة بـ (وديعة قطر)، لضرب الاستثمار في منطقة شواطئ دبي، وهو ما يُعد دخول مصر في صراع غير مبرر مع دولة الإمارات والسعودية.
وهذا قليل من كثير من مخطط الأميركيين الذين جاؤوا بتنظيم الإخوان لتنفيذه، بعد أن أنفقوا على حرب العراق الثانية 3 تريليونات دولار من أجل تغيير نظام صدام حسين.
وكانت الخطة الناجحة استخدام “المعارضة القذرة” في الدول لإسقاطها وتغيير نظامها، وهو ما نجح بالفعل في سوريا، فقد سقطت سوريا دون طلقة رصاص من أمريكا، والذي دمّر الجيش هو الشعب والعملاء، وما تبقى من معدات قامت بتدميره إسرائيل بعد تولي “أحمد الشرع” أو (محمد الجولاني) زعيم داعش قبل “الغسيل”!!

فطنة “التصنيف” للرئيس السيسي.. وحرب مكافحة الإرهاب
كان الرئيس السيسي دقيقًا حين أرسل رسالة توضيحية للشعب لا يفهمها إلا الأذكياء فقط، حين قسّم قادة المؤامرات التي تُحاك ضد مصر إلى قسمين: قسم أسماهم (الأعداء)، وقسم أسماهم (الخصوم) من العرب والمسلمين.
ولذلك، وبسبب هؤلاء، لاقت مصر صنوفًا وألوانًا من الخيانات من الأعداء والخصوم على حد سواء، وما زالت تعمل جاهدة على مواجهة الإرهاب الفكري، وكان آخرها بسبب موقفها الرافض لـ”صفقة القرن” التي أعدها العرب! ثم السبب الثاني: رفض تهجير الشعب الفلسطيني، لترك الساحة لإسرائيل كي تتمدد وتتوسع بدعم غربي وعربي وإسلامي غير مبرر وغير مسبوق.
ولو وافقت مصر على صفقة القرن، ما وصلت الأحداث لما هي عليه الآن من خسائر في جيش الاحتلال في المعدات والأفراد.
التجسس والعمالة وشرف المهنة
كانت لأعمال التجسس والعمالة قديمًا ميثاق شرف غير مُعلن؛ فقد كان العدو عدوًا، والصديق صديقًا، والشريك الاستراتيجي تُحرّك من أجله الجيوش والأساطيل.
لكن اليوم، نشهد أنه لا يتمسّك بميثاق الشراكة الاستراتيجية سوى أمريكا في أكثر من منطقة نزاع، ولدينا أمثلة مثل: تخلي روسيا عن بشار الأسد، وموقف روسيا والصين من حرب إسرائيل وإيران!!.
لقد أصبح التجسس تمارسه الدول الشقيقة والصديقة على بعضها البعض، دون خجل أو حياء، مع الظهور في مظهر الحملان الوديعة، وتحت ذريعة “مستحدثة” أن كل دولة تبحث عن مصالحها!.
معونة الله كانت دائمًا مع مصر
بفضل الله، استطاعت مصر، بعزيمة جيشها وشعبها وشرطتها، حسم المعركة بنجاح فائق، وتضحيات عظيمة، وإرادة وعزيمة وثبات قيادتها وشعبها، بفكر ووعي من أجهزة الأمن والقوات المسلحة، سواء على صعيد العمليات في سيناء أو في باقي ربوع الوطن بأكمله، من خلال التوعية بأهمية التلاحم الشعبي والحفاظ على نسيج الوطن الواحد من الوحدة الوطنية والترابط العائلي.
أهمية العائلة المصرية في تقوية الجبهة الداخلية
كان من أهم فضائل الله تعالى على مصر، أنها لم تكن يومًا تحوي عرقيات وعصبيات وتعصبًا لمذاهب وطوائف مختلفة متناحرة، ولم تستطع قوى الاحتلال، على مدار قرون طويلة، أن تفصل نسيج المجتمع المصري بقطبية “إسلامي-مسيحي”.
لذلك كان من أهم ما سُعي إليه، للمزيد من الحفاظ على قوة ووحدة هذا الجسد، هو انطلاق (اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية)، وهو لم ينطلق للوجاهة والمحسوبية كما كان يظن البعض، بل هو اتحاد مساند للدولة والجيش، وقد كان لنا ذكرى فداء ووفاء وشهامة وبطولة قدمها “اتحاد قبائل سيناء” مع الجيش، واستشهد منهم الكثير مع شهداء الجيش، من أجل الحفاظ على أرض سيناء، موضع تجلي الرب سبحانه.
وبما أن شعب مصر (عائلات لها جذور من قبل الفتح الإسلامي، أو قبائل جاءت مع الفتح الإسلامي ومع الهجرات العربية، وانحدرت منها عائلات لكن أصولها من القبائل العربية العريقة، لكن انتقالها إلى المدينة أبعدها عن جذورها الموجودة بالفعل منذ قديم الأزل)، لذلك كان ميلاد هذا الاتحاد لجمع الشمل تحت راية واحدة لدعم الدولة، لا للصراع على الوجاهة والألقاب كما كان يظن البعض!
وقد لاقى الاتحاد هجومًا من كتائب الصهيونية الإسرائيلية أو الكتائب الإخوانية العميلة لها، لأنهم يعلمون كيف جعل اتحاد سيناء مع الجيش، أرض الفيروز مقبرة لعملائهم الإرهابيين. لذلك كان خوفهم الأكبر هو توحد الجبهة الداخلية للمصريين، وقد أسفرت الاستراتيجية الجديدة لقوات المسلحة والأجهزة الأمنية في مواجهة الإرهاب عن خفض معدل العمليات الإرهابية حتى تم القضاء عليها، بفضل الله تعالى ثم جهود رجال مصر المعنيين.
ماذا فعلت أمريكا وحلفاؤها لعودة مرسي؟
بعد تيقّن أمريكا والغرب أن مشروع حكم الإخوان في مصر بات على كف عفريت (حشد الأعداء والخصوم كما سماهم الرئيس)، قرّابة 9 أجهزة مخابرات دولية عناصرها إلى سيناء.
ولم تكن محاولات إثارة الفوضى في مصر مقتصرة على سيناء وحدها، بل كانت داخل مصر أيضًا، من خلال عمليات التفجير والتخريب وقتل السياح، ومنها إسقاط الطائرة الروسية في سيناء، ثم ملف السائح الإيطالي “ريجيني” الذي أدارته مصر بمنتهى الهدوء والذكاء.