أسماء خليل تكتب: مِهنٌ لا تقبل الاستقالة!!

هناك مهنٌ بالحياة إذا تقدم صاحبها بمئات الاستقالات الفعلية للجهة المعنية؛ فلن يمكنه بأي شكل من الأشكال الانسحاب مما خلفته تلك الصنعة في ضمير المجتمع.
بحق الله لم يكن طرحي لتلك الأفكار تهكمًا أو استهاجانًا أو ازدراءًا من بعض الأشخاص؛ فلله في خلقه شؤون، ولكن يكمُن المغزى الحقيقي فيما خلَّفهُ هؤلاء الأشخاص من آثار مُدمرة على مستوى الفرد والمجتمع.. لقد لفت انتباهي بضع كلمات في أحد المجلات الإلكترونية ولكنها رغم قِصرها تعني الكثير.

مايا خليفة
مايا خليفة

ذكرت المجلة أنَّ مايا خليفة اللبنانية الأصل، والتي نستحي فقط من مجرد الحديث عنها، من مواليد عام ١٩٩٣ وأنها بدأت تمثيل تلك الأفلام في هوليود، فقط في العام ٢٠١٥ إلى العام ٢٠١٦، ثم اعتزلت؛ وما تزال رغم كل السنوات الفائتة من الاستقالة من تلك المهنة الحقيرة تتصدر محركات البحث.

ولك أن تحسب كم كان عمر تلك الفتاة المكلومة في العام٢٠١٥، لقد كانت ابنة الثانية والعشرين من سِني عمرها!!.. و استقالت وهي بالعام الثالث والعشرين من عمرها، لقد عملت بذلك المجال لعام واحد فقط!!

لقد تركت مايا خليفة عملها بالإمضاء على ورقة، ولكنها لم تستطع أن توِّقع الاستقالة من عقول المراهقين صغار السن؛ فما يزال ما تركته بإمكانه إفساد أخلاق الشباب وإحداث تصدع في القيم التي اكتسبوها خلال حياتهم.
وكان لابد مما ليس منه بُد؛ إذ بدأتْ مُعاناتها الحقيقة، ورغم أنها تعيش بأمريكا؛ إلا أنها لم تجد عملًا بسهولة كما تذكر هي في إحدى البرامج، وأنَّ نظرات المواطنين الأمريكيين تصيبها بالألم، فالجميع ينظر إليها نظرة مُتفحصة مُدققة مُتدنية، بالإضافة إلى تبرأ أهلها بل والمجتمع العربي منها.

هناك أخطاء لا يمحوها الزمن.. أخطاء تم حفرها على الصخر؛ فليس بالإمكان محوها.. وإذا كان قانون الله يغفر لمن قتل تسعٍ وتسعين نفسًا؛ فقانون البشر لن يغفر لمن قتل نفسًا واحدة.
أيها الشباب والشابات.. مزيدًا من العقل والتريث وإعمال العقل بالصغر؛ فقد كلَّف عامٌ واحد فقط تلك الفتاة كل حياتها.. لا تتراقصوا بتطبيقات “التيك توك” بحجة الضحك والمزاح؛ فغدًا ستبكون بالصباح وتستحون من أبنائكم بالمساء، وبعد غدٍ ستُعرضون أمام الله.
أيتها الفتيات.. لا تعرضن صوركن بملابس ضيقة ومساحيق تملأ وجوهكن على وسائل التواصل الاجتماعي، وتضعن أعماركن فيما لا يُفيد، فعلى الجميع أن يَحسُب جيدًا ليوم الاستقالة.

ومن جانبٍ آخر، هناك من استقالوا من الحياة ولكن استقالتهم لم يتقبلها المُجتمع؛ فما زالت أعمالهم خالدة بالأذهان.. فمن منَّا لم يستمع إلى الكلمات المحفزة للدكتور إبراهيم الفقي حتى الآن؟!.. ومَنْ مِنْ العلماء لم ينتفع بعلم الدكتور أحمد زويل؟! ومن من المسلمين إذا طلب الفتوى في أمرٍ ما، لم يبحث عن لقاءات الشيخ الشعراوي؛ رغم أنه توفي منذ أكثر من عشرين عامًا!!.. ومَنْ ومَنْ…… إلخ.. فنماذج الرائعين لا تُحصى.
يحضُرُني ما سمعته للفنان حسن يوسف في إحدى البرامج، وهو يذكر أن هناك آية واحدة من القرآن الكريم جعلته لن يستطيع الاستمرار في تقديم ما هو رث من المشاهد التمثيلية، وهي من محكم آيات الله الآية ١٧ من سورة الرعد “ فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال”.
عزيزي.. عزيزتي.. بعض الأعمال تجعلنا نستقيل من الحياة ومازلنا على قيدها؛ فلا تتقدم باستقالتكِ مُبكرًا.

زر الذهاب إلى الأعلى