طارق متولى يكتب: مصر بين الحقيقة والوهم
فى الآونة الأخيرة، ومثل أى مواطن مصرى، تابعت الحديث المثار عن “مصطلح” الجمهورية الجديدة، الذى يظهر على شاشات القنوات التلفزيونية، ويتحدث عنه الإعلام المصرى، وما تمثله هذه الجمهورية الجديدة باعتبارها عهدا جديدا لمصر والمصريين، عهد نشهد فيه التغيير فى كل أنحاء مصر.
وفى شتى المجالات، فمن المؤكد والواضح أن مصر الآن غير مصر قبل سبع سنوات أو بالتحديد قبل ثورة يناير 2011، فكل شىء أصبح مختلفا، بدءاً من السياسة الداخلية للبلاد وصولا إلى السياسة الخارجية، فالخريطة السياسية لمصر كلها تغيرت تماما منذ بداية عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي هذا التغيير الذى كان مؤجلا سنوات طويلة تراكمت فيها المشكلات سياسيا واقتصاديا وحياتيا.
وقد فاجأتنا القيادة السياسية، والحكومة المصرية، باقتحام كل المشكلات التى تعانى منها البلاد دفعة واحدة رغم صعوبة هذه الملفات وخطورتها وفداحة الجهد والمال اللازمين لحل مثل هذه المشكلات الداخلية، بالإضافة للتحديات الخارجية من تربص بعض الدول المنافسة لمصر فى المنطقة وتذبذب العلاقات بين بعض الدول، واستغلال بعض الدول حالة الضعف التى تمر بها مصر للإعتداء على حقوقها ونزع قوتها وإخضاعها وسلب سيادتها.
ولك أن تتخيل أن تخرج مصر بحكمة أبناءها وقيادتها وجيشها الوطنى، وجميع مكونات شعبها من هذه المشاكل والمخاطر الكبرى وتنهض كالمارد تدافع عن وجودها ووجود شعبها، فتثبت أركانها وتبدأ فى حل مشاكلها وتحافظ على قوتها وتتصدى لكل محاولات هدمها فى الداخل والخارج وترفع رأسها مهددة كل من يقترب منها بسوء فيعود كل إلى مكانه ويعترف بسيادتها ومكانتها.
وقد لا يعرف كثير من أبناء الشعب المصرى حجم التهديدات والمخاطر التى كانت تحيط بنا من كل مكان وتربص واستعداد القوى الخارجية لتقسيم مصر غنيمة بينهم وهى ليست المرة الأولى أو الأخيرة، فالتاريخ يشهد على كثير من محاولات ابتلاع مصر وشعبها والإستيلاء على مقدراتها.
ولله الحمد والمنة على ما نحن فيه وعلى نجاة مصر من كثير من المخططات المشؤومة التى لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
نعم مصر اليوم فى عهد جديد، وجمهورية جديدة، بعد النجاة من المحنة، لقد كتب الله سبحانه وتعالى لمصر والمصريين عمر جديد بعدما شارفت على الهلاك.
وأرى أن من أهم ملامح ومكونات هذه الجمهورية الجديدة مكون المصارحة وإعلان الحقائق، وكنا قبل هذا العهد الجديد نستمع إلى كثير من الوعود الكاذبة بالرخاء والمستقبل المشرق دون عمل حقيقى لهذا المستقبل، فجاء رجل أعلن لنا الحقيقة، وأخبرنا أن الأوضاع صعبة، وأنها تحتاج لإصلاح وجهد وتعب وقوة، وأن علينا جميعا تحمل المسؤولية، والانطلاق من نقطة البداية لنتقدم على أرضية ثابتة على أرض الواقع، ونحقق تقدم حقيقى نمتلكه فى أيدينا ليس مجرد وعود ووهم نعيش فيه.
إن هذه الجمهورية الجديدة تقوم على العمل، وتجنى من الثمار بقدر هذا العمل ومقداره الحقيقى لا على المقامرة والمزايدة بالوطن، وبمشاعر المواطنين وخداعهم بأحلام زائفة، ووعود لاتنتهى ولا تتحقق.
لقد عشنا سنوات من قبل نخدع بعضنا البعض بأن كل شىء على أحسن مايرام، ونحن ننزف ونعانى ونتعاطى المسكنات والمهدئات حتى نخفى الألم ولا نعالج مشاكلنا وأمراضنا، ونأمل ونتخيل أنها ستنتهى وتبرأ من تلقاء نفسها، أو بفعل غيرنا.
وعرفنا بعد محنة وعناء أننا يجب أن نشخّص مشاكلنا وأمراضنا، ونأخذ العلاج اللازم، حتى نستطيع مواصلة الحياة والعمل للمستقبل، فمن لا يعمل للمستقبل لن يكون له مستقبل، وسيصبح من الماضى، فهذه الجمهورية الجديدة والعهد الجديد من وجهة نظرى عمل للمستقبل وبقدر هذا العمل وصدقه سيكون المستقبل مشرق بإذن الله.