رجب الشرنوبي يكتب: رفع حالة الطواريء..إشارات ومؤشرات
اتخاذ الرئيس السيسي قرار بإنهاء التمديد الدوري لفرض حالة الطواريءبعد كل هذه السنوات، من المؤكد أنه قراراً تاريخياً ولكنه في الوقت نفسه ربما كان متوقعاً وليس مفاجئاً للبعض، من يتابعون عن قرب تحركات الرجل ويدرسون عن كثب جوانب تبدو ظاهرة في تركيبته الشخصية، تولدت لديهم عقيدة ثابته لاتتزعزع بأنه قبل بتحمل مسئولية الوطن في هذا التوقيت الحساس من تاريخ مصر الحديث، إنطلاقاً من دوافع وطنية ومشاعر قومية ورغبة شخصية في صنع وطن جديد وعصري يستحقه المصريين عن جدارة.
التريث والهدوء.. الواقعية مع حسن القراءة.. الطموح بجانب الإرادة. .الجرأة المحسوبة إضافة للشجاعة، كل هذه التفاصيل وغيرها كثير كانت كفيلة لأن تجعل من الأمر يبدو شيء عادي ومتوقع لهذا البعض، الذي لم يكن الأمر مفاجئاً بالنسبة لهم، فقد ترسخت هذه العقيدة لديهم وهم يراقبون ويحللون هذه التفاصيل القيادية، خلال تعاطي وتعامل القائد مع مواقف مختلفة وقرارات مصيرية، تتعلق بالحفاظ علي مصالح الوطن المصيرية وسط هذه التحديات الإستثنائية.. يظل القرار ويبقي تحت كل الظروف أحد أجرأ القرارات التي تردد عن إتخاذها قيادات سابقة.. بالتأكيد يحمل القرارمن الإشارات والمؤشرات مايستحق قراءتها بعناية شديدة والتوقف عندها والإعجاب بها.
أول هذه الإشارات أن إدارة الدولة لاتتواني عن إتخاذ كل مايلزم ويرفع من شان مواطنيها، عندما تكون الأمور وبواطنها وتقدير المواقف المختلفةيسمح بذلك دون الإضرار بالمصالح القومية للوطن، وهو مايؤشر ويؤكد أن نجاح القرار السياسي لايتوقف فقط عند مضمونه، بل يشير بما لايدع مجالا للشك أن توقيت القرار ومكانه والظروف المحيطة به.. قد تكون أكثر حسماً في مدي تحقيقه للنتائج المرجوة منه من عدمه.
طالع المزيد| رجب الشرنوبي يكتب: القاهرة.. مشاركات دولية واسعة في أسبوع المياه
رجب الشرنوبي يكتب: رغم الحزن.. قائد من طراز فريد
رفع حالة الطواريء يشير بوضوح إلي ماوصلت إليه مصر من حالات الإستقرار الأمني في غضون سنوات قليلة.. رغم مايحيط بها من تحديات إقليمية ودولية تستهدف زعزعة إستقرارها والنيل من ثوابت أمنها القومي، لكنه يؤشر في الوقت نفسه إلي وصول الدولة لدرجة عالية من درجات القوة والهيبة التي أصبحت تتمتع بها مؤسساتها المختلقة، بما يعني تطور قدراتها وقدرتها خلال السنوات الماضية علي حفظ الأمن والسلم المجتمعي، بما يضمن تأمين مواطنيها في أرواحهم وممتلكاتهم وهو مايعد بمثابة الحق الأول من الحقوق الطبيعية للإنسان.
إنهاء حالة الطواريء بعد كل هذه العقود من فرضها.. لا يقتصر علي كونه إشارة هامة إلي أن إلي العبور نحو الجمهورية الجديدة لن يتوقف عند الخرائط الإقتصادية والمشروعات القومية العملاقة.. بل هو بمثابة مؤشر عملي وحقيقي علي وجود قناعات ورؤي إجتماعية مستقبلية، تعتمد بالأساس علي قراءت سياسية مبكرة تتناسب مع أجيال جديدة من المواطنين، لاتتأخر الدولة في الإنفاق عليهم وتجهيزهم لهذا المستقبل القادم الذي يستحقونه.. بل وتراهن عليهم في صنعه وبناءه بأيديهم، ولم لا فهم الغاية منه والوسيلة إليه.
القرار يؤشر بالتأكيد إلي ثقة الرئيس السيسي في حنكة الشعب المصري وحبه الدائم غير المحدود لوطنه وتقديمه لكل غالي ونفيس في سبيل الحفاظ علية وصون مقدراته وأمنه، كما يعد تعبير حقيقي وإشارة عن حالة الدعم الذي تشعر به القيادة السياسية للدولة من قبل الشعب المصري الذي إستشعر أيضاً منذ الوهلة الأولي بأن المصداقية والمصارحة والشفافية، كانت هي السمة الغالبة علي أداء قيادة الدولة خلال السنوات السبع الماضية، وقد ظهر ذلك في أكثر من مناسبة مع الاختبارات الصعبة التي تعرض لها، بداية من التطبيق الفوري لبرنامج الإصلاح الإقتصادي الذي بدأنا في جني مكاسبه موخراً، وقد شهد الرئيس السيسي وتحدث أكثر من مرة بأن البطل الحقيقي لهذه المرحلة كان هو الشعب المصري العظيم.
ربما لم يشعر المواطنون بحالة الطواريء المفروصة منذ سنوات فمصر دائماً واحة للأمان، إلا أن هذا القرار التاريخي يشير إلي رغبة الرئيس السيسي في إشراك حقيقي للمواطن المصري في تحمل مسئولية الوطن الذي نشرف جميعاً بالإنتماء إليه، رغم عدم حدوث أي مظاهرإضافية مختلفة متوقعة علي الحياة اليومية للمواطنين.. لكنه يؤشرأيضاً علي عهد جديد، وعقد جديد من فصول البناء الوطني الحديث، الذي لايقل دور المواطن فيه عن دور مؤسسات الدولة الرسمية في صنع مستقبل أجيالنا القادمة.
قبول وتواجد المجتمع الدولي علي أرض مصر للمشاركة في عشرات الفعاليات الدولية الكبري التي طرحتها القيادة المصرية خلال السنوات الماضية، أسبوع المياه المقام حالياً بالقاهرة واحداً منها، يعد ذلك إشارة واضحة علي ثقة المجتمع الدولي في قدرة مؤسسات الدولة المصرية علي حفظ الأمن وإشاعة الأمان.. مما يثبت ويؤشر إلي نجاح مصر في حربها ومواجهاتها مع الإرهاب الأسود الذي كان يستوطنها منذ عدة سنوات، وهو ماجعل من الحالة المصرية نموذج محاكاة، تسعي إلي تطبيقة والإستفادة منه كثير من الدول الكبري والصغري حول العالم المعرضة إلي هذا الخطر الداهم الذي نبهت إليه مصر مراراً وتكراراً خلال السنوات الماضية.
قرار تاريخي يستحق كل التقدير ويضعنا جميعاً أمام مسئولياتنا الوطنية.. يُثبت يوماً بعد يوم أننا نشهد عملية إنتقال فعلي وحقيقي نحو جمهورية جديدة في كل شيء، ليس فقط في المدن الطرق والمباني والإستثمارات والمنشأت.. بل في البني الثقافية والمجتمعية والحقوقية والقوانين والتشريعات.