“الدائرة المغلقة” كتاب جديد يحذر من اختراق الإخوان للغرب (2من3): حكايات الأعضاء المخلّطون
كتب: عاطف عبد الغنى
قبل عشر سنوات، قدم ، ” لورنزو فيدينو”، مدير برنامج التطرف بجامعة جورج واشنطن، فى كتابه “جماعة الإخوان المسلمين الجديدة في الغرب” وصفا للكيفية التى استطاعت الجماعة أو الحركة الوصول بها إلى الغرب، وأجاب عن سؤال: كيف تعمل وتسعى لتحقيق أهدافها؟!
يهمك.. « الدائرة المغلقة ».. كتاب جديد يحذر من اختراق الإخوان للغرب (1من3)
واليومَ، ونحن نعرض أحدث كتبه المعنون بـ ” الدائرة المغلقة.. الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين فى الغرب والخروج منها” يواصل الكاتب استكمال القصة، ويضيف عليها كمًّا كبيرًا من المعرفة التى اكتسبها من خلال قصص أفراد، انضموا للجماعة ثم خرجوا منها.
تركوا الإخوان
توقفنا فى الحلقة السابقة، من عرض كتاب: “الدائرة المغلقة.. الانضمام لجماعة الإخوان المسلمين فى الغرب والخروج منها، عند التعريف بعنصر الجماعة المهم، كمال الهلباوى، الذى كان أحد مفاتيح الجماعة التى فتحت الأبواب لولوج الجماعة داخل أوروبا.
وعرفنا أن الهلباوى، غادر الجماعة، بعد تقديم استقالته يوم 31 مارس 2012 – على خلفية ترشيحها خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية، ودخول الهلباوى فى خلاف مع أعضاء مكتب الإرشاد، لهذا السبب.
وفى سياق قريب يقول فيدينو، فى كتابه: ” منذ الستينيات، انتقل الأفراد الذين لهم صلات بجماعة الإخوان المسلمين والمنظمات التابعة، من العالم العربي إلى الغرب وأنشأوا شبكات في جميع أنحاء أوروبا، أصبحت الآن مستقلة تمامًا عن الشرق الأوسط.”
ويؤكد الكاتب: “وتمكنت هذه الشبكات من ممارسة تأثير أكبر بكثير من أعدادها الصغيرة.” وعن السرية التى تلف نشاطات الجماعة قال الهلباوي للكاتب: ” لم نكن نبيع المخدرات، كنا ننشر الدعوة.”
ويرد الكاتب محللا لرد الهلباوى: ” إن الدفاع عن غياب الشفافية عادة ما يُعزى إلى أن السرية ضرورية لتجنب مراقبة السلطات الأمنية، وتسللها للجماعة، وهو ما لا يشكل في الواقع تفسيرًا صحيحًا في الغرب، ومن المثير للاهتمام أن السرية والمؤامرات والتآمر كانت بالنسبة للكثيرين منهم جزءًا من الجاذبية التي دفعتهم للانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين، في بداياتهم، لقد كان الأمر مثيرًا، ولكنه أصبح في وقت لاحق سببًا لتركها.”
ثقافة الطاعة
ويواصل الكاتب موضحا أن ثقافة الطاعة الشاملة التي يبدو أنها تستبعد أيَّ نوع من التفكير المستقل، وما يتصل بذلك من غياب الديمقراطية الداخلية، هما سببان شائعان آخران دفعا الأعضاء إلى التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما بين الأعضاء الأصغر سنًّا.
وينوه الكاتب أن عملية الانشقاق عن الجماعة، وتركها تتخذ شكلين متميزين: الأول الشعور بخيبة الأمل في هذا النوع من الإسلام السياسي الذي تتبناه الجماعة، والاتجاه إلى التنظيمات الأكثر تشددا، أو العكس تماما، بالذهاب إلى الجانب الآخر (يقصد الليبرالية).
ويحدث الشكل الثانى الذى قصده المؤلف عند الشعور بخيبة الأمل من الإسلام السياسي بصورة كلية، وعندها يترك الأفراد ليس فقط التنظيم بل الإسلام السياسي تمامًا، ويتخلون عن أي شكل من أشكال الإيمان بهذه الأيديولوجيا.
أحمد عكاري
ويستكمل الكاتب ما بدأه مع الهلباوى بتقديم شخصيات أخرى من دول أخرى نشط فيها الإخوان غير مصر، ومن هؤلاء الذين قدمهم أحمد عكاري، الذى حمل الفصل الرابع من الكتاب اسمه
ولد عكاري في لبنان عام 1978 ، وهو ابن لعائلة مثقفة من الطبقة المتوسطة العليا في طرابلس، دفعتها الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان في الثمانينيات إلى مغادرة البلاد وطلب اللجوء السياسي للدنمارك عام 1985، والفتى عكارى معها بالطبع.
وبعد بضع سنوات سعيدة قضاها عكارى في البلد الاسكندنافي، قرر العودة إلى لبنان، معتقد أن نهاية الحرب ستؤدي إلى عودة الحياة الطيبة التي ميزت “سويسرا الشرق الأوسط” ، (كما كان يُطلق على لبنان فى السبعينيات)، وفي مواجهة الواقع القاسي المستمر فى لبنان، تخلى عكارى عن الإسلام السياسي تمامًا.
بيير دوراني
وبعد عكاري، الذي تخلى عن الإسلام السياسي تمامًا، يقدم الكاتب فى فصل جديد، شخص جديد، أوروبى مخلّط على باكستانى، هذه المرة، ويدعى بيير دوراني، وهو سويدي اعتنق الإسلام، ويواصل الكاتب بتقديم “بيبلوجرافيا” لـ “بيير دوراني” فيقول إنه ولد في ستوكهولم في 20 يناير 1972، مضيفا أن جلده الفاتح وعيناه الزرقاوان الثاقبتان يخفيان الأصل الباكستاني، لوالده، الذى ولد في لاهور عام 1942، عندما كانت المدينة لا تزال جزءًا من الهند الاستعمارية وكانت دولة باكستان لا تزال مجرد مشروع سياسي أمكن تحقيقه بعد خمس سنوات.
وجاء نسل دوراني (الأب) يعكس بوتقة الانصهار في باكستان، وهو مزيج لطالما افتتن به بيير، ومكون من: البشتون والكشميريون، الأغنياء والفقراء ، الناس العاديون ، وأولياء الصوفية المشهورون.
واعتنق بيير الإسلام، وانضم للجماعة، لكنه كلّ وملّ من رواية الإخوان عن المظلومية، ومن تلاعبهم بما أسماه : ” سذاجة ذوي العيون الزرقاء.”
بيرنيلا أويس
هناك أيضا من النساء، فى الغرب اللاتى دخلن دائرة جماعة الإخوان ثم خرجن منها، ومن هؤلاء: بيرنيلا أويس، المولودة عام 1965 ، والتى نشأت في أسرة سويدية كبيرة تضم أربعة أشقاء، وعندما كانت في السادسة من عمرها توفيت والدتها وأصبحت أختها الكبرى بمثابة أماً لها.
وهذه الأخت الإخوانية، هي التي أدخلت بيرنيلا إلى الإسلام، بصفتها ” باحثة روحية ” ، كما قالت بيرنيلا ، للكاتب.
وكانت الأخت (الباحثة الروحية)، قد ذهبت لدراسة البوذية في الصين، ولكن بعد لقاء مع الطلاب المسلمين هناك، أصبحت مفتونة بالإسلام وقد وجدته ” أكثر طبيعية ومساواة”.
وفي عام 1984 عادت الأخت إلى السويد، واعتنقت الإسلام، وارتدت الحجاب، وسرعان ما تزوجت من إسلامي مصري يعيش في ستوكهولم، وأقنعت بيرنيلا هى الأخرى باعتناق الإسلام، ثم انضمت بيرنيلا أويس إلى الجماعة، لكنها تخلت عن دورها داخل عالم الإخوان في السويد لأسباب متعددة، بما في ذلك أساليب الاستغلال المستخدمة في الجماعة والعنصرية الداخلية ضد الشعب السويدي.
يقول الكاتب: ” لم يستطع عددٌ من النشطاء؛ المسلمون بالمولد، والذين اعتنقوا الإسلام، أن يتحملوا الاستخدام المنهجي لأساليب التلاعب داخل الجماعة، وفي الحوار مع العالم الخارجي.”
وتوضح أويس: “كنا على درجة عالية من التعليم، وعرفنا كيف نقنع المحاورين السويديين. كنا نستخدم أدوات ما بعد الحداثة للتشكيك في أسس المجتمع، وإضفاء النسبية على كل شيء من أجل تحقيق أهدافنا، كنا نعرف الثقافة، وكان لدينا دائمًا طرقٌ أنيقة لصرف النقد، وقلب الطاولة.”
محمد لويزي
شخص عربى آخر دخل الجماعة وغادرها، اسمه محمد لويزي، ولد في الدار البيضاء في 21 مارس من عام 1978، وهو الخامس من بين أشقاء سبعة، لزوجين ينحدران من الريف المغربي، حيث كانت نشأة الوالد في منطقة فقيرة.
وعندما انتقل والد محمد إلى الدار البيضاء، (المركز التجاري المترامي الأطراف في المغرب)، وقع الأخير تحت تأثير المساجد الراديكالية المرتبطة بالإخوان المسلمين، والسلفيين، وتيارات إسلامية أخرى، وبدأت الأسرة من خلال الوالد في اعتناق تفسير للإسلام، بحسب الأبن محمد ، ” لم يكن مغربيًا ، بمعنى أنه مزج مبادئ وقيم الإسلام بالتاريخ والتقاليد والثقافة المغربية” واشتهرت أسرة محمد لويزي، على نحو ساخر في حيهم المغاربى بـ “الإخوانيين”.
أوميرو مارونجيو
شخص أخر، نموذج، وحكاية أخرى يقدمها كتاب “الدائرة المغلقة” واسم الشخص هو أوميرو مارونجيو، المولود في فالنسيان عام 1969 ، وترتيب الطفل السابع، والأخير لمهاجرين إيطاليين غادرا جزيرة سردينيا في البحر الأبيض المتوسط عام 1957 ليستقرا في المدينة الفرنسية.
يقول الكاتب: ” كانت الأسرة جزءًا من موجة كبيرة من المهاجرين من جنوب أوروبا، والبلقان، وشمال إفريقيا، وقد وصلوا إلى المدن الغنية بالفحم، في شمال فرنسا، وبلجيكا، للعمل في المناجم.
ويحكى أوميرو الودود المرح – إلى الكاتب – باعتزاز عن طفولته ومراهقته الخالية من الرعاية الأسرية، ويتذكر نشأته في حي استضاف عائلات هؤلاء العمال وكان معظمهم أصدقاء من أصل عربي.
ويواصل الكاتب: انضم مارونجيو، للإخوان وانفصل عنهم لاحقا، وعن هذا الأمر يقول صاحب الحكاية: ” إن التحيزات العرقية ضد الأعضاء غير العرب في الجماعة لا تُطاق بالنسبة للعديد من أولئك الذين قرروا فك الارتباط بالجماعة.
ويشتكى العنصرية مارونجيو العنصرية الكبيرة التى يمارسها الإخوان ضد الأوروبيين من الدول التي يعيشون فيها، وضد المسلمين الأفارقة السود من الإريتريين والصوماليين، وغيرهم من المسلمين الأفارقة، في حين أن قيادات الجماعة كانت دائمًا عربية بشكل شبه حصري.
ويضيف مارونجيو سببا أخر من أسباب الخروج من الجماعة، وعن هذا السبب يقول: ” ثقافة الطاعة الشاملة التي يبدو أنها تستبعد أيَّ نوع من التفكير المستقل، وما يتصل بذلك من غياب الديمقراطية فى داخل الجماعة، هما سببان شائعان آخران دفعا الأعضاء إلى التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما بين الأعضاء الأصغر سنًّا.”
وللحكاية بقية فانتظرونا.