«صدام حسين» في عيون أعدائه بعد مرور السنوات.. خبايا وأسرار

سردية تكتبها: أسماء خليل

قد يمر التاريخ على بعض الأحداث أو الشخصيات مرور الكرام، ربما يمنحهم بعض صفحاتٍ مُدرَجةٍ في فهرس بعنوانٍ قد تطويه أو تمحوه الأيام، ولكنه أحيانًا يتوقف.. لا يريد نسيان بعض ما خطَّهُ، ويبقى “صدام حُسين” واحدًا من أولئك الذين لن ينساهم التاريخ، وسيظل صدام لُغزًا يحير العالم.

يضحك فى قفص المحاكمة الأخيرة التى انتهت بإعدامه
يضحك فى قفص المحاكمة الأخيرة التى انتهت بإعدامه

التحليل النفسى

وعلى مستوى التحليل السيكولجى سوف يقع علماء النفس في مأزق إذا ما حاولوا تحليل شخصيته؛ فهل هو الرجل “المُناضل” الذي أراد أن يحرر فلسطين من بطش العدو الصهيوني ولو بمفرده مُتحديًا العالم أجمع، أم هو الرجل “المُستبد” الذي دكَّ “الكويت” – ما بين عشية وضحاها – تلك البلد العربي الشقيق!..
وهل هو ذلك الحاكم العادل حنون القلب الذي لم يبت أحدٌ جائعٌ في بلدته ويقوم بتوزيع ثروته النفطية على السكان، أم أنه الرجل الظالم الذي فتح السجون والمعتقلات تحت الأرض وعذَّب فيها من يشاء!.. سيظل التاريخ مانحًا البشر بعضًا من الحقائق حتى ولو قدَّمها مُزيلةً ببعض الأدلة وشهود العيان، ولكن دون شك إنَّه يُخفي الكثير.

قد يُدرج الغرب رؤيتهم عن رئيس العراق الأسبق على أنها مُسلمات، وربما لم تعدو كونها مجرد آراء، فلا أحد لديه مصادر أولية موثوق بها ليطرح على العالم كلامًا علميًّا لم تطلهُ آراءًا شخصية، وفي تلك السطور سنحاول أن نرى “صدام حسين” في عيون الغرب..

ترامب وصدام
ترامب وصدام

“دونالد ترامب” عن “صدام”

لم يرتكز ترامب – الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية – في تكوين رؤية عن حسين على أنه سيئًا كما يقول عنه الغرب؛ ولكنه كان يرى فيه ما لم يرهُ غيره، فقد أشاد بكيفية قضائه على الإرهاب الذي كان مُستشريًا بالعراق نظرًا لاختلاف المذاهب، وظل طوال فترة حكمه جاعلًا شعبه يحيا في أمان، وقد عبَّر ترامب عن ذلك في تجمع حاشد في ولاية كارولينا الشمالية منذ عدة سنوات، حيث قال : “ لقد قتل الإرهابيين.. لقد فعل ذلك بشكل جيد.. انتهى الأمر”.
بينما كان رأي أمريكا متمثلا في وزارة خارجيتها مُتباينًا لما ذكره ترامب، حيث أدرجت العراق كدولة راعية للإرهاب، والأكثر من ذلك اتهامهم صدام بقتل شعبه ومهاجمة الأكراد وشن حروب مع إيران، ولكن على صعيد آخر كان الغرب يخشى من ذلك الرجل مرورًا باحتمالية استيلائه على إيران التي يحكمها الأصوليون بما يشكل ذلك خطرًا على أوروبا من جهة نظرهم.

 

صدام
صدام

أسرار بأرشيف “بريطانيا” بعد ٣٠ عام

جاء بتقرير قام بجمعه محققو الفرع الخاص بالشرطة العسكرية الملكية في عام 1992، أنَّ هناك “أدلة دامغة على الانتهاكات المنهجية” لاتفاقية جنيف من قبل العراق، حسبما ذكرت نيويورك تايمز، حيث تم احتجاز 1،373 بريطانيًا كرهائن ، بما في ذلك 556 مستخدمين كـ “دروع بشرية”.
كما أظهرت “بريطانيا” ببعض السجلات التي تم إخفاؤها لأكثر من ثلاثين عامًا بالأرشيف الوطني خبايا وأسرار، وأعلنت ما فيها على مسؤوليتها أن نظام صدام قام بارتكاب ٢٠٠٠ جريمة حرب ضد البريطانيين، وحدثت تلك الجرائم عقب غزو العراق للكويت في العام ١٩٩٠..
وذكرت تلك السجلات أنَّ أكثر من 300 من هؤلاء البريطانيين كانوا على متن رحلة للخطوط الجوية البريطانية، حيث هبطت في الكويت عندما قام صدام بغزوها.

صدام
صدام

إظهار صدام الأكثر وحشية

وكانت نتائج تحقيقات أجراها محققون بريطانيون، من خلال مقابلات مع 1868 شاهدًا، وقاموا بالحصول على 725 إفادة بتعرضهم للتعذيب، وذكر المحققون أن 1944 جريمة ارتكبت ضد رعايا بريطانيين و 1506 جريمة أخرى ضد أشخاص من جنسيات أخرى.
حاول القائمون على إظهار صدام في ذلك التقرير بالأكثر وحشية واستبدادًا، محاولين تدعيم رؤاهم بأدلة كبيرة ومقنعة على الانتهاكات المنهجية التي تم ارتكابها من قِبل السلطات العراقية على حد وصفهم.

صدام يقلد طارق عزيز نيشانا
صدام يقلد طارق عزيز نيشانا

شاهِدٌ من أهلها

وفي شهادة أدلى بها الوزير الأسبق للعراق “طارق عزيز ميخائيل يوحنا” للتاريخ، حيث كان من أقرب الناس له، وأكد على عظمة صدام حسين، وأن الغرب لم يصيبوا بأى حال من الأحوال، وأنَّ كل ما يطرحه الغرب مجرد آراء شخصية، وأنَّ ذلك الرجل بنى العراق وكان وطنيًا عظيمًا جعل العراق أمة مرموقة وقوة إقليمية هامة..
وقال ميخائيل أن حُسين رسخ العراق كدولة قومية موحدة على الرغم من القوى الطاردة المركزية للمجموعات العرقية والدينية المختلفة.. وأكد أنه ينتمى إلى سلسلة طويلة من القادة الوطنيين العظماء في الشرق الأوسط مثل معمر القذافي، فرغم أن حكمهم كان حُكمًا قمعيًّا؛ إلَّا أنَّهم تحدوا الغرب في الحنكة السياسية والإيماءات الديماجوجية، وهي أحد الأساليب الأساسية في سياسة الأحزاب البرجوازية.

زر الذهاب إلى الأعلى