وائل نجم يكتب: ما هى وظيفة المحامى؟
المتتبع لجهود إصلاح منظومة العدالة سوف يلاحظ أن الدعوة إلى هذا النوع من الحوار، لا يتم إلا عندما يكثر الحديث عن ظواهر إجرامية مثل، الرشوة و الفساد و الظلم، وكثرة التصرفات و المتعسفات و الخروقات الخطيرة التي تمس حقوق الأفراد و حرياتهم و أمنهم و أموالهم، والارتباك في تدبير الشأن العام و خاصة في تدبير المال العام .
والدفاع عن حقوق الإنسان، غالبا ما يتم عبر نقابات وجمعيات ومنظمات حقوقية مستقلة مثل نقابة المحامين.
وتعتبر بحق مهنة المحاماة من أشرف المهن الحرة بحكم وظيفتها المتمثلة في الدفاع عن حقوق الناس وحرياتهم وشرفهم وكرامتهم و أمنهم القضائي.
وهي تجمع بين النبل والسمو والأخلاق الحميدة إذا أحسن استعمالها و التزم المحامي بالمبادئ النبيلة لهذه المهنةز
وهي ضرورية للعدالة بما تزيله مناقشات المحامين من غموض و التباس يكتنف القضية، فتهيئ للقاضي إصدار أحكامه.
وهي منبر لفضح خروقات حقوق الإنسان دون التقيد بالحدود الجغرافية أو باختلاف الأصل أو الجنس أو الدين أو العقيدة، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان موجه إلى جميع أعضاء الأسرة البشرية وإلى جميع شعوب الأمم المتحدة من أجل حماية الحقوق الأساسية،
مهنة المحاماة التي تعتبر أساس إصلاح القضاء وأول باب يطرقه المتقاضي هو باب مكتب المحامي الذي يوجه قضية موكله في الاتجاه الذي يراه صحيحا ذلك أن دور المحامي ليس فرعيا كما يعتقد البعض بالنظر إلى الدور الذي يلعبه القاضي في الدعوى.
اقرأ أيضا للكاتب:
وائل نجم يكتب: الزواج بالسجن والطلاق بالإكراه وعلى الأسرة السلام
وائل نجم يكتب: عزيزى المواطن لا تنزعج بشأن مشروع تعديلات أحكام قانون الإيجار القديم
وفى المنظومة القضائية، المحامي هو بمثابة العقل الذي يجعل من القانون أداة طيعة بين يديه ليفكر و يحلل و يحمي المواطنين من الخروقات، والتعسفات، و هو رجل القانون الذي يبرز للقاضي العيوب و الثغرات القانونية الموجودة بملف القضية، ويحاول إقناع هيئة المحكمة (القضاة) بإصدار حكمها العادل طبقا للقانون، ويحول دون وقوع موكله في المخاطر.
والمحامي كتاب يقرؤه القاضي ليهتدي به إلى صياغة أحكامه و قراراته و هو من ينصح موكله بإجراء صلح في القضية حتى يوفر له عناء و مشقة المتاعب التي قد يتعرض لها في دهاليز المحاكم من كثرة المساطر المعقدة و طول مدة التقاضي التي توجع رأسه ، فالمحامي الذي يتمتع بكفاءة علمية و مهنية يعمل بمنهجية و ذكاء و هو نتيجة لذلك يستحق الأتعاب المحترمة
ولا تقتصر وظيفة المحامي على المشورة والمرافعة والعمل داخل المكتب، بل أن واجباته ومسؤولياته تسمو كثيرا عن مجرد هذه الجهود التي تبذل لكسب العيش.
والمحامى ليس مطالبا بالمساهمة في إصلاح القضاء وتحسين العدالة وتطوير القانون والدفاع عن كرامة مهنة المحاماة فحسب، بل لابد له أن يفي بالتزاماته في الدفاع عن الحرية و المساواة ومهمته الأولى مجابهة مخاطر الظلم والاستبداد و الفساد في المجتمع.
ونؤكد أن دور المحامي، ووظيفته، هما أسمى وأعظم مما يتصوره البعض، فميدان مهنة المحاماة متسع اتساع الثقافة الإنسانية والمعرفة بكل آفاقها، وفي هذا الصدد فلم تعد مهنة المحاماة مجرد هيئة للدفاع عن قضية شخص معين، بل أن دورها قد اتسع ليشمل الدفاع عن قضايا الشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم.
والمحامي يتحمل مسؤولية كبيرة في تحقيق استقلال القضاء، وبدون تحقيق هذا المبدأ لن يتمكن المحامي من القيام بواجبه المهني على أحسن وجه، لأن استقلال القضاء يضمن للمحامين الشرفاء جوا صافيا و ملائما للدفاع عن الحق والعدل و المساواة، كما يضمن للأفراد حق التقاضي أمام قضاء علني نزيه و موضوعي، ولهذا أصبح استقلال القضاء من المبادئ الدستورية الراسخة في معظم بلاد العالم الديمقراطية، كما أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كرس مبدأ استقلال القضاء، فجاء في المادة العاشرة منه:
” لكل إنسان الحق على قدم المساواة في أن تنظر قضيته بصورة عادلة وعلنية، أمام محكمة مستقلة ونزيهة سواء في حقوقه والتزاماته أو في أية تهمة موجهة إليه”.
واستقلال القضاء لا يعني إطلاقا أن القاضي يفعل ما يريد، و يحكم حسب هواه ولا يسأل عن أخطائه القضائية، خاصة إذا تكررت هذه الأخطاء فأصبحت موضع شكوك وشكايات و تظلمات من طرف المواطنين، تضر بمصالح المتقاضين وحقوقهم .
حسبى الله ونعم الوكيل